مرحلة المراهقة من أكثر الفترات حساسية في حياة الإنسان؛ حيث يتسمر فيها الفرد في رحلة اكتشاف الذات وتكوين هويته، وسط تغيرات جسدية ونفسية واجتماعية عميقة. تلعب التكنولوجيا وخاصة الهواتف المحمولة دورًا مهمًا في حياة المراهقين اليوم؛ حيث أصبحت أداةً لا غنى عنها للتواصل والتعبير عن الذات والوصول إلى المعلومات والترفيه.
وفي حديث خاص لمجلة “الجوهرة” تحدث الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية عن المشكلات التي تواجه المراهقين نتيجة إدمانهم لوسائل التواصل الاجتماعي فقال : إن إدمان ألعاب الإنترنت هو أحد أعراض الإدمان السلوكي. أو سيكولوجيا اضطراب ألعاب النت.
وبالطبع هو نوع من الإدمان لا يقل خطورة عن إدمان المخدرات؛ لأنه يعطي نفس الإشارات التي يستقبلها المخ عند تناول المخدرات، لذلك فإن آثاره النفسية والجسمانية لا تقل خطورة عن تأثير المخدرات، ومنها الخمول، وضياع بهاء الوجه، وآلام الظهر، والقلق.
ما هو إدمان الإنترنت وطرق الوقاية منه.. يتحدث عنه للجوهرة استشاري الصحة النفسية
أعراض نفسية يسببها الإنترنت
وأضاف د. وليد هناك أيضًا أعراض نفسية مثل العصبية الزائدة والشعور بالوحدة التي تقوده إلى الانفصال عن الواقع، وهناك بعض الحالات التي أصيبت بمرض انفصام الشخصية نتيجة لذلك، فضلًا عن التحريض على العنف، وذلك نتيجة لمشاهدة ولعب ألعاب إلكترونية شديدة العنف من الممكن أن تؤدي إلى إيذاء النفس لدرجة القتل.
ما هو إدمان الإنترنت وطرق الوقاية منه.. يتحدث عنه للجوهرة استشاري الصحة النفسية
وأشار استشاري الصحة النفسية إلى أنه من ضمن إعراضها الإدمانية الانشغال العقلي بسبب الرغبة في اللعب. وعدم التركيز مما يسبب التأخر الدراسي، وربما عدم الرغبة في التعليم يصاحبه الخوف من المجتمع والانسحاب التدريجي من الواقع الحقيقي إلى واقع افتراضي يصنعه لنفسه، فضلًا عن انسحاب المدمن من الألعاب الرياضية الواقعية التي كان يشاركها مع أصدقائه، ويصاب المدمن أيضًا بالرهاب الاجتماعي، فنحن نعرف جميعًا أن مرحلة المراهقة فترة بناء الشخصية ومثل هذه الألعاب تقضي على شخصية المراهق، وتجعل منه إنسانًا غير سوي.
ماهو أدمان الأنترنت وطرق الوقاية منه ..يتحدث عنه للجوهرة أستشاري الصحة النفسية
وأوضح طبيب الصحة النفسية أن مثل هذه الألعاب أيضًا تجعل الشخص يفتقد لسلوك الأنسنة، ويعني انتزاع الإحساس الإنساني منه لتعامله طوال الوقت مع آلة جافة لا تعطي مشاعر. مضيفًا أن هذه الألعاب تساعد على التنمر بأرض الواقع وممارسة العنف مع أقرانه في المدرسة أو البيئة التي يعيش فيها.
الألعاب الإلكترونية تغتال براءة الأطفال
وأكمل د. وليد حديثه فقال أن مثل هذه الألعاب تغتال براءة الأطفال، وتساعدهم على الكسل والخمول، وكذلك فإن أضرارها الصحية لا تعد مثل خشونة الركبة وآلم الظهر وتشوية القوام، هذا إلى جانب أضرارها النفسية التي تتمثل في اضطرابات نفس حركية. ومن أعراضها عدم التحكم في حركة العين والاهتزازات المستمرة، وفقدان القدرة على التفكير الحر. فهو سهل الانقياد وهذا من الممكن أن يؤدي به إلى الإدمان الأكبر، وهو إدمان المخدرات.
وأشار د. هندي إلى أن الإنسان السوي دائمًا يحتاج لمشاعر حقيقية ومعاني اجتماعية وأخلاقية. وبالطبع هذا ليس متوفرًا في هذه الآلات الجافة غير الداعمة لأي مشاعر إنسانية.
وأكد د. هندي أن حوالي 75% من مدمني الإنترنت هم غير لائقين في الكشف الطبي لأي كلية عسكرية بسبب تشوه القوام الناتج عن الاستخدام المزمن للإنترنت. كما أن تركيبة الإنسان العقلية والوجدانية اختلفت نتيجة لانقسام الناس ودخول معظمهم للواقع الافتراضي التي صنعته وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك انحصار التفكير الحر المنظم.
وأضاف: فقد اغتالت السوشيال ميديا السلوك الإنساني السليم، ووضعت بديلًا له السلوكيات السلبية لأصحاب النفوس الضعيفة والضحلة التي أصبح همها الأكبر هو الكسب السريع، والظهور المستمر بغض النظر عن المحتوى الذي يصدرونه للآخرين.
وأكمل: وهنا يأتي دور الأسرة والآباء في إعادة تقويم سلوك الأبناء والالتفاف حولهم ومتابعة ما يشاهدونه وفرض السلوك الصحيح في بيئتهم.
اقرأ أيضًا: خاص لـ«الجوهرة»| ما هي الأمراض الوراثية وطرق الوقاية منها؟ أستاذ الوبائيات يشرح