روز العودة تكتب: الخوف المذموم على الأبناء

حينما تمر الابتلاءات، وتنتهي الأزمات، وتسكن الأعاصير، وتنجلي الفتنة، وتنفرج الكربات وتكون النتيجة: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾؛ فهذا هو الفوز الكبير والسعادة الحقيقية؛ فمن كانت هذه نتيجته، واستحق أن يوصف بها، ونال شرف استحقاقها؛ فهو نعم العبد الصبور الشكور حقًا.

ومن أعظم الابتلاءات- بعد ابتلاء الدين- الخوف على الذرية من فِتن الدنيا؛ فذلك الخوف يدفعك إلى إصلاح نفسك أولًا؛ ‏لأنه أساس صلاح الأبناء؛ لقوله تعالى: ‏﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾.

قال سعيد بن المسيّب لابنه ذات يوم: "لأزيدنّ في صلاتي من أجلك يا بُنيّ رجاء أن أُحفظ فيك "، ثم تلا قول الله : ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾

ولا شك في أن الخوف على الأبناء أمر فطري، ولكن ينبغي أن يكون خوفًا طبيعيًا، يدفع الأبوين إلى الأخذ بأسباب حفظهم ورعايتهم، أما المبالغة في الخوف لدرجة الخوف المذموم، فذلك أمر حذر منه الشرع، ووجهنا إلى علاجه بالتوكل على الله تعالى، واليقين بأنه- سبحانه وتعالى- ﴿ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، مع الدعاء لهم دومًا بالحفظ والثبات على الدين، والبعد عن الشهوات، واستعمال الرُّقى النبوية الواردة، كقراءة الفاتحة، والمعوذات، والدعوات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن الأمور التي قد يجهلها كثير من الآباء أن الخوف الزائد أو الخوف المذموم على الأبناء يؤثر عليهم سلبيًا؛ فيجعلهم غير قادرين على اتخاذ القرارات بأنفسهم، وكثرة ارتكاب الأخطاء والتعرض للفشل في كثير من المواقف، وعدم قدرتهم على مواجهة التحديات التي تواجههم، وعدم استطاعتهم التكيف مع البيئة المحيطة.

ومن أخطر هذه السلبيات ضعف أو عدم ثقتهم بأنفسهم، والمصيبة الأكبر لما يكبرون وهم كذلك؛ فيصبح من العسير جدًا استعادتهم تلك الثقة مستقبلًا.

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعوِّذ الحسنَ والحسينَ ويقول: "إنَّ أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامَّة، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما.

وفي سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم حسن تربية أبنائنا، وأن ينزع من قلوبنا الخوف المذموم تجاههم، وان يجعلهم لنا قرة عين.

روز العودة رئيس التحرير

اقرأ أيضًا: روز العودة تكتب: تقدير الذات