دعيه يعشق ألوانه.. كيف تُنمِّين موهبةَ الرسم عند طفلك؟

جدة - هند حجازي طفلي موهوب، لا أعرف كيف أنمِّي موهبته؟ كيف أساعد أبنائي على أن يُحدِّدوا مواهبهم؟ أعاني لفهم موهبة أطفالي! ابنتي تعشقُ الرسم وأجدُ صعوبةً في تنمية تلك الموهبة لديها؟ كلُّها تساؤلاتٌ تنتاب معظم الأمَّهات، خاصَّةً إن كان لطفلك موهبة في الرسم والفن، تبدأ بالبحث عن مدرِّبة، وشراء الكتب، وجميع الأدوات اللازمة، ولكن بدون تعليمهم أساسيَّات؛ لذلك التقينا بالفنانة التشكيلية منى باشطح؛ لتوضِّح لنا الخطوات الواجب اتخاذها لمساعدة الطفل في إظهار موهبته، من واقع تجربتها وخبرتها بتدريب الأطفال فن الرسم. وقالت "باشطح" إن أفضل طرق تنمية مهارات الطفل الموهوب للرسم، هي: ــ عدم إلزامه في البداية بأسلوب أكاديمي، أو فرض أيِّ دروس عليه لتعليم الرسم، خصوصًا لأقل من ١٠ سنوات، وفِّر لهم الأدوات فقط، واجعلهم يطلقون العنان.

ــ وفِّر له مساحة حرَّة، وجدار قم بتغطيته بالورق الأبيض، أو قماش الكانفس، أو لوحات جداريَّة، وأقلام وألوان، واجعله يحرر خطوطه وأشكاله الخاصة.

ــ لا تفرض عليه شيئًا، وفي هذه الفترة سترى كيف سيستمتع، دعه يتعرَّف على الأدوات ويشعر بها، ادعمه فقط في كيفيَّة الاستخدام بخلط الألوان وتنظيف الفرش.

ــ دعيه في هذا العمر الصغير يبني علاقة بينه وبين الألوان، وطريقة خطوطه.

ــ الطفل بين عمر 3-6 سنوات ما زال يتعرَّف على العالم، وعالمه الخيالي أكبر بكثير من الواقعي، هو أكثر صفاءً وعمقًا وشفافيةً منا نحن الكبار! فلماذا نحدُّ من عالمه بفرض صور معينة عليه؟!

ــ إذا كان الطفل ما بين ٦-٨ سنوات يمكن تنمية مهاراته بالأشكال الهندسيَّة، وتحويل تلك الأشكال لعنصر يحبه، أو شخصيَّة، لكن دون فرض ذلك عليه.

ــ إذا ألحَّ الطفلُ ليتعلَّم شكلاً معينًا، يمكن تبسيطه له بالأشكال الهندسيَّة ومساعدته، لكن إن كان مستمتعًا بمساحاته اللونيَّة وخطوطه فدعيه؛ لأنَّه بمرحلة تعرُّف على الأدوات، وما يريده منها.

ادعميه بالصور والمناظر، اتركيها بجانبه إن أراد سيلتقط واحدة، وسيحاول تطبيقها.

ــ لا تعلقي كثيرًا على رسوماته، حفزيه، احتفظي "بخربشاته". وضربت الفنانة التشكيلية منى باشطح: مثالًا عمليًا للتأكيد على ما سبق ذكره، أنها جاءتها إحدى الفتيات لتتدرَّب على الرسم، وكانت في الرابعة عشرة من عمرها، لاحظت قوَّة تُمكنها من الخطوط وجَرأتها، فكانت ترسم الوجوه بسلاسة حتَّى إنَّ أحد الفنانين الكبار والمعروفين توقَّع لها مستقبلاً باهرًا.

وتضيف "باشطح" أنها عندما سألتُ والدتها قالت ببساطة: ابنتي منذُ أن كانت في السنتين من عمرها، كانت تعبث بأقلامي وأدوات التجميل، وتأخذها لتشخبط على الجدران والأثاث، كنتُ أوبِّخها عادة، لكن عندما أدركتُ أنَّ الأمر بدا شغفًا لها، غطيت جدار غرفة فارغة لديَّ بالورق الأبيض، وأعطيتها الأقلام الملوَّنة، فكانت يوميًّا تقضي الساعات في الخربشة، وكلُّ مرَّة كنتُ أغيِّر الورق بمجرد أن يمتلئ باللون والخطوط، كانت تتشوَّق للمساحات البيضاء الفارغة لتملأها ألوانًا وخطوطًا لشخصيَّات طفوليَّة تطلق لها الأسماء، وعندما وصلت لخمس سنوات، بدأت تنقل شخصيَّات كرتونيَّة، وكنتُ أرى أنَّها تطوَّرت وتحسَّنت كثيرًا في اختيار الألوان، وذلك لأنَّ الطفلة أصبحت صديقة حميمة للون! اشترت الأم بعض الكتب للطفلة في سن السادسة، وكانت دائمًا ما تدعمها بالصور والكتب للتعلُّم أكثر، وبالفعل تطوَّر مستوى الفتاة، وأصبحت ترسم شخصيَّات خاصَّة بها، والأشخاص المفضَّلين لديها، والآن الفتاة عمرها ٢٤ عامًا، وهي من أهم فنانات الإنمي، وفن المانجا في السعوديَّة؛ حيث أكملت دراستها في الخارج في نفس المجال، لذلك كلَّما أعطينا الطفل مساحته في البداية؛ للتعرُّف على الأدوات وعلى نفسه، من خلالها سيبدع أكثر، ونكون دائمًا بجانبه إذا احتاج للمساعدة. وأخيرًا؛ تضيف باشطح قائلة: "إذا لاحظ الوالدان تطوّرًا ملحوظًا يعلى ابنهما الموهوب، فيُفضَّل فتح حساب له على السوشيال ميديا، كنوع من التحفيز والدعم، وفي كل أسبوع اجعله يرسم أمام الكاميرا ويعرض النتيجة، هذه الفكرة ستكون دافعًا له ليُطوِّر نفسه، ويبحث عمَّا يريده فعلاً".