ما الفرق بين تربية الأولاد والبنات؟



أصول التربية.. التنمٌر والتمييز العنصري يبدأ من المنزل

الأنثى تُقلد الأم والرجل يبحث عن الاكتشاف

عندما تُرزق الأسرة بالأولاد والبنات معًا؛ فإن الأم على وجه الخصوص تجد نفسها بين فكي الرحى، فالفتاة التي ينمو عقلها بشكلٍ متوازن، تواجه المقارنة مع الولد الذي تتفاوت طريقة تفكيره، بناءً على تطوٌر دماغه.

وعن الفرق في التربية بين الأولاد، والبنات، أكدت الدكتورة بسنت أحمد عويس؛ خبيرة الإرشادات الأسرية، والنفسية، في تصريحات خاصة لـ "الجوهرة"، أن الأسرة التي تُرزق بالأولاد والبنات، فإنها نعمة من الله – سبحانه -؛ حتى يعيش الآباء تجربة مميّزة، يؤسسان من خلالها جيلًا سويًا، يتعامل بمحبة وإنسانية مع الجميع.

وحذّرت الدكتورة بسنت من التمييز في التعامل بين الولد والبنت، فالإثنين لا يحتاجان إلى تغيير لون الملابس والغرف فقط؛ لكنهما ينتظران القدر ذاته من الرعاية، الحنان، والتفهٌم.

ففي البداية، تأتي الرعاية التي يسعى الآباء من خلالها، لتقديم الدعم بكل طرقه سواء الدعم المادي من تلبية المتطلبات الأساسية، أو المعنوي الذي يتمثّل في الحفاظ على عنصر الحماية، توفير الشعور بالأمان للطفل سواء ولد أو بنت، مع ضمان كل سبل الراحة والطمأنينة، والاستقرار النفسي، لخروج جيل صحي يفيد أسرته، والمجتمع.

وتأتي الخطوة الثانية في توفير الحنان الدائم، الذي يضمن بدوره تنشئة الطفل على المحبة الكافية، ومنها ينمو عطوفًا، يبذل قصارى جهده في مساندة الآخرين، وتقديم يد العون دون تردٌد، والثقة في قراراته المصيرية، بالإضافة إلى الإحساس بمن هم أضعف منه.

وأضافت الدكتورة بسنت أن التفهٌم، هو الخطوة الأهم في تنشئة الأبناء؛ حيث يحتاج الآباء إلى دراسة الأطفال البنات منهم، والبنين، لمعرفة الأسس التي يجب غرسها فيهم منذ الصغر، علمًا بأن الاختلافات بين الجنسين لا تعد، ولا تُحصى، إلا أنهم في مرحلة الطفولة يتشابهون بطريقة غير متوقعة.

وفي النهاية، يجب معرفة طريقة التعامل مع الأبناء، فإنهما بحاجة دائمة إلى تواصل بصري، وعدم إجبارهم على اتخاذ قرارات معينة.

استأنفت بسنت عويس تصريحاتها موضحة، أن الفتاة غالبًا ما تمتلك قدرة هائلة على التواصل، والاستماع أكثر من الولد؛ لذلك فهي تتكلّم بشكل أسرع، كما تبدأ في تقليد والدتها منذ سنٍ مبكرة؛ فنجدها تارة تدخل المطبخ تحاول أن تستخدم الأواني لصنع وجبة ما، أو تنظيم أدوات المائدة، وأخرى تتجّه نحو مستحضرات التجميل أو الحُلي للاستعانة بما يمكن تجربته.

وحرصت بسنت على إيضاح الطرق التي تتفق فيها البنات، مع الأولاد، قائلة إنهما يبدأن في الإمساك بالقلم، لخوض تجربة جديدة في عالم الكتابة، والرسم، يتدربان من خلالها على مرحلة ما قبل الالتحاق بالمدرسة، مؤكدة أنهما يمتلكان فائضًا من المشاعر والحنان بالتساوي، عكس ما هو متوقع بأن البنات فقط يمتلكن ودًا وفيرًا.

من جهته، يتفوّق الولد على الفتاة في العديد من الصفات؛ فهو يمتاز بكثرة الحركة، وقدرته الاستثنائية على الاكتشاف، وتنمية مهارات الذكاء بسهولة، فضلًا عن الجرأة، والشجاعة في التواصل مع الغرباء.

على جانب آخر، فإن الجينات الأنثوية داخل كل فتاة، تجعلها عرضة للتأثٌر النفسي بسهولة؛ فهي مخلوق حسّاس للغاية، يُمكن أن تنظر إلى حياتها بسلبية؛ لذلك يجب على الآباء الانتباه إلى مؤازرة مواطن القوة لديها، ومساعدتها على تعزيز الثقة بنفسها، وتقبٌل ذاتها.

"من ناحية الأولاد؛ فإن كان ابنك ودودًا عطوفًا، قُومي بتشجيعه على تقديم المحبة إلى الآخرين، ومساعدة الفئات الأقل قوة، لا تجعليه يخوض غمار الهوايات العنيفة لإثبات الرجولة بداخله؛ فالرجولة ما هي إلا مصطلح وهمي يُدخله المجتمع إلى عقلية الطفل، لتربيته على العقلية الذكورية التي لا تتهاون أمام الفتيات، على عكس الواقع الذي يجب أن يُرسّخ فكرة الاهتمام بالفتيات، كونهن صاحبات إحساس مرهف وهُن القوارير كما جاء في الدين الإسلامي الحنيف، مع الحرص المستمر على التواصل اللفظي والتحدٌث معه؛ نظرًا لأن الأولاد أقل تحصيلًا للكلمات من الفتيات"؛ وفقًا لِما أكدته الدكتورة بسنت.

ويجب على الآباء أن يشهدوا تطوُر شخصية البنت أو الولد؛ حتى يقومان بإدخال الاحتياجات الأساسية إليها، سواء الاشتراك في أنشطة رياضية، أو تنمية هواياتهم.

وأخيرًا، وجّهت الدكتور بسنت كلامها للأم قائلة: "احذري أن تغرسي بذرة فكرة التفرّقة في المنزل بين الولد والبنت، انتبهي جيدًا لتصرفاتك، وطرق الدلال التي تقدمينها له، فلا تسمحي له بإيذاء شقيقاته البنات، أو الأصغر منه سنًا، واعلمي أن التنمٌر الذي يعاني منه المجتمع مؤخرًا بكثرة، والتمييز العنصري يبدأ من المنزل، فاجتنبيه".