روز العودة تكتب: قوت القلوب

قوت القلوب، وقرة العيون، روح الإيمان وغذاء الروح، الغاية التي يتنافس عليها الصالحون؛ ليفوزوا بالقرب من الله ومرضاته؛ هذا هو حب الله؛ أعظم النعم التي يحظى بها العبد وينال بها خيري الدنيا والآخرة.

ومن تمتع بحب الله، وأحبه الله لقي الخير حيث كان، وجنى من ثمرات محبة الله الكثير. وأول هذه الثمار القبول في الأرض والسماء، وحب الصالحين، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ".

وهناك مظاهر لا حصر لها لحب الله ينعم بها الصالحون بها، كما ورد في الحديث القدسي الذي رواه البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ".

وقد اشتمل هذ الحديث على عدد من الفضائل للذكر والأنثى؛ أبرزها أنَّ من يحبْ الله لا يسمع إلا ما يحبه اللهُ، كما أنه لا يرى إلا ما يحبُّه اللهُ، و لا يعمل إلا ما يرضاه الله، ولا يمشي إلا لما يحبه الله؛ فهذا المحب يكون مستجاب الدعاء، ووينعم بحفظ الله من كل سوء؛ إذ قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة:165].

كيف يكون حب الله؟ وما مفتاح التقرب إليه تعالى؟

جاءت الإجابة على هذا في كتاب الله تعالى؛ إذ قال الله عزَّ وجلَّ: " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31 ". وحب الله يكون باتباع هدي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

وحب الله يرفع الخوف من القلوب، فلا يخاف المحب إلا من الله -سبحانه وتعالى-، ويتمتع بالتواضع ويتخلَّى عن الكبر على خلقه، ويجاهد نفسه والشيطان، ويتبع أوامر دينه ولا يهتم للائمين؛ إذ قال الله في كتابه الكريم: " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "(المائدة:54 ).

ويحرص الحبيب على إرضاء رب العالمين بأداء فروضه والتقرب إليه بالنوافل من صلاة وصدقات وصيام وعمرة وحج، وقيام الليل؛ فقد ورد في الحديث القدسي أنَّ الله تعالى قال: "وما زال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه".

علينا اليقين بأن الابتلاء من أعظم وأبرز وأغرب علامات حب الله تعالى؛ إذ يعد امتحانًا للعبد؛ فهو الدواء الشافي للمسلم، فقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه الألباني: " إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم، فمَن رَضي فله الرِّضَى، ومَن سخِط فله السَّخطُ".

روز العودة رئيس التحرير

اقرأ أيضًا: روز العودة تكتب: روحانيات رمضان