الأمية الرقمية للنساء .. تحدٍ جديد أمام الشعوب العربية

شهدت الفترة الأخيرة دورًا كبيرًا للمرأة العربية في قطاع التكنولوجيا داخل أغلب الدول العربية؛ ليتحول هذا المجال إلى وسيلة حقيقية لتمكين المرأة في كثير من المجتمعات التي يفرض بعضها قيودًا معينة حول عمل المرأة وخروجها من المنزل، والعمل على محو أميتها الرقمية.

وفي سبيل ذلك تسعى كثيرًا من شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى اجتذاب ودعم النساء، خاصة أن التوسع في تنويع القوى العاملة يفيد أعمال تلك الشركات، ويتواكب مع سعي الاتحاد الدولي للاتصالات باعتباره وكالة الأمم المتحدة الرائدة في ميدان الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى تشجيع التوازن بين الجنسين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مختلف الأصعدة المهنية.

وتتناول مجلة "الجوهرة" في تحقيق موسع آراء الخبراء حول دور المرأة في قطاع التكنولوجيا حول العالم، وكيف تساهم الحكومات العربية والشركات في دعم المرأة في هذا المجال بقوة في أنحاء العالم العربي.

التكنولوجيا ورؤية 2030
في البداية تقول غادة العريفي؛ الرئيس التنفيذي لشبكة التواصل المهنية السعودية للسيدات "صِلة"، إنه يجب العمل من أجل تغيير العقلية السائدة عن المرأة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، من أجل منح المواهب النسائية كافة الدعم التي تحتاجه في كافة مراحلها الوظيفية، على كافة مستويات القطاع العام والخاص والأكاديمي.

وأضافت "العريفي" أنه تم تنظيم ملتقى المرأة في تقنية المعلومات والاتصالات مؤخرًا، وذلك من أجل تقديم تجربة في التطوير الوظيفي تٌلهم النساء القياديات الحاليات والمستقبليات والصاعدات، ومواكبة القوى العاملة العالمية لخطى الابتكار والمتطلبات المتغيرة في السوق.

وأكدت الرئيس التنفيذي لـ"صلة" أن المبادرات التي تتبناها المملكة لدعم المرأة تكنولوجيًا؛ ستساهم في تحقيق رؤية السعودية 2030 والهادفة إلى رفع إجمالي مساهمة المرأة في القوى العاملة بنسبة 30%، وخفض نسبة البطالة بنسبة 7% لكل من الجنسين.

وكان الاتحاد الدولي للاتصالات قد تعهد سابقًا بإدماج العنصر النسائي في تنفيذ جميع برامجه وخططه، وعقبه ذلك تأسيس الشبكة العالمية للمرأة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك بهدف تشجيع الفتيات والشابات على اختيار وظائف تكنولوجيا عن طريق توفير الموارد والتوجيه، وذلك من أجل تعويض النقص الأمن السيبراني والمتوقع أن يصل إلى1.8 مليون عامل.

محو الأمية الرقمية للنساء
وفي تصريحات للشيخة هند بنت ماجد القاسمي؛ رئيس مجلس سيدات أعمال الشارقة، أكدت أن التكنولوجيا باتت حاضرة في مختلف تفاصيل الحياة، وأصبح لزامًا على رائدات الأعمال أن يتقن فن استخدام التقنيات الحديثة، وذلك بالنظر إلى أن نسبة 40% من طلبة الجامعات العربية المتخصصين في علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات هن من الإناث.

وأضافت "القاسمي" أن المرأة العربية مثل كافة النساء حول العالم قادرة على الإبداع، وهو ما يتجلى من خلال تميزها في المجالات التي تتسلم زمام قيادتها، ولذلك يجب بذل جهد كبير لتسهيل دخول المرأة قطاعات جديدة، وعلى رأسها القطاع التكنولوجي الذي يعد مدخل الاقتصاد الحديث.

وأشارت الشيخة هند، إلى أن الإمارات اشتركت مؤخرًا في المنتدى العاشر لرياديات الأعمال لدول منطقة حوض البحر المتوسط والذي ناقش ضرورة الانتباه إلى ما تتيحه التكنولوجيا من آليات عمل، كالعمل من البيت أو إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة وسهولة الوصول إلى البيانات والدراسات التي تطور مهاراتهم.

وذكرت دراسات وبحوث اقتصادية سابقة، أن زيادة مشاركة المرأة الخليجية ضمن القوى العاملة سيضيف 180 مليار دولار، أي 7 % الى الاقتصاد الوطني الخليجي بحلول 2025.

فجوة رقمية بين الجنسين
وكشف تقرير صادر عن المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصالات والمعلومات، وجود فجوة رقمية كبيرة بين الرجال والنساء عالميًا، حيث أن عدد النساء يقل بـ 200 مليون إمرأة عن عدد الرجال القادرين على استخدام الانترنت.

وحذرت الدراسة من أن يصل هذا الفارق إلى 350 مليون إمرأة إن لم يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة، وسجل معدل امتلاك النساء للهواتف المحمولة انخفاض بنسبة 21 % عن الرجال.

وأعلنت المنظمة، عن مشروع لتنمية قدرات المرأة العربية في قطاع تكنولوجيات الاتصال والمعلومات، يتضمن العمل تقليص الفجوة الرقمية بين الجنسين في المنطقة العربية باعتبارها فجوة تنموية، والإستفادة من الفرص التي يقدمها قطاع تكنولوجيات الاتصال والمعلومات للمرأة، بالإضافة إلى رفع نسب استعمال تكنولوجيات الاتصال والمعلومات من قبل المرأة العربية، وخاصة في المناطق الريفية، ما يساعد على الحد من عدم تكافئ الفرص في المجالات الأخرى.

وضم المشروع تمكين المرأة العربية في مجال تكنولوجيات الاتصال والمعلومات وتنمية قدراتها عبر تأمين دورات تدريبية حسب الاحتياجات والاختصاص.

من جانبه قال محمود صقر؛ رئيس أكاديمية البحث العلمى، إن المراة المصرية أصبح لها دورًا كبير في مجال البحث العلمي وفقًا لأخر إحصائيات رسمية كشفت عن أن عدد الباحثات المصريات حوالى 55 ألف بنسبة تتجاوز 43% من عدد الباحثين المصريين. وأضاف "صقر" أن الحكومة المصرية ـ متمثلة في أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا ـ تقدم العديد من الدعم للمرأة المصرية من أجل تعزيز مكانتها في مجال التكنولوجيا وتدريبها على أحدث التطورات التكنولوجية، ومنحها جوائز علمية على اختراعتها؛ من أجل رفع دورها ومساهمتها في تطوير الاقتصاد المصري.

وتستهدف مصر تحقيق معدلات نمو تصل إلى 8.5%، على أن يساهم بنسبة 3% في الناتج القومي الإجمالي خلال العام نفسه، معتمدًا بنسبة 91% على الاستثمارات من القطاع الخاص.

ووفقًا لمعلومات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة الإناث اللاتي يعملن عمل دائم سجل 76.5% مقابل 71.1 % للذكور، وبلغت نسبة النساء العاملات بأجر في الأنشطة غير الزراعية 17.5%، ووفقًا للإحصاء، بلغت نسبة المشتركات في التأمينات الاجتماعية 64.1% مقابل 45.4% للذكور، كما بلغت نسبة المشتركات في التأمين الصحي 60.9% مقابل 39.1% للذكور.

وتختلف نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل داخل الدولة العربية عن الدولة الأوروبية، حيث كشفت آخر إحصائيات للبنك الدولي، أن نسبة المشاركة النسائية في سوق العمل داخل دول التعاون الخليجي تتراوح ما بين 37 % إلى 47 %، بينما تسجل نسب أدنى في سوريا 12%، والأردن 14%، والعراق 15% والجزائر 17 %.

من جانبه قال الدكتور حازم الطحاوي؛ رئيس مجلس إدارة منظمة اتصال، إن المنظمة تُولي اهتمامًا خاصة بمشاركة المرأة في عمليات التطور التكنولوجي، وخاصة علوم النانوتكنولوجي، وكيف يمكن تعظيم الاستفادة من هذا المجال بما يعود بالإيجاب على الاقتصاد القومي.

وأضاف الطحاوي أن التواصل بين الباحثات في الدول النامية والدول المتقدمة في البحث العلمي وتبادل الخبرات بينهم، يعد شيء هام وضروري، لكي تستطيع المرأة في المجتمعات العربية أن تكتسب الخبرات التكنولوجية المناسبة للمجتمعات المتقدمة.