مجلس التعاون الخليجي وتمكين المرأة

نجحت المرأة في كافة أنحاء العالم في أن يكون لها بصمة ودورًا ومكانة كبيرة ليس في مجال واحد فقط، بل في العديد من المجالات المختلفة، وذلك في ظل دعم مجلس التعاون الخليجي لملف تمكين المرأة.

مجلس التعاون الخليجي

وتعمل دول مجلس التعاون الخليجي على تمكين المرأة، من خلال دخولها سوق العمل عبر تنفيذ إصلاحات تحفزها وتوفر لها الحماية.

وتضمنت هذه الإصلاحات وفقًا لتقرير البنك الدولي الذي صدر تحت عنوان «المرأة وأنشطة الأعمال والقانون»، منع التمييز على أساس النوع في التوظيف والحصول على الائتمان، ومنع فصل النساء الحوامل من العمل.

ويرجع ذلك بفضل الكثير من الإصلاحات على مدى السنوات العديدة الماضية، التي لم تزد نسبة توظيف المرأة فحسب، بل أصبحت أكثر قبولًا بالقطاعات التقنية التي يُهيمن عليها الذكور في العادة.

وقبل الحديث عن دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تمكين المرأة، نسلط الضوء على مجلس التعاون الخليجي أو مجلس التعاون لدول الخليج العربي؛ فهو منظمة إقليمية سياسية، اقتصادية، عسكرية وأمنية عربية تضم ست دول عربية، تطل على الخليج العربي، وتشكل غالبية مساحة شبه الجزيرة العربية، وهي: «المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، قطر، ومملكة البحرين».

وتأسس مجلس التعاون الخليجي في 25 مايو 1981م، وذلك بالاجتماع المنعقد في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وكان أمير الكويت السابق الشيخ جابر الأحمد الصباح صاحب فكرة إنشائه، ويتولى منصب الأمانة العامة للمجلس جاسم البديوي، والمقر الرئيسي للمجلس هي مدينة الرياض.

ويهدف المجلس لتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء بكافة الميادين وصولًا إلى وحدتها، والعمل على تعميق وتوثيق الروابط والصلات، وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.

كما يهدف المجلس لدفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة العديد من المشاريع المشتركة، بالإضافة إلى تمكين المرأة، وهذا ما سنتطرق إليه خلال السطور التالية.

ملف تمكين المرأة

ركز مجلس التعاون الخليجي على دعم المرأة بشكل كبير في العديد من المجالات المختلفة، كما حرصت دول المجلس على دعم دور المرأة بشكل بارز، من خلال اتخاذ العديد من الإجراءات والتشريعات؛ إذ أنشأت الآليات والمؤسسات والمراكز المتخصصة بشؤون المرأة، لتعزيز مكانتها والحفاظ على حقوقها وتوفير الحياة الكريمة لها.

وتعتبر المرأة الخليجية ركنًا أساسيًا في قصة نجاح إعداد أجيال المستقبل، كما أنها صاحبة بصمة متميزة في مجالات صنع القرار؛ إذ تمكنت من التأثير برؤيتها ورسالتها ومشاركتها الفاعلة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقنية.

وأثبتت المرأة الخليجية نفسها في كافة المجالات التي خاضتها، وحققت العديد من النجاحات والإنجازات التي يفتخر بها، وظهر ذلك جليًا في مؤشر سيدات الأعمال الخليجيات الذي بلغ 24 سيدة أعمال خليجية خلال عام 2022م.

وكذلك وجودها ضمن مؤشر أقوى 50 سيدة أعمال في الشرق الأوسط، ذلك الأمر الذي يجسد الدعم الكبير الذي تقوم به دول مجلس التعاون الخليجي للمرأة الخليجية في تعزيز مكانتها إقليمًا وعالميًا.

المرأة الخليجية ومشاركتها في مسيرة البناء

بسبب دعم دول مجلس التعاون الخليجي، أصبح العالم شاهد على إنجازات المرأة الخليجية الكبيرة التي حققتها في مسيرة البناء والتنمية بالمجتمعات الخليجية في مختلف المجالات، ومنها مجال التكنولوجيا والتعلم الرقمي؛ إذ تم توظيف المرأة بالمناصب القيادية والإدارية بهيئات المعلومات والحكومات الإلكترونية، وتشجيعها على التحدي والابتكار.

كما تم تحفيز المرأة لتطوير قدراتها في المجالات التقنية للعمل على خلق فرص الاستثمار وريادة الأعمال والتنمية المستدامة، هذا إلى جانب ما تمكنت المرأة الخليجية من إثباته خلال تعاملها مع جائحة فيروس "كورونا" بعد التحول الرقمي السريع في التعليم والاتصال والخدمات الحكومية الأخرى.

ويواصل المجلس دعم وتشجيع المرأة بكافة الوسائل المتاحة لأداء رسالتها السامية في المجتمع، والاهتمام بالقضايا العالمية التي تشكل معوقًا للعمل على تقدم المرأة في مناطق متعددة من العالم، كالنزاعات المسلحة والعوز الاقتصادي، وسوء المعاملة والاستغلال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

بعد النجاح الكبير الذي قاموا بتحقيقه، أصبح المرأة الخليجية قدوة للنساء في جميع أنحاء العالم العربي بدخولهن مجال العمل في الكثير من المجالات وتحقيقهن إنجازات على مستوى العالم العربي والعالمي، إلى جانب الخدمات الجليلة التي قدمتها من خلال مسيرة العمل الخليجي المشترك. فكانت المرأة الخليجية دائمًا عند مستوى المسؤوليات والمهام المناطة بها لتعزيز المسيرة المباركة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الفائزات بمنحة التعليم التنفيذي في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2023

مؤخرًا، أعلنت كلية ستيفن إم روس لإدارة الأعمال في جامعة ميشيغان، عن أسماء الفائزات بمنحة التعليم التنفيذي في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2023؛ إذ قامت بتقسيم المنح الدراسية إلى فئتين اثنتين:

- الفئة الأولى، تمكين دور المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي؛ لتعزيز وتمكين المديرين التنفيذيين الطموحين والملتزمين بسياسات التنوع بين الجنسين إلى جانب تمكين النساء الراغبات في تعزيز مهاراتهم القيادية.

- الفئة الثانية، هذه الفئة تم إطلاقها مؤخرًا هذا العام، تحت عنوان "الريادة الخليجية في الاستدامة"؛ وصممت هذه الفئة لزيادة الوعي بتأثير الاستدامة على النظام البيئي الاقتصادي بأكمله، بالإضافة إلى تكريم الفائز بمهاراته القيادية في الاستدامة بنجاح وفعالية كإستراتيجية موحدة على مستوى المؤسسة.

وفازت بمنحة «تمكين المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي»، نيكيتا كانداث، وهي مديرة التسويق الإقليمي للأسواق الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى «كومسكوب».

كما حصلت نيتياشري بهات شاه، وهي مؤسس شركة «أيفيتاث» المتخصصة بصحة الأمومة على منحة «لريادة الخليجية في الاستدامة».

وأوضحت جهاد سراج؛ رئيس العمليات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى كلية ميشيغان روس لإدارة الأعمال، أنها سعيدة بتقديم هذه المنحة الدراسية مرة أخرى بعد نجاحها في عام 2019، في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي اللتين تدافعان عن تمكين المرأة واستدامتها.

وكشفت عن سبب اختيارها هؤلاء النساء لهاتين المنحتين، مؤكدة أن الاختيار لهما يرجع لمساهمتهن الملحوظة والتزامهن بالنهوض بالمرأة في القيادة والممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في مكان عملهن وضمن مجتمعاتهن.

نماذج متميزة

هناك نماذج عديدة للنساء المتميزات الناجحات اللاتي استطعن وضع بصمة في العالم العربي، ومن بينهن:

بسمة الميمان

بسمة بنت عبد العزيز الميمان، من أبرز النساء اللواتي استطعن بفضل جهودهن الوصول لمناصب هامة؛ وهي إحدى مؤسسي السياحة في المملكة العربية السعودية.

وتشغل منصب المدير الإقليمي لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.

وكانت تعمل مديرة لإدارة اللجان والمنظمات الدولية في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بجانب كونها ضابط الاتصال والمسئولة عن ملف علاقة المملكة بالمنظمة.

وبسبب خبرتها التي تزيد عن 17 عاما؛ كان تركيز الميمان يصبّ في تطوير وتعزيز علاقات المملكة مع المنظمات الدوليّة المرتبطة بأعمال الهيئة كالبنك الدولي، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وغيرها.

كما كانت عضو مجلس إدارة المؤسسة الدولية للسياحة المستدامة والحد من الفقر "ST-EP" عن إقليم الشرق الأوسط، وعضو مؤسس -عن إقليم الشرق الأوسط- في لجنة البرامج والميزانية، التابعة للمجلس التنفيذي في المنظمة.

واستطاعت بسمة الميمان أن تحقق للمملكة اﻟﻌرﺑﯾﺔ السعودية لملف العلاقة بالمنظمة ﺳﺟﻼً ﺗﺎرﯾﺧﯾًﺎ ﻓﻲ أﮐﺎدﯾﻣﯾﺔ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺳﯾﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ (ﻣؤﺳﺳﺔ تيميس سابقًا)، وذلك عن طريق تحقيق رقمًا قياسيًا من الأنشطة التعليمية والتدريبية، الذي يعتبر هو الأعلى بين جميع الدول الأعضاء.

كما ساهمت الميمان بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية في إجراء دراسات وطنية متعلقة بالسياحة، كما تم تصنيفها في المرتبة الـ١٣ ضمن أقوى ١٠٠ امرأة عربية لعام ٢٠٢٠ والوحيدة من قطاع السياحة في المنطقة التي سجلت لنفسها موقعًا بهذا التصنيف العريق.

كما أنها تعتبر أول مسؤول خليجي في المنظمة وأول سيدة في هذا المنصب في تاريخ هذه المنظمة الدولية، وحصلت الميمان على درجة بكالوريوس في الأدب الإنجليزي واللّغويّات من جامعة الملك سعود، وماجستير في إدارة الأعمال MBA مع مرتبة الشرف من جامعة الفيصل في الرياض، وبتعاون مشترك مع جامعة أوكسفورد البريطانية، كما درست ريادة الأعمال والقضايا الإدارية المقارنة.

وحصلت أيضًا على شهادات متخصصة متقدمة في العلاقات الدولية والقانون الدولي والشئون الاقتصادية والدبلوماسية من معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية.

الدكتورة سعيدة جعفر

الدكتورة سعيدة جعفر؛ مواطنة إماراتية، تشغل منصب المدير الإقليمي لشركة فيزا ونائب الرئيس الأول لعملياتها في دول مجلس التعاون الخليجي.

كما أنها عضو في مجلس أمناء جامعة الكويت، وكانت عضو مجلس إدارة غير تنفيذي في البنك العربي المتحد وشركة إشراق للضيافة، وكذلك عضو مجلس استشاري في خليج البحرين للتكنولوجيا المالية.

وشغلت الدكتورة سعيدة جعفر قبل انضمامها إلى شركة فيزا، منصب المدير الإداري في ألفاريز آند مارسال، وهي الشركة الرائدة في مجال تحّول الشركات وإعادة هيكلتها.

واضطلعت قبل ذلك بمناصب قيادية في المنطقة لدى كل من «بين آند كومباني» و«ماكينزي آند كومباني».

الدكتورة سعيدة، حاصلة على بكالوريوس العلوم في الهندسة الطبية الحيوية من جامعة بوسطن، كما أنها حازت على درجتي ماجستير العلوم والدكتوراة في الهندسة الكيميائية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

في النهاية، نلاحظ أن مشاركة النساء في القوى العاملة خلال العقود القليلة الماضية شهدت زيادة كبيرة على مستوى العالم؛ ففي البلدان المتقدمة نجد أن أكثر من نصف النساء ممن هن في سن العمل يشغلن وظيفة ما. ويواصل مجلس التعاون الخليجي دعم المرأة، لتنال كافة حقوقها ليس فقط للدول الأعضاء ولكن لجميع دول العالم العربي.

 

اقرأ أيضًا: الدكتورة «سعيدة جعفر» مديرًا إقليميًا لمجموعة فيزا ودول مجلس التعاون الخليجي