صبحة بغورة تكتب: تعويد الأطفال على الصـــــلاة

لماذا يلقى الوالدان صعوبة في تعويد أطفالهما على الصلاة؟ ولماذا يتثاقل الأطفال عن الصلاة ويختلقون أعذارًا للتهرب من أدائها؟ وكيف يتم تعويدهم عليها والإسراع إلى القيام بها؟ والإجابة يلخصها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " مُروا أولادَكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع".

من المهم أن يُعوِّد الوالدان طفلهما على الصلاة في سن مبكرة، والحرص على وجوده بالقرب منهما خلال أدائهما الصلاة؛ فهذا يجعله يلاحظ حركاتهما فيقلدهما؛ إذ غالبًا ما يستمتع الأطفال بطريقة تكبيرة الإحرام وترديدها بصوت عال.

لماذا نصلي؟

والتكرار بصفة عامة عبارة عن ترسيخ للسلوك، فإذا ما بلغ الطفل السابعة من عمره وجد أن محاولات إلزامه بالصلاة قد سبقها التزامه في نفسه، ثم يتبقى ما يجب أن يقال له حينها؛ وهو لماذا نصلي؟ فالمسألة لا يجب أن تترك عادة فقط، بل لابد من ترسيخها كثقافة؛ بمعنى أن يستند سلوك الصلاة عند الطفل إلى مفهوم العبادة، وأن المداومة على العبادة تضمنها قوة الإيمان، والإيمان يتغذى بالمعرفة أي معرفة أهمية الصلاة ، وتوعيته بان الله يحب الذين يقيمون الصلاة ويداومون عليها؛ وبذلك يتشكل في وجدانه غذاء العقل الذي سيعمق إدراكه بمعنى الإيمان وروح العبادة.

إن الإلحاح على الطفل بضرورة إقامة الصلوات الخمس يوميًا لا يضمن- بعد مرور فترة- بقاء اهتمامه بها؛ إذ قد ينشغل عنها بمجرد رؤيته لعبة جديدة أو ممارسة مرحه الطفولي مع أقرانه في أول فرصة تتاح له، أو مشاهدة برنامج تلفزيوني جديد للأطفال؛ فهذه طبيعة الأشياء التي تستغرق وقتًا قد يطول إلى أن يزاول دراسته الابتدائية.

الذهاب إلى المسجد

في المدرسة يتلقى الطفل دروسًا في التربية الدينية، وتتوحد معارفه بين البيت والمدرسة، ويكون مهيأً للتذكير المستمر بالصلاة في وقتها، بل سيكون سعيدًا عندما يرافق أباه إلى المسجد؛ حيث لا يرى نفسه غريبًا وسط جموع المصلين؛ إذ يفعل ما يفعلونه وعلى نفس المنوال الذي تربى عليه.

سيجد نفسه فردًا مهمًا تقوى به الجماعة حين يصدح بصوته مسموعًا في تكبيره، وفي تأمينه وراء الإمام بعد فاتحة الكتاب؛ فذلك أثر صلاة الجماعة في نفوس الأطفال، إنها غذاء الروح الذي يخلق في جسده الخشوع في الصلاة.

احترام الصلاة

سيكون على الطفل حفظ فاتحة الكتاب، وبعض قصار السور، أو بعض الآيات من الذكر الحكيم، قبل بلوغه سن السابعة، وعلى الوالدين الاهتمام كثيرًا بتربيته على احترام الصلاة، وعدم المرور بين يدي من يصلي، وعدم الصياح أو إحداث فوضى حول المصلي.

ويجب تعليمه أيضًا، الحفاظ على نظافة بدنه، وملبسه، وطهارة المكان المخصص للصلاة، ونظافة المنزل بصفة عامة. وعلى الأم مراقبة قواعد النظافة باستمرار، والحرص على أن تكررعلى مسامع طفلها ذلك كلما همّ إلى الصلاة؛ حتى تصبح الطهارة والصلاة جزءًا من مفردات حياته اليومية، وإفهامه أنه بذلك يكون قد تقرب إلى الله تعالى، ثم تحفيظه الأدعية والاستغفار دبر كل صلاة لجني ثمار التقرب إلى الله خالقه؛ بمغفرة الله ورحمته.

الجانب الروحي

وعلى الوالدين استغلال شهر رمضان المبارك لتنمية الجانب الروحي لدى الطفل؛ بمرافقة أبيه إلى المسجد، ومعايشته متعة التسامي الروحي والأجواء الرمضانية والنفحات الإيمانية، خاصة عندما يرى أقرانه يواظبون على التوجه نحو المسجد؛ فيجد نفسه مدفوعًا- عن رضا- إلى مشاركتهم فعل الخير والإقبال على مظاهر التعاون والتكافل مع الفقراء والمحتاجين.

وليحذر الوالدان من لجوء الطفل إلى التحايل بادّعاء أنه صلى في غرفته، فعليهما حينها مجاراته بالقول أنه بذلك يستئثر بالبركة في حجرته، ثم يدعوانه بلطف إلى الصلاة في حجرتهما ليباركها بصلاة النوافل فيها؛ فذلك يمنعه من التحايل.

صبحة بغورة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ