هالة أبو علم لـ"الجوهرة": الإعلاميات السعوديات تميزن بالحنكة والكفاءة (حوار)

رحلة حلم طويلة حطمت فيها الدكتورة هالة أبو علم كلمة "مستحيل" وأخرجتها من قاموس "حياتها" وهي تخطو خطواتها الواثبة إلى "عرين" الإعلام الذي كان يسيطر عليه الرجل!

وشغلت "أبو علم" العديد من المناصب القيادية في مجال الإعلام المصري منها "نائب رئيس قناة النيل الدولية، ورئيس الإدارة المركزية للأنباء والتحليل السياسي"، وهي حاصلة على الدكتوراة في الإعلام من أكاديمية جون هيفر بلندن، وزمالة كلية الدفاع أكاديمية ناصر العسكرية ودراسات عليا فى العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، وتعد رسالة ماجستير عن الروائي والكاتب الراحل والأديب فتحى غانم باكاديمية الفنون.

كما حصلت على العديد من الجوائز وميداليات التكريم كأفضل مقدمة نشرة أخبار وأفضل مذيعة فى برنامج "صباح الخير يامصر" لثلاث سنوات متتالية، وأفضل مقدمة برامج سياسية.

وفي حوار خاص لـ"الجوهرة"، أعربت هالة أبو علم عن الطفرة الاستثنائية التي حدثت بالمملكة وما تحقق للمرأة السعودية بفضل رؤية 2030 الثاقبة لصاحب السمو الملكى الامير محمد بن سلمان ولى العهد.

وأكدت في حوارها أن المرأة المصرية والعربية استطاعت أن تكون ندًا للرجل فى مجال الإعلام المصري والعربي.

وأثنت "أبو علم" فى حوارها، على دور الإعلاميات السعوديات، مشيرة إلى أنهن يتميزن بالحنكة والخبرة والكفاءة لتزدهر صورة الاعلام السعودي وينير الفضاء العربي والعالمي.

علامات استفهام كثيرة رسمت خيوط هذا الحوار!

الإعلامية الدكتورة هالة أبو علمالإعلامية الدكتورة هالة أبو علم

حلمتي أن تكوني مذيعة منذ الطفولة؛ فجاء اختيارك للإذاعة بدايتك الحقيقية في المجال الاعلامي وليس صاحبة الجلالة حلم الكثير في ذلك الوقت؟

حبي للغة العربية ونطقها وكتابتها شكل حلمي أن أكون مذيعة في الإذعة المصرية؛ إذ تربت أذني على أصواتها الإذاعية والغنائية المؤثرة – كنت اقرأ كثيرًا منذ سن صغيرة وهو ما أوصلني إلى حد الامتلاء حتى تولد بداخلي رصيد كبير من الثقافة والمعرفة وأحسست أن لدي ما أقوله وأعبر عنه بالصوت والكلمة.

لكن هذا لا يمنع أن لدي ملكة الكتابة؛ إذ كتبت في جريدة "الخميس"، ومجلة "أكتوبر"، وبعض المجلات العربية، واكتب باستمرار على صفحتي بـ"الفيس بوك" قصص قصيرة وخواطر شعرية ومقالات.

هل تتفقي مع ما يرددونه الآن بأن «نجومية» الإذاعة اليوم اختفت في مواجهة الفضائيات؟ أم لا زالت الإذاعة «تصمد» في حصد جماهيرتها وسط ظاهرة اذاعات الإنترنت المنتشرة اليوم؟!

في الحقيقية لا اتفق مع من يقولون إن نجومية الإذاعة اختفت لصالح الفضائيات، لازالت الإذعة تتمتع بجمهور كببير يحبها ويحب الاستماع إلى برامجها القصيرة المتنوعة. والراديو سهل الاستخدام لأنك تسمعه أثناء قيادة السيارة أو في أي غرفة بالمنزل أو لو تريد الاستماع إلى الأغاني والمسيقة أثناء انشغالك بعمل شيئ ما.

ولا اكتمك سرًا أن الجمهور بدأ ينصرف عن الفضائيات لصالح المنصات والسوشيال ميديا والراديو، فلم يعد لدينا الوقت للجلوس بالساعات امام الشاشات كما كان في الماضي، إلا إذا كان هناك فيلم أو برنامج بعينه تحب أن تشاهده.

الإعلامية الدكتورة هالة أبو علمالإعلامية الدكتورة هالة أبو علم

كيف تنظرين للإعلام اليوم بعد رحلة عمل طويلة وهو الذي يعيش عصر الثورة الصناعية الرابعة ما بين الرقمنة والذكاء الاصطناعي؟! وماذا عن الجيل الجديد من الإعلاميين؟!

فعلا هناك إعلام حديث وإعلام قديم، وهذه هي سنة الحياة فالحياة في تغير دائم ومستمر، لكن وبرغم التطور الذي شهدته تكنولوجيا الإعلام الجديد إلا أنها لم تلغي وسائل الاتصال القديمة ولكن طورتها وغيرتها بشكل ضخم. كما أدت إلى اندماج وسائل الإعلام المختلفة التي كانت في الماضي وسائل مستقلة لا علاقة لكل منها بالأخرى مثل اندماج الصورة مع الاذاعة المسموعة، واندماج السوشيال ميديا مع الصوت والصورة.

ولكن من وجهة نظري أن الإعلام ليس فقط وسيلة اتصال لكنه سلاح وسلاح خطير إذا أسيئ استخدامه لأنه قادر على اختراق الأمن القومي لأي بلد وتدميره من الداخل مثلًا في مصر وقبل عام 2011 كان هناك وزارة للإعلام وهي وزارة سيادية مثلها مثل وزارة الدفاع، والداخلية، والخارجية، وتتبع لرئيس الجمهورية مباشرًا نظرًا لأهمية هذه الوزارة السيادية بالنسبة لأمن الوطن وسلامته.

وبالنسبة للجيل الجديد من الإعلاميين فتوجد نسبة كبيرة منهم أكفاء يعملون على تطوير أنفسهم باستمرار ويمتلكون حضورًا وطلة جميلة على الشاشة.. لكن الغالبية للأسف ليس في مستوى مهنية الجيل القديم من الإذاعيين والإذاعيات الذين كانو يهتمون بالمضمون أكثر من الشكل الخارجي، وكانت لديهم كارزيما وحضور وثقافة وشخصية متفردة لكل منهم، وبالتالي حازو على حب الجمهور واحترامه وحفرو اسمائهم بجهدهم واجتهادهم في لوحة شرف التاريخ، حتى الآن نذكرهم ونترحم على من فارقنا منهم.

برنامج "ساعة سياسة " الأقرب إلى قلبي

كيف تقيمين دخول المرأة المصرية مجال الإعلام السياسي؟! وأي البرامج السياسية كانت أقرب إلى قلبك "ساعة سياسة" أم "اتجاهات"؟! ومن صنع نجوميتك البرامج السياسية أم نشرة الأخبار أم برامج الـ"توك شو" مثل "صباح الخير يامصر"؟!

هناك مذيعات كثيرات قمن بتقديم البرامج السياسية ونجحن فيها باقتدار واستطعن اقناع المشاهد.. برنامج "ساعة سياسة" هو الأقرب إلى قلبي ولكن برنامج "العالم بين يديك" حقق لي نجاحًا وشهرة واسعة لأنه استمر سنوات طويلة ومثل بدايتي مع البرامج السياسية والاخبارية أما نشرة الاخبار؛ فهي الإطار الذي غلف مسيرتي المهنية فهي كانت قبلة الجميع لمعرفة آخر الأخبار والأحداث اليومية ولم أتوقف عن قرائتها في يوم من الأيام.

أما برنامج "صباح الخير يامصر"؛ فكان المجلة المتنوعة اليومية التي ينتظرها الجمهور في مصر والعالم العربي بشغف وترقب شديد، هذا الجمهور الذي شاهدني في حلة جديدة لم تقتصر فقط على تقديم الفقرات السياسية والجادة فقط ولكن أيضا الفنية والأخبار الخفيفة وهو ما مثل شكلا جديدا وأظهر جانبًا آخر يختلف عن الأداء الجاد في نشرات الأخبار والبرامج السياسية.

كنت المرأة الوحيدة التى تقدمت إلى اختبار قطاع الأخبار بالتليفزيون المصري رغم أنهم كانوا يبحثون عن الرجال؛ فهل كان نوعًا من التحدى أم الثقة وهي إحدى سمات "ابو علم"؟!

هو نوع من الشغف باللغة العربية لأن في رأيي قراءة نشرات الاخبار فن لا مهنة.. الفن فيها يرجع إلى درجة تمكن قارئ النشرة من نطق اللغة العربية السليمة. والأداء المهني المميز والشخصية ذات الخلفية الثقافية والفكرية المطلعة بشكل دائم وهذا يؤدي إلى ثقة المذيع بنفسه وقدرته على أداء مختلف الأنماط الإذاعية بثبات وحرفية متقنة.

هل تعتزين كاقارئة نشرة باعتبارها الأعلى درجة في الإذاعة أو التليفزيون أم ماذا؟! ولماذا جاء اختيارك علي إذاعة الشرق الاوسط وليس البرنامج العام التى كانت في الصدارة وقتها؟!

اعتز كثيرًا بقراءتي لنشرات الأخبار على القناة الأولي بالتلفزيون المصري العريق من مبنى ماسبيرو قبلة الإعلاميين في الوطن العربي كله. بما يتطلبه ذلك من مواصفات خاصة بقارئ النشرة أهمها المصداقية.. وأنا "هنا" أتذكر جملة كتبها عني الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ/ مفيد فوزي - في مجلة "صباح الخير"، الذي قال فيها: "أهم ما يميز هالة ابو علم أننا نصدقها عندما تقرأ نشرة الأخبار".

إذاعة الشرق الأوسط تتميز بالتنوع في البرامج وكل مذيعيها نجوم، فهي الإذاعة الوحيدة التي يقدم فيها المذيع كل أشكال الفن الإذاعي، من قراءة نشرات على الهواء، وبرامج مسجلة مختلفة ومتنوعة، على عكس الإذاعات الأخرى التي تفصل بين مذيع الهواء ومقدم البرامج.

برنامج «نقطة البداية» هل كان فعلا نقطة بداية انطلاق لك؟!

برنامج "نقطة البداية" في إذاعة الشرق الأوسط، قدمته في بدايتي واستمر لأكثر من دورة إذاعية حقق لي شهرة واسعة عرفني الجمهور من خلاله قمت بالتسجيل فيه مع قامات كبيرة في مجالات مختلفة مثل الفن والادب والطب والصحافة والسياسة مما شكل لي خبرة كبيرة افادتني في مجلي الاذاعة والتلفزيون بعد ذلك .. وبالتالي فبرنامج نقطة البداية كان هو نقطة الانطلاق لي.

رغم أنكم في بيت يجمع بين الرياضة والسياسة لكن لم تفكري يوما في تقديم برنامج رياضى؟

قدمت بالفعل برنامج رياضي في إذاعة الشرق الأوسط اسمه "خمسة رياضة"، كان يعده الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ/ محمود معروف، وكان يتناول أهم الأحداث الرياضية في مصر والعالم، لكن لم تسمح لي الظروف بعد ذلك لتكرار هذه التجربة مرة اخرى.

كيف تقيمين دخول المرأة العربية بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة مجال الإعلام والإعلام السياسي بشكلا خاص؟ وهل استطعن أن يحققن نجاحات ومنافسات حقيقية أمام الرجل؟

لقد نجحت المرأة المصرية والعربية نجاحا ساحقًا في مجال الإعلام واستطاعت أن تثبت جدارتها وكفاءتها بكل سبات وثقة.. فوجدنها محررة، ومراسلة، ومصورة، ومخرجة، ومذيعة، وصحفية، ومحللة سياسية، ومديرة ناجحة.

كما أثبتت بالفعل قدرتها اللامحدودة على التعامل بكل كفاءة مع كل وسائل الاتصال والإعلام سواء المرئي أو المسموع أو المقروء، واستطاعت أيضًا أن تكون ندًا للرجل، بل وفي كثير من الأحيان أن تتفوق عليه في هذا المجال.

الإعلامية الدكتورة هالة أبو علمالإعلامية الدكتورة هالة أبو علم

ظهرت قضايا وظواهر سلبية بمجتمعاتنا العربية مثل التحرش الجنسي والتنمر وغير ذلك.. كيف تنظرين لمثل هذه الظواهر؟ وكيف يمكن معالجتها إعلاميا من وجهة نظرك كإعلامية كبيرة؟

عندما يتراجع دور الأسرة والتعليم والإعلام، تبرز وتظهر هذه الظواهر السلبية الحديثة على مجتمعاتنا الإسلامية والعربية.

والحل يبدأ من الأسرة، من الأب والأم الذين يمثلون قدوة للأبناء من خلال الحوار والفعل والسلوك، ونبذ كل ما من شأنه أن يؤثر تأثير سيئ على الأبناء.

وأن يعود دور المدرس والأستاذ الجامعي الذي يساهم في التربية والتوجيه بالمدرسة والجامعة. وأن يقوم الإعلام بدوره الرائد في المجتمع من خلال رفع الوعي وتنمية الفكر وتقديم برامج وإنتاج درامي يركز على النماذج الإيجابية في المجتمع ومعالجة الأفكار السلبية بصورة غير مباشرة.

أصبحت الأسرة العربية مهددة كثيرًا بفيروس اسمه الطلاق المبكر وكذلك عزوف الكثيرين والكثيرات عن الزواج.. هل لوسائل التواصل الاجتماعي دور في ذلك؟!

أظهرت الإحصائيات بالفعل ارتفاع نسبة الطلاق المبكر في المجتمعات العربية، واعتقد أن الأسباب ترجع مرة أخرى للتنشئة والتربية والظروف المجتمعية ككل، وعندما يعاني مجتمع ما من أمراض اجتماعية وثقافية واقتصادية لاشك أن ذلك يؤثر تأثيرًا سلبيًا على الأسرة العربية واختلال مفهوم الزواج لدي الكثير من الشباب والشبات وطغي الخيال والأحلام وعدم الصراحة على الحقيقية والواقع والصدق المؤسس لنجاح العلاقة الاسرية السليمة.

ويعد الخوف من تحمل المسؤلية والمعانة من أجل توفير لقمة العيش، وعدم وجود الشريك المناسب.. من أهم أسباب عزوف الكثرين والكثيرات عن الزواج.

الإعلاميات السعوديات تميزن بالحنكة والكفاءة

حصلت المرأة السعودية على الكثير من الحقوق مع رؤية 2030.. فما رأيك فيما حصلت عليه؟ وكيف ترين نجاحات الإعلاميات السعوديات؟

في الواقع أنا معجبة جدًا بالرؤية الجديدة 2030، والطفرة الاستثنائية التي حدثت في المملكة العربية السعودية بفضل الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي استطاع أن يتغلب على الكثير من التحديات في الفترة الماضية، وأن يقوم بدفع عجلة الإنجاز والتطوير والتنمية في المملكة، بما يسهم في تحقيق اقتصاد مزدهر، وبيئة جاذبة للاستثمارات، تحقق جودة الحياة للمواطن السعودي، وبما يجعل المملكة العربية السعودية وجهة عالمية رائدة ونموذج يحتذى به على المستوى الدولي.

وقد أثبتت المرأة السعودية كفاءتها وجدارتها، واستطاعت أن تخطو خطوات تاريخية مشرفة تتناسب مع ثقافة المجتمع ومتغيرات العصر من خلال الدور الكبير الذي يقع على عاتقها في عملية التنمية داخل المملكة، بدءًا من بيتها حتى لعبها دورًا محوريًا في تحقيق الرفاهية والتقدم والتطور للمجتمع السعودي ككل؛ لذلك فقد أصبحت صورة مشرفة للمراة العربية في كل المحافل الدولية.

وقد أصبحنا نرى إعلاميات سعوديات يتميزن بالحنكة والخبرة والكفاءة؛ لتزدهر صورة الإعلام السعودي وينير الفضاء العربي والعالمي.