الأجداد والأحفاد.. علاقة لن يفهمها الآباء!

مع انطلاق الاحتفالات بالعام الجديد، يحرص العالم على الاحتفاء بمكانة الأسرة في يومها العالمي، الموافق الأول من يناير، كما أقرته الأمم المتحدة.. ويشمل الأكبر سنًا في العائلة كافة أفرادها، تحت مظلة السلام، والألفة، حيث يحتضن فيها الأجداد، أحفادهم بشكل خاص، في علاقة تحميهم من قسوة الحياة.

وعن العلاقة الاستثنائية بين الأجداد والأحفاد، قال الدكتور نورالدين أبو زيد؛ المستشار الأسري، وخبير الصحة النفسية، في تصريحاته الخاصة لـ"الجوهرة"، إن طاقة العاطفة التي تنتُج عن هذه العلاقة، لا يتفهّمها الآباء في الكثير من الأحيان، وتُحدِث تضاربًا بين الأجيال.

حب غير مشروط:

أكد دكتور نورالدين أبو زيد، على أهمية العلاقة الحيوية بين الأجداد والأحفاد، والتي تكفل بدورها دروب الأمان لمواجهة الحياة، والدعم الحقيقي أمام النزاعات الخارجية، والحضن الدافئ الذي يُشعرهم بالانتماء - على حد وصفه – فعبارة "ما أعز من الولد إلا ولد الولد" الموروثة تعتبر حقيقية للغاية، نظرًا للإحساس الذي يعتريهم منذ اللحظات الأولى عندما يُرحبّون بهم إلى الدنيا؛ حيث يُجددون معهم الشعور بالأبوة، والمسؤولية.

من جهتهم، فإن الأحفاد يضعون أجدادهم في مكانة عالية، نظرًا لما يتمتعون به من قدرة على استيعاب المشكلات، وخبرة حياتية، وقدرة هائلة على الصبر، والتحمّل، وأوضح المستشار الأسري، أن الأجداد دائمًا ما يُوفّرون لأحفادهم الحب غير المشروط، والدلال الذي يحفظ تلك العلاقة بعيدًا عن التشنجات، والخلافات، خاصة في الوقت الذي يعاني فيه الآباء من دوامة الحياة، وضغوط العمل، والظروف الاقتصادية، وهموم المعيشة.

الجانب المُرّ:

أضاف نور أبو زيد، أن الأجداد يعتبرون الأحفاد امتدادًا طبيعيًا لسلالتهم، ومصدرًا لسعادتهم وفخرهم؛ فعلم النفس يقول إنهما يعيشان مع الأحفاد الأبوَّة والأمومة المتأخرة في حلوها فقط، أما الجانب المرّ من الأمر والنهي، فيتركانه للأب والأم، لتكون وظيفتهم الأساسية الآن، تتمثّل في تقديم الحب، والاستمتاع بتلك المشاعر دون عناء، لكنهم في الوقت ذاته، لا يبخلون عليهم بالنصائح من خبرتهم في الحياة.

النصائح المتضاربة:

وتابع المستشار الأسري، أن النصائح التي يسعى الأجداد لإرشاد أحفادهم بها، تُعد سلاحًا ذو حدين؛ فهنا توجد الفجوة بين الأجيال، إلا من يعتمد على متابعة الشباب منهم، أو الأطفال بطريقة ذكية، توجههم، وتُخفّف عنهم الآلام، ليكون صوت الأجداد هو الشعلة التي تُنير الطريق، وبذرة أمل يزرعها في نفس الطفل منذ الصغر، ينضج على أقوالهم، وتوجيهاتهم المثمرة.

وشدد المستشار الأسري على ضرورة التفاهم بين الآباء والأجداد، حتى لا تحدث الخلافات في الأسرة الواحدة، نتيجة التوجيهات المتضاربة، أو الشعور بالغيرة الناجم عن اهتمام وحب الأحفاد المتزايد بأجدادهم، مشيرًا إلى قدرة الآباء على التعاون، والتفاهم على أسلوب تربوي متناغم مع الأجداد في الحدّ من التأثيرات السلبية، والابتعاد عن الدلال الزائد الذي يُبرز سلوكياتهم الخاطئة، والعدل في المعاملة بين جميعهم.

علاقات على صفيح ساخن:

أكد الدكتور نور أبو زيد، أنها علاقة تنمو على صفيحٍ ساخنٍ، في الكثير من الأوقات خاصة عندما يبدأ الأجداد في التمييز بين أحفادهم؛ فنرى الجد يميل إلى تدليل ابن نجلته، أو العكس، أو تمكين الحفيد الولد، وتلبية كافة رغباته، حيث يحق له ما لا يحق لغيره، وذلك الأمر يعود إلى عنصر التفضيل الذي تعاني منه الأسرة العربية – للأسف – حيث ورثت عادات التطاول على حقوق الفتيات على حساب الفتيان، في بعض المجتمعات.

واختتم أبو زيد تصريحاته، لافتًا إلى أهمية العلاقة الوطيدة بين الأجداد والأحفاد، التي يجب أن تُبنى على أسس ذهبية من الثراء العاطفي، التسامح، الصدق، والقدوة الحسنة، فعندما يجد الطفل أبيه بارًا بوالديه، فإنه يحاكيه في الأسلوب، الأمر الذي يجعلهم يتلاشون المسافات، ويعزز من قوة شخصيتهم، على أرضٍ خصبة من الحنان، والاحترام.