أهمية ممارسة الأطفال للرياضات الجماعية.. ليس للصحة الجسدية فقط

تعد ممارسة الرياضة من أبرز الممارسات الصحية التي يجب على الفرد المواظبة عليها لما تحمله من أهمية كبيرة، وهذا ينطبق أيضًا على الأطفال فقد أكد أخصائي نفسي في مستشفى كليفلاند كلينك أن فوائد ممارسة الأطفال للرياضات الجماعية تتجاوز مجرد الفوائد الصحية الجسدية؛ إذ توفر لهم منافع اجتماعية وعاطفية كذلك.

فوائد ممارسة الأطفال للرياضات الجماعية

وقال الدكتور ماثيو ساكو، الأخصائي النفسي للصحة والرياضة/الأداء: "لا شك أن الفوائد الجلية لممارسة الرياضة تتمثل في النشاط البدني وخاصة في وقتنا الراهن، الذي يقضي فيه الأطفال أوقات طويلة في متابعة الشاشات، إلا أن هناك الكثير من الفوائد الاجتماعية والعاطفية أيضا".

واستعرض الدكتور ساكو أهم خمسة أسباب رئيسية يمكن للرياضات الجماعية أن تسهم من خلالها في إعداد الأطفال لتحقيق إنجازات كبيرة في الحياة، سواءً في طفولتهم أو بعد أن يكبروا.

1. تعزيز المهارات الاجتماعية

وأوضح الدكتور ساكو أن الرياضة تعد طريقة ممتازة للتفاعل الاجتماعي بين الأطفال، وإذا كان الطفل غير قادر على تنظيم عواطفه أو التفاعل مع الآخرين، فإن الهيكلية المنظمة للرياضات الجماعية تستطيع المساعدة في تهيئة بيئة آمنة يمكنه من خلالها تعلم مهارات اجتماعية مهمة.

وأضاف: "يتوجب على الأطفال عند المشاركة في اللعب الجماعي تعلم كيفية إيجاد حلول للمشاكل، التي تواجههم أثناء اللعب، والتعاون فيما بينهم. كما عليهم أحيانا تعلم كيفية التحكم بمشاعر الإحباط، التي قد يشعرون بها بسبب أفراد الفريق، الذين لا يؤدون أدوارهم على النحو المطلوب".

وبيّن ساكو أنه يمكن إسقاط هذه المهارات على كل مجالات الحياة بدءا من المدرسة مرورا بحياتهم المستقبلية في مكاتب العمل وغيرها؛ ولذلك فإن تعلم هذه المهارات في مرحلة الطفولة يمكن أن يزودهم بتجارب وتفاعلات إيجابية في المستقبل.

2. تعلم مهارات حياتية مهمة

وذكر الدكتور ساكو أن العمل الجماعي لتحقيق هدف مشترك مثل الفوز بمباراة يساعد في إكساب الأطفال مهارات مهمة تستمر معهم طوال الحياة منها كيفية قيادة الآخرين أو اتباعهم، والتفاوض مع الآخرين. وقال: "قد يكون من الصعب تدريس هذا النوع من المهارات في ظروف أخرى. وعلى الرغم من أن تعلم هذه المهارات يتم أيضا خلال المراحل الدراسية في المدارس، إلا أن الطبيعة السريعة والنشطة للرياضة توفر بيئة ذات مساحات حرية أكبر وقيود أقل من تلك الموجودة في الغرف الصفية".

3. الاستفادة من تنظيم البيئة

وأوضح ساكو أن الأطفال يحتاجون إلى أوقات منظمة وأخرى غير منظمة للعب؛ إذ يسهم كل منها في تطورهم بطريقة مختلفة.

كما أشار إلى أن بناء الصفات الشخصية مثل: "المثابرة، والمصداقية" سيكون لها فوائد طويلة الأمد تخدم الأطفال في المراحل اللاحقة من حياتهم.

وتابع ساكو: "تقدم الرياضة بيئة عالية التنظيم تتيح للأطفال التنبؤ بما سيحدث لاحقا من حيث التمارين وجدول الألعاب. الأمر الذي يوفر الفرصة لهم ممارسة الرياضة بانتظام".

4. تعزيز الثقة بالنفس

وقال الدكتور ساكو: "لدى كل فرد من أفراد الفريق في الرياضات الجماعية دور ليؤديه. وعندما يكون لكل منهم مسؤولية ملقاة على عاتقه. فإن الأطفال يتعلمون كيفية الاعتماد على الآخرين في المهارات ومواطن القوى الخاصة بهم. كما يمكن لهذه الرياضات أن تسهم في تشجيع الأطفال على الخروج من القوقعة الخاصة بهم من خلال تشجيع الآخرين لهم ومحاولة دمجهم أكثر في أجواء الفريق".

وأضاف: "في حال كان الأطفال خجولين أو يفتقرون إلى الثقة بالنفس، فإن المشاركة في رياضة جماعية توفر الفرصة المواتية لكي ينظر الأطفال بإيجابية إلى أنفسهم".

5. إبعاد شبح الاكتئاب

وأوضح الدكتور ساكو قائلا: "قد تبقى التجارب السلبية في مرحلة الطفولة عالقة في ذاكرة الفرد مدى الحياة. ولكن الأبحاث بيّنت أن ممارسة الرياضة لها آثار إيجابية طويلة الأمد على الصحة النفسية للأطفال، الذين يعيشون ظروفا صعبة في منازلهم مثل سوء المعاملة، أو انفصال الوالدين، أو تعاطي المخدرات المنزلية".

وأشار إلى دراسة أجريت في عام 2019، والتي خلُصت إلى أن المشاركة في الرياضات الجماعية يمكن أن تساعد الأطفال في إبعاد شبح الاكتئاب؛ إذ أوضحت البيانات المأخوذة لـ9,668 طفلا أن من بين الأطفال، الذين تعرضوا لتجارب سيئة في طفولتهم، فإن أولئك، الذين مارسوا الرياضات الجماعية، تمكنوا من التمتع بصحة نفسية أفضل في مرحلة الرشد، ولم يتعرضوا للاكتئاب مع تقدمهم في العمر بنفس المستويات، التي تعرض لها أولئك، الذين لم يشاركوا في أنشطة أو رياضات جماعية.

تأثير الأنشطة البدنية على المزاج

واستطرد: "إننا نعلم أن الأنشطة البدنية لها تأثير إيجابي على المزاج ومستويات القلق، إلا أن كون الفرد جزءا من فريق قد يؤدي إلى تحسين الصحة النفسية بصورة خاصة؛ إذ تساعد أنشطة الفريق الأطفال على الشعور بأن صوتهم مسموع وأن لديهم منظومة دعم قوية يمكنهم الاعتماد عليها في الأوقات الصعبة".

وأشار الدكتور ساكو إلى أنه في حال كان الطفل لا يحب ممارسة الرياضة، فإن هناك العديد من المجموعات الأخرى، التي يمكنه الانضمام إليها للحصول على فوائد نفسية مماثلة.

وأوضح ساكو قائلا: "يمكن أن يكتسب الأطفال المهارات الاجتماعية والقيادية من أنشطة أخرى كذلك، مثل المشاركة في المخيمات الصيفية، أو المجموعات المهتمة بالتمثيل، أو العزف في الفرقة الموسيقية للمدرسة؛ إذ أن هذه الفوائد ليست محصورة فقط في الرياضة أو الأنشطة البدنية. تعتبر هيكلية الفريق أساسية؛ إذ توفر للأطفال الفرصة للمشاركة مع أقرانهم، وصقل مهاراتهم الاجتماعية، وتعلم العمل الجماعي مع الآخرين لتحقيق هدف مشترك".

وتوجه الدكتور ساكو بالنُصح إلى الأهالي لمساعدة أطفالهم على إيجاد طريقة ما تسهم في ممارستهم لأنشطة بدنية، واختتم: "بغض النظر عن النشاط الذي يختاره طفلكم، يجب أن يكون الهدف منه تحقيق المتعة وأن يجعلهم نشطين من الناحية البدنية".

اقرأ أيضًا: ممارسة الرياضة ومحاربة التوتر.. ما العلاقة بينهما؟