العثور على 25 ألف مواد أثرية.. تعود أقدمها إلى عصر الخلفاء الراشدين

في إنجاز تاريخي هائل، كشف برنامج جدة التاريخية بالتعاون مع هيئة التراث عن 25 ألف قطعة أثرية نادرة تعود إلى القرن الأول والثاني الهجري في 4 مواقع تاريخية بمدينة جدة، تشمل مسجد عثمان بن عفان، والشونة الأثرية، وأجزاء من الخندق الشرقي والسور الشمالي، وذلك ضمن مشروع الآثار الذي يشرف عليه البرنامج.

 تأتي هذه الاكتشافات الأثرية الرائعة في سياق مشروع إعادة إحياء جدة التاريخية، الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، إيمانًا منه بأهمية الحفاظ على الآثار الوطنية وإبراز المواقع ذات الدلالات التاريخية والعناية بها، وفق ما نقلت الوكالة الرسمية "واس".

 وتهدف هذه الرؤية الثاقبة إلى تعزيز مكانة جدة التاريخية كمركز حضاري فريد، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في العناية بالمواقع الأثرية ونقلها للأجيال القادمة.

هيئة التراثمسجد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- (واس)

اكتشاف 25 ألف قطعة أثرية

انطلقت رحلة التنقيب في جدة التاريخية في شهر ربيع الأول 1442هـ، الموافق نوفمبر 2020م، لتُكشف عن ثروة أثرية هائلة تُؤكّد على مكانة جدة كمركز حضاري عريق. فمن خلال أعمال المسح والتنقيب الدقيقة، تمّ اكتشاف 25 ألف قطعة أثرية تُمثّل تنوعًا مذهلاً في المواد والأوزان، تشمل:

11,405 قطعة خزفية تُجسّد إبداع الحضارات القديمة ومهاراتها في صناعة الفخار.

11,360 مادة من عظام الحيوانات تُقدّم معلومات قيّمة عن بيئة جدة وتنوعها عبر الزمن.

1,730 مادة صدفية تُشير إلى النشاط التجاري البحري والارتباط الوثيق بالبحر.

685 مادة من مواد البناء تُلقي الضوء على تقنيات البناء والعمارة في الماضي.

191 مادة زجاجية تُعكس مهارات الحرفيين ودقّة صناعتهم.

72 قطعة معدنية تُؤكّد على التطور التكنولوجي والتجاري في تلك الحقبة.

ويبلغ مجموع هذه الاكتشافات 531 كلجم، لتُمثّل قيمة تاريخية وثقافية هائلة تُضاف إلى سجلّ جدة التاريخية العريق.

هيئة التراثقطع أثرية نادرة تُسلّط الضوء على الروابط التجارية الممتدة لمدينة جدة - واس

 مسجد عثمان بن عفان.. رحلة عبر الزمن

وكشفت الدراسات الأثرية في مسجد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن رحلة عبر الزمن تمتد من العصر الإسلامي المبكر في القرن الأول والثاني الهجري (القرن السابع والثامن الميلادي) إلى العصر الحديث في مطلع القرن الخامس عشر الهجري (القرن الواحد والعشرين الميلادي).

وتضمنت هذه الاكتشافات:

قطع خشب الأبنوس التي عُثر عليها معلقة على جانبي المحراب، والتي تُرجح الدراسات أنها تعود إلى القرن الأول والثاني الهجري (السابع والثامن الميلادي)، ويرجع موطنها إلى جزيرة سيلان على المحيط الهندي، مما يُؤكّد على الروابط التجارية الممتدة لمدينة جدة التاريخية.

مواد أثرية متنوعة تُؤرّخ للعصور الأموية والعباسية والمملوكية، مما يدل على استمرارية الحضارة في جدة عبر العصور.

هيئة التراثتوثيق وحفظ القطع الأثرية المكتشفة في السجل الوطني للآثار - واس

وتُمثّل هذه الاكتشافات قيمة تاريخية وثقافية هائلة تُضاف إلى سجلّ مسجد عثمان بن عفان، وتُؤكّد على مكانة جدة كمركز حضاري عريق.

وتضمنت المواد المكتشفة في المسجد مجموعة متنوعة من الأواني الخزفية، وقطع من البورسلين عالي الجودة التي نشأ بعضها في أفران مقاطعة "جيانغ شي" الصينية ما بين القرن العاشر والثالث عشر الهجري تقريبًا (القرن السادس عشر والتاسع عشر الميلادي)، إضافة إلى أوعية فخارية تعود بحسب آخر ما وجدته الدراسات إلى العصر العباسي.

التسلسل التاريخي للبقايا المعمارية 

وفي موقع الشونة الأثري، تحدد التسلسل التاريخي للبقايا المعمارية إلى القرن الثالث عشرة الهجري على الأقل (قرابة القرن التاسع عشر الميلادي)، مع وجود دلائل من بقايا أثرية ترجع تاريخيًا إلى القرن العاشر الهجري تقريبا (القرن السادس عشر الهجري الميلادي)، كما عُثر على أجزاء من المواد الفخارية، والتي تتكون من البورسلين وخزفيات أخرى من أوروبا واليابان والصين، والتي من المرجح أن يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجري (التاسع عشر والعشرين الميلادي).

وفي أعمال التنقيب بموقع الكدوة (باب مكة) كشفت عن ظهور أجزاء من الخندق الشرقي الذي من المرجح أن يعود إلى أواخر القرن الثاني عشر الهجري (أواخر القرن الثامن عشر ميلادي).

هيئة التراثمشروع جدة التاريخية: رحلة للحفاظ على تراث الأمة ونقله للأجيال القادمة - واس

العثور على شواهد القبور من الأحجار والجرانيت والرخام

كما عُثر على عددٍ من شواهد القبور من الأحجار المنقبية والجرانيت والرخام التي حُفر عليها بعض الكتابات وجدت في مقابر جدة التاريخية، ويرجح المختصون أن البعض منها يعود إلى القرن الثاني والثالث الهجري (القرن الثامن والتاسع الميلادي)، متضمنة أسماء أشخاص ٍ وتعازٍ وآيات قرآنية، ولا تزال تخضع للدراسات والأبحاث لتحديد تصنيفها بشكل أدق من قبل المختصين

وتضمنت الدراسات الأثرية للمواقع التاريخية الأربعة التنقيبات الأثرية، وتحاليل عينات الكربون المشع، وتحاليل التربة والدراسات الجيوفيزيائية والعلمية للمواد المكتشفة، إضافةً إلى نقل أكثر من 250 عينة خشبية من 52 مبنياً أثرياً لدراسته في مختبرات عالمية متخصصة للتعرف عليها وتحديد عمرها الزمني وغيرها من أبحاث الأرشيفات الدولية التي نتج عنها جمع أكثر من 984 وثيقة تاريخية عن جدة التاريخية، بما في ذلك الخرائط والرسومات التاريخية لسور جدة التاريخي والشونة والمواقع الأثرية الأخرى في جدة التاريخية، والتي اطلع عليها ودُرست علميًا.

هيئة التراثكنز تاريخي يُكتشف في جدة: 25 ألف قطعة أثرية تروي حكاية حضارة عريقة - واس