قلعة بريجانسون.. عطلة الرئيس ماكرون وزوجته في السكن الأسطوري

رسالة باريس: خالد سعد زغلول

عاد الرئيس إيمانويل ماكرون وحرمه سيدة فرنسا الأولى برجيت، من العطلة الصيفية التي استمرت ثلاثة أسابيع، إلى مزاولة عمله بندوة حكومية الإثنين 28 أغسطس ثم لقائه بسفراء فرنسا في الخارج بقصر الإليزيه. حيث ألقى عليهم خطابا حدد فيه معالم سياسته الخارجية الجديدة، قبل أن يعقد مجلس الوزراء أول اجتماع له بعد العطلة في 30 أغسطس.

هذه المرة، كان جدولالرئيس الفرنسي مزدحم وأغلب الشعب غاضب من عدة أمور سياسية واقتصادية وصحية. لهذا تخللت عطلته اجتماعات وطنية ودولية عبر الفيديو.

وكما قال قصر الإليزيه لـ"الجوهرة"، فإن العطلة الرئاسية كانت مجتهدة وليست للرفاهية كان "صيف التركيز والعزيمة".

لكن الرئيس ماكرون وزوجته يفضلا قضاء عطلة هادئة بعيدًا عن الأنظار في "قلعة بريجانسون" السحرية الحصينة Fort de Brégançon ))، المقر الصيفي لرؤساء الجمهورية الفرنسية المبني في القرن العاشر والواقعة بإقليم فار بالمنطقة الساحلية بروفنس ألب كوت دازور جنوب شرق البلاد.

يقع هذا المنتجع على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، قرب أراضي بلدية بورميس ليه ميموزاس، على قمة صخرية تعلو 35 مترًا فوق سطح البحر. وقد أمر الجنرال شارل ديجول ببناء رصيف للمراكب، والذي يستخدمه الرؤساء أيضًا كمهبط للطائرات العمودية.

كان حصنًا عسكريًا في القرن السابع عشر. لذلك يحتفظ المكان بجانب عسكري للغاية. ويتم مراقبة المكان على مدار الساعة من قبل حراس من رئاسة الجمهورية. يسمح نظام التشويش الأمني لرئيس الدولة بعدم تصويره أو إصابته بنيران طائرات بدون طيار محتملة.

بالإضافة إلى حوالي ستين من رجال الشرطة والدرك يراقبون الساحل ويمنعون القوارب من الوصول إلى المرسى ضمن مسافة 300 متر من الحصن. كما يحرس سماء القلعة قوات الجوية الفرنسية ترقبا لهجوم سمائي عبر طائرات حربية أو مسيرة.

[caption id="attachment_230352" align="aligncenter" width="650"]عطلة الرئيس ماكرون وزوجته في السكن الأسطوري الحصن الأسطوري[/caption]

يعتبر الزوجان الرئاسيان من محبي قضاء عطلاتهم في هذا الحصن البديع، على عكس بعض أسلافهما، فقد قضيا إجازتهما عدة مرات في هذا السكن الصيفي الأسطوري وبانتظام منذ عام 2018. حتى أنهما بنيا مسبحًا كبيرًا فيه، لتجنب الرحلات الطويلة إلى الشاطئ والاختلاط بالجماهير التي كانت كل عام تراهما بملابس البحر. لكن كلفهما هذا انتقادات المعارضة، لا سيما بسبب تكلفة البيسين العالية (أكثر من 60000 يورو). ناهيك على ارتفاع نفقات تأمين منطقة الاستحمام البحري للرئيس، والتي تنص على نشر الغواصين المحترفين والقوارب من الدرك الوطني، يتطلب الأمر 60 ألف يورو لكل حمام بحري. وبالتالي فقد طلب الرئيس بناء حمام سباحة فوق سطح الأرض بسعر 34000 يورو للسباحة على أن يكون محميًا من الصحفيين وعدساتهم.

رغم ان الرئيس ماكرون يفضل ألف مرة البحر على المسبح لكن احترامًا لرغبة زوجته وليترك أثرا لمن يخلفه بعده للتمتع به بعيداً عن أعين الشعب. لكن الفرنسيون استمتعوا بمرح ماكرون في البحر العام الماضي كالطفل وهو يركب زورق البحر بسرعته القصوى بينما تتابعه زوجته برجيت من على يخت رئاسي جميل فهي تخشى أن تسقط منه بسبب سرعته القصوى فكان يمازحها بأن يرشها بدراجته البحرية بمياه البحر.

يقضي رؤساء فرنسا عادة عطلتهم السنوية في المقر الرئاسي ببريجانسون بمرسوم رئاسي من ديجول عام 1968 والذي غدا تقليدًا سياسيًا فرنسيًا، باستثناء ميتران الذي كان يفضل أسوان والتمتع بآثار مصر الفرعونية وشيراك الذي كان يعشق لبنان والمغرب. وقد تخلى عنه أيضًا الرئيس السابق فرانسوا هولاند، ولكن أحيا هذا التقليد إيمانويل ماكرون منذ دخوله قصر الإليزيه. حيث رضخ للبروتوكول وتقاليد أسلافه الرؤساء خصوصا وان الحصن الرئاسي جميل بالفعل حتى أنه استقبل فيه كبار ضيوفه.

تم تكليف المبنى بمركز الآثار الوطنية والمفتوح للجمهور عدا شهر أغسطس المخصص للرئيس، وقد سجل المبنى تكاليف إدارة تبلغ 700000 يورو. لكن، يتطلب الأمر حوالي 335 ألف يورو للموظفين، وأكثر من 150 ألف يورو مخصصة للصيانة، و100 ألف يورو للمكوك الكهربائي الذي كان ينقل السياح إلى الحصن.

في هذه المرحلة ، لم يحدد إيمانويل ماكرون استقبال ضيوف فرنسا في القلعة كالسابق، فقد تمت دعوة المستشارة أنجيلا ميركل عام 2020 وكان فلاديمير بوتين قد سبقها في عام 2019، وكذلك تيريزا ماي عام 2018. والعام الماضي استقبل ملك إنجلترا وحرمه فقد أراد ماكرون أن يسمح لنفسه ببضع لحظات من الاسترخاء مع بعض ضربات البحر الأبيض المتوسط أو رحلة التزلج على الماء أو الاستمتاع بالشمس الجريئة هنا وخجولة في باريس.

كواليس العطلة الرئاسية

حينما حان وقت الإجازة. على الفور، انضم إلى الزوجين أبناء وأحفاد السيدة الأولى، تمكن جميع أفراد الأسرة من الاستمتاع بهذا المقر الرئاسي ومن الخدمات الرائعة التي تقدمها.

يوجد داخل القلعة حوض سباحة فوق سطح الأرض، بطول 10 أمتار وعرض 4، وعمق 1.20 مترًا ، للاستمتاع في الهواء الطلق. ولكن عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة للغاية هناك، يفضل الزوجان الرئاسيان التشمس في الغرف الكبيرة بالمبنى. حيث يظل الديكور الداخلي أساسيًا للغاية.

يستنكر الكثيرون من فرسان المعارضة أنه مقابل كل سباحة رئاسية، يدفع المواطن دافع الضرائب مبلغ 60 ألف يورو، لكن الإليزيه يشير إلى أن هذه التكاليف محسوبة بالفعل في إطار خدمة وحماية الرئيس، لذلك لن يكون من الضروري تخصيص ميزانية لها ولن تحسب من دافعي الضرائب.

السكن الأسطوري

المفارقة منذ استئناف الإليزيه للسيطرة على القلعة، "انخفضت الميزانية التشغيلية بشكل كبير لتصل إلى 400 ألف يورو، وفقًا لديوان المحاسبة، وتقرير رأس المال. لذا لم تتمكن المعارضة من الاستمرار في انتقاد الرئيس.

قامت السيدة بريجيت ماكرون بتركيب أريكة جديدة أكثر قوة وجمالا هناك، وقامت بتوزيع الوسائد. وستائر علقتها بألوان محايدة، أكثر رصانة من الأزهار المطبوعة على ذوق آن أيمون حرم الرئيس فاليري جيسكار ديستان، قبل خمسين عامًا. لكن لا شيء باهظ كما تظن المعارضة.

يحب الزوجان الرئاسيان أيضًا الاستفادة من جمال المكان للتنزه في البحر. حيث يدقق المصورون في البحث عن صور لماكرون على الشاطئ، أو جت سكي أو زورق كاياك السريع الذي يفضله.

استمتع الزوجان الرئاسيان بالعيش في هذه الأسابيع القليلة من الصيف بعد عناء سنة سياسية واقتصادية شاقة، خرج إيمانويل وبريجيت ماكرون في مناسبات قليلة نادرة.

في الواقع ، لا يحب ماكرون أن يظهر نفسه كثيرًا. يكاد لا يخرج للتمتع بالهدوء. ومع ذلك، لم يستطع مقاومة إغراء طبق صيفي لذيذ من الآيس كريم. وهكذا شوهد مع السيدة الأولى لفرنسا في محل متخصص، ليس بعيد عن فورت بريجانسون. حيث وافق رئيس الجمهورية تحت الحاح زوجته على تناول الآيس كريم على الشرفة مرتديًا الجينز في محل الآيس كريم قصر ديجلاس ( Palais des Glaces ) بمنطقة ( Lavandou ).

عطلة الرئيس ماكرون وزوجته في السكن الأسطوري

لحظة هادئة وسرعان ما التقط فريق عمل صورًا تذكارية مع الزوجين الرئاسيين. حيث قال ماكرون بأنه "آيس كريم جيد، لحظة لذيذة خالدة ستظهر في الصورة."

في الواقع، كانت رغبة برجيت تحت الحاح أحفادها السبعة الذين ولدوا من أبناءها الثلاثة سيباستيان، لورانس وتيفين. استمتعوا أكثر من كل الزبائن واستسلموا لإغراءات المحل الشهير. قرر صاحب قصر الايس كريم وفريقه على الحضور شخصيًا لتهنئة الرئيس وحرمه. وقد اكتشف بأن النكهة المفضلة لأقوى رجل في فرنسا هي شربات الشوكولاتة الذي كان يضعه على الايس كريم.

أما السيدة الأولى فاكتشف بأن لديها ضعف في طعم الزبادي بالفراولة والتي تناولته بكثرة على الايس كريم.

أثارت الزيارة بالضرورة فضول المارة والزبائن الآخرين. فيما أثبتت برجيت مجددا بأنها من عشاق الإبداعات المجمدة. ولكون الرئيس لا يستطيع القيام برحلات مرتجلة كالسابق بعد الأحداث الإرهابية التي ضربت فرنسا عام 2015، فقد تمت زيارة المكان مسبقًا من قبل جهاز الأمن التابع للإليزيه وهم من نظموا النزهة السرية. حيث تفاجأ بها السياح والفرنسيين.

وبعد أن تمكن الزوجان من الاستمتاع بهذه الحلويات المجمدة محلية الصنع لمدة سنتين حتى الآن، لذا حرصا على شراءها يوميا فتم توصيلها إلى القلعة، كان يحرص ماكرون على شكرهم بنفسه عبر الهاتف.

كان رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون قبل ذلك متحفظًا للغاية في هذه العطلات الشاقة للغاية والتي تتميز بوجود أطفال وأحفاد بريجيت ماكرون. لكنه سرعان ما غير رأيه واستثمر هذه العطلة في القصر الصيفي للرؤساء لتقديم رحلات بحرية على الزلاجات النفاثة ولكن أيضًا للاستمتاع بالآيس كريم في لانفو، نزهة عائلية تم تخليدها منذ سنتين.

يحب رئيس فرنسا هذه العطلة الصيفية تحديدًا بعد عام حافل بالمعارك والتحديات السياسية وقد حرص عليها منذ سبع سنوات حتى الآن. ولكن كيف تبدو حقا؟ بالنسبة لماكرون.. من المستحيل أن يجلس دون حراك طوال اليوم فكان برنامجه: يستيقظ الرئيس عند الفجر، ويمد عضلاته بجلسة ملاكمة ويبدأ بسرعة في العمل. الاتصالات مع وزرائه والمتعاونين منتظمة، حتى وقت متأخر من الليل، وتتسم الأخبار بشكل خاص بالأزمة في النيجر، ومعرفة تطورات وتداعيات حرب أوكرانيا، استراحة الغداء قبل استئناف العمل في الساعة 5 مساءً، تُخصص بداية فترة ما بعد الظهر لعائلته.

تقدر بريجيت ماكرون أكثر من أي وقت مضى لحظات الحرية هذه تحت شمس منطقة فار. تخصص أول نزهة لها مع كلبهم نيمو ولكن بدون إيمانويل، الذي لا يزال متأخرًا بسبب جولته الرياضية اليومية. حيث تضع برجيت في البرنامج نزهة عائلية على طول الواجهة البحرية واستراحة للتذوق وإراحة الأرجل.

شوهدت بريجيت وهي ترتدي أحذية رياضية بيضاء وفستانًا أسوداً بسيطًا. فيما بدا وجه رئيس الدولة الأكثر استرخاءً، كان مرتديًا الجينز الخام وقميص البولو الأزرق الداكن بأكمام طويلة، استطاع تسلية أحفاد زوجته عبر اصطحابهم معه في النزهات والتزلج على الماء بينما تقضي جدتهم وقتها بين التشمس والقراءة.

ما يفعله رئيس الدولة خلال إجازته

كما تملي التقاليد، احتفل إيمانويل ماكرون بذكرى ال 79 لتحرير مدينة بورميس-لي-ميموزا، المدينة التي تقع فيها القلعة في جنوب البلاد على البحر الأبيض المتوسط، غير بعيدة عن مرسيليا. لا تعتبر من المناطق السياحية الكبرى في الجنوب الفرنسي ولا يتوافد إليها الا بعض المصطافين والسياح، مما يؤمن لماكرون قضاء عطلة قليلة الصخب دون اجتماعات مع المسؤولين المحليين ولا جدول أعمال ممتلئ.

البند الوحيد على جدول أعماله هو حضور الاحتفال التقليدي بعملية الإنزال البحري "دراجون" الذي أجراه الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية عام 1944. حاول أن يستهل بها يومه قبل النزهة المعتادة حيث يضمن رئيس فرنسا حدثًا كبيرًا يخرجه من حصن بريجانسون، في مبنى البلدية وضع أكاليل الزهور على شهداء فرنسا ودق جرس الموتى مثل كل صيف ثم ألقى أول خطاب له.. بين لحظات قراءته واستراحة قهوته مع رئيس البلدية إلى جنب المسؤولين المحليين المنتخبين، انتهز رئيس الدولة مخاطبة الشعب الفرنسي مباشرةً ووجه له رسائل لطمأنته ضمن خطابه.

هذا العام مرة أخرى، كان برفقة زوجته، ذهبا إلى القرية الرائعة المدرجة على ارتفاع عالٍ. قدمت السيدة الأولى وجهًا أسمرًا للصحفيين وآلاف المشاهدين، متشحة باللون البرونزي تمامًا مثل زوجها.

اختارت معلمة الأدب والمسرح السابقة له البدلة البيضاء التي تبرز لون بشرتها بشكل أكبر. كان شعر بريجيت ماكرون أشقر فضفاض. في الحقيقة، ينتظر سكان المنطقة دائمًا هذا التجول للزوجين الرئاسيين، فهو بمثابة لقاء ينتظرونه بفارغ الصبر ومعهم أيضًا العديد من السياح الذين يقضون إجازة في المدينة.

كما هو الحال دائمًا، ألقى إيمانويل وبريجيت ماكرون، المحاطان بالعديد من الحراس الشخصيين بالطبع، أنفسهم للعبة حمام الجماهير بفرح عامر. حيث يغوصان وسط أمواج من البشر للسلام عليهم والتقاط الصور التذكارية، هدية رائعة للجميع!

وخلال هذا الاتصال مع الحشد، تم أيضا استجواب رئيس الجمهورية حول الوضع في فرنسا وعن الفيروس المتحور الجديد وما إذا كانت مستشفيات فرنسا جاهزة لوباء جديد؟. أجابهم رئيس الدولة "لا تقلقوا.. فرنسا بخير ونحن لا نتنازل عن القتال من أجل الأفضل لها ولكم".

عطلة الرئيس ماكرون وزوجته في السكن الأسطوري

تناول الرئيس وزوجته العشاء لوحدهما في أحد مطاعم المدينة وقع اختيارهم على مطعم الشاطئ، بالقرب من القلعة. في قائمة العشاء: سمك للكبار وطلبا بروشيت للأطفال وتم ارسالها لهم على الفور بعدما قاما بالاتصال بهم لمعرفة طلباتهم.

تناول الزوجان الرئاسيان الطعام وسط الزبائن، على الشرفة وتحت غابة الصنوبر. كان إيمانويل ماكرون "في وضع استرخاء" أخبر فار ماتين "صاحب المطعم" بالطلبات ودفع الفاتورة مقدما.

وفي وقت سابق من اليوم، تم إبلاغ صاحب المطعم بوصول رئيس الدولة وقام جهاز الأمن التابع له بتفتيش المبنى وتفحص الزبائن. زار الزوجان فيلا ( Carmignac ) في جزيرة "بوركيرول" والمخصصة لعروض الفن المعاصر.

مرت العطلة بشكل هادئ، لكن الأمر في نهاية المطاف يتعلق بحاكم فرنسا؛ إذ يصعب عليه قضاء وقت ممتع وقدميه في البحر. فالمواضيع التي تفرضها شئون الساعة الفرنسية والأوروبية والدولية متفجرة، سوف يتابع عن كثب منحنيات الأزمات المحلية والدولية. رغم الراحة السنوية، فإنه لا يستطيع السماح لنفسه بالانقطاع تمامًا عن إدارة شؤون الدولة.

توجه إيمانويل ماكرون مع عائلته إلى حاملة الطائرات شارل ديجول النووية لزيارتها واستقبال الفرق. اكتشف الرئيس أيضًا سفينة إمداد القوة البحرية الجديدة البارجة ( Jacques-Chevallier ). تم تسليمه شريط الافتتاح ليدشنها رسميا في مدينة طولون. صدرت أوامر لأربع سفن للجيش الفرنسي لتحل محل ناقلات النفط من فئة (Durance ).

تميز صيف الرئيس الفرنسي بالانقلاب في النيجر والجابون، وعليه أن ينقذ مناطق نفوذ فرنسا من النسيان. كما انه هناك تنامي في العنف الحضري الذي أعقب وفاة الشاب نائل. أما التحدي التالي الذي يواجهه، فتمرير قانون الهجرة، بصعوبة مواجهته بدون الأغلبية المطلقة في البرلمان وفي بلد يقع بالفعل في قبضة توترات اجتماعية كبيرة.

ويقول مقربون من الرئيس لـ"الجوهرة"، إنه كان في اتصال "يومي ودائم" برئيسة الوزراء إليزابيت بورن ويتابع المناقشات البرلمانية التي تم في نهايتها اعتماد قوانين منها: ومشروع قانون دعم القوة الشرائية ومشروع قانون يخص الميزانية.

كما يقوم بالتواصل مع ملوك ورؤساء العالم لتهنأتهم إما باعياد الميلاد أو بأحداث خاصة أو عامة في بلادهم أو لاستشارة والاستنارة في ملفات دولية منها انقلابات افريقيا كالنيجر والجابون والحرب الروسية الأوكرانية. كما وجد ماكرون الفرصة أيضاً للتعليق على بعض الأحداث على حسابه في "تويتر" خلال العطلة.

ملفات الرئيس الساخنة

في الواقع، تنتظر الرئيس بعد انتهاء العطلة الصيفية، عام سياسي وصراع مكثف وكفاح اقتصادي ودبلوماسي عودة حافلة وعدد كبير من الملفات الشائكة التي تحتاج حلولاً فورية وخاصة بدء العام الدراسي وموازنات التعليم والصحة والدفاع والأمن. وكذلك الحلول المتوقعة بالنسبة لأزمة الطاقة العالمية ومسائل التأمين ضد البطالة والمعاشات التقاعدية والدين العام الفرنسية وتطوير الاقتصاد وخطة الانتعاش الاقتصادي.

لا يزال الجالس على عرش الإليزيه حريصًا على دعم الأعمال التجارية في هذه الفترة الصعبة بقيمة 100 مليار يورو. وغيرها كثير بالإضافة الى محاولته استمالة القوى السياسية للجمهوريين (اليمين المحافظ) يهدف الى مبادرة إنشاء تحالفات تعزز قوته في البرلمان ضد قوى معسكرات المعارضة الشرسة.

يواصل الرئيس التعامل مع القضايا الساخنة في الإليزيه وتقييم العام الماضي والاستعداد للعام السياسي الجديد، الذي سيتميز بالثورة ضد إصلاح نظام التقاعد والعنف الحضري. عام مشحون من الأحداث والاعمال الصعبة والمعارك الشرسة مع المعارضة.

عطلة الرئيس ماكرون وزوجته في السكن الأسطوري

كانت إجازة مجتهدة كما يحب أن يصفها قبل العودة إلى العمل في ظل توتر شديد. إجازة مزدحمة لم تترك له سوى القليل من الوقت للسباحة في المسبح فوق الأرض الذي بناه في بداية فترة ولايته إلا لو فاجأ الناس كما حدث العام الماضي وركب البحر بسرعة جنونية وضحكات تقهر الرياح. ولكن، في واقع الأمر، كانت هذه العطلة سهلة على رئيس فرنسا، على عكس الأعوام الماضية. حيث بالكاد كان يحمل حقائبه للسفر إلى الحصن الرئاسي الصيفي، لكنه لم يكن لديه وقت للتنفس. كان يصل وعلى الفور يغادر.. تحت ذراعه ملفات الحرب الروسية في أوروبا وأزمة كوفيد -19 والتعافي الاقتصادي وخطة الإنعاش، وتدابير دعم الشباب.

كان يراقب عن كثب تطور الأزمة الصحية وتحدياتها. وحضر مجالس لدفاع الأمن القومي عن طريق التداول بالفيديو في غضون عشرة أيام لمتابعة تطور أزمة متحورات كوفيد-19. كما عقد "مؤتمرًا دوليًا لدعم الشعب الليبي.

وسبق وخصص مؤتمرًا للبنان بعد عام واحد من الانفجار في مرفأ بيروت" بدعم من الأمم المتحدة، مع رؤساء دول ووزراء وممثلي المجتمع المدني اللبناني لجلب دعم اقتصادي واستعراض الوضع المأساوي الذي يعيشه البلد منذ ذلك الحين في محاولة لتلبية احتياجات اللبنانيين الذين ما زالت بلادهم عالقة منذ سنوات في أزمتين اقتصادية وسياسية.

بالنسبة لإيمانويل ماكرون، هذا العام فرصته ليثبت للفرنسيين أنه مازال رجل المرحلة وأنهم بإمكانهم أن يطمئنوا له بعدما جددوا الثقة به ليتولى ولاية رئاسية ثانية. وسيجد الفرنسيين في هذا التوقيت الزوجين الرئاسيين اسمرين بعد راحة سنوية استمدا منها طاقة بناءة للعمل الشاق الذي ينتظرهما.

[gallery size="full" ids="230357,230358,230359,230360,230361,230362,230363,230364,230365,230366"]

اقرأ أيضًا: إمام مسجد سارسيل عن الصيام في باريس: أطالب بدعم عربي لمسلمي فرنسا والاستثمار فيهم