ينتاب الكثير من الأطفال والمراهقين اليوم شعور بالتوتر والقلق؛ ويعود ذلك إلى العديد من الأسباب، مثل: زيادة الواجبات، العنف في المدارس، المشاكل البيئية ومنها تغير المناخ والتي تسهم في شعور الأطفال بالإجهاد، ما يتسبب في ارتفاع مستويات الضغط الاجتماعي أو النفسي عليهم.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك ضغوط للمشاركة في الألعاب الرياضية والأنشطة والدخول إلى كلية جيدة، وحتى مجرد التعامل مع الحياة اليومية يمكن أن يكون مرهقًا للغاية.
ومع زيادة معدلات القلق والاكتئاب بين المراهقين، فليس من المستغرب أن يصبح تحسين الصحة العقلية مصدر قلق كبير لكل من الآباء والأمهات والمربين؛ لذا يلجأ عدد متزايد من الناس إلى الذهن كوسيلة لمساعدة المراهقين من أجل التغلب على الضغوطات والمشاعر السلبية في حياتهم.
عندما يركز الأطفال والمراهقون على الانتباه، فإنهم يبطئون ويأخذون وقتهم، ويركزون على ما يفعلونه بطريقة مريحة وخالية من التوتر، وعادةً ما يتضمن ذلك التأمل الذهني الذي يمزج بين تمارين التنفس والتصور والوعي بالجسم والاسترخاء.
وفي الواقع، تُظهر الأبحاث أن ممارسة اليقظة الذهنية يمكن أن تُحسّن من انتباه أي شخص، بما في ذلك الشباب الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والذين غالبًا ما يجدون صعوبة في الانتباه.
وبشكل عام، فإن الأشخاص الذين يتعلمون ممارسة اليقظة الذهنية تتحقق لهم الفوائد التالية:
1- يصبحون قادرين على الاهتمام بشكل أفضل. 2- يقل تشتيت انتباههم. 3- يحافظون على هدوئهم تحت الضغوطات. 4- يتجنبون الانزعاج الشديد. 5- يتعايشون مع الآخرين بشكل أفضل. 6- يتحلون بالصبر. 7- تساعد الأطفال والشباب في أن يصبحوا مستمعين جيدين. 8- تساعدهم في الشعور بالسعادة بشكل عام. 9- يتعلمون كيفية التعامل مع جميع أنواع المواقف والرد بطريقة مدروسة. 10- يدركون كيفية إدارة الإجهاد وتنظيم العواطف والتركيز على المهمة المطروحة وتطوير نظرة إيجابية للحياة.
وتُعد فترتي الطفولة والمراهقة مرحلتين مهمتين في العملية التنموية للشباب، وما يحدث خلالهما يضع أُسس صحتهم العقلية المستقبلية.
لذا؛ فإن الأطفال والشباب الذين يمارسون اليقظة الذهنية تعمل أدمغتهم بشكل أفضل، وقد يطورون شعورًا بالفضول حول كيفية عمل عقولهم ولماذا يشعرون بالطريقة التي يشعرون بها، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى فهم أعمق لكل شيء، كما أظهرت الأبحاث أنه عندما يتم استخدام اليقظة الذهنية في المدارس، فإنها يمكن أن توفر مجموعة من الفوائد المعرفية والعاطفية والاجتماعية.
وأثبتت دراسة، شارك بها طلاب بالصف الثالث على مدى 8 أسابيع، أنه عندما تم تنفيذ برنامج التوعية الذهنية في المدرسة أظهر الطلاب تحسينات في تنظيم سلوكياتهم والتركيز على مهامهم، وذلك عند مقارنتهم بمجموعة لم تشارك في البرنامج.
وفي الوقت نفسه، وجدت دراسة أخرى أن الطلاب المشاركين في برنامج التوعية الذهنية لمدة 24 أسبوعًا، حققوا نتائج أفضل في الأنشطة القائمة على الاهتمام.
وبالمثل، أكدت دراسة لمرحلة ما قبل المدرسة أن الطلاب الذين لديهم منهج ذهني أدوا بشكل أفضل في اختبارات الأداء الأكاديمي، كما أظهروا تحسنًا أكبر في المجالات التي تتوقع النجاح الأكاديمي في المستقبل.
وبشكل عام، لا يساعد التفكير الذهني أو المشاركة في الأنشطة الذهنية الطلاب على إدارة التوتر فحسب، ولكنه أيضًا يزيد من شعورهم بالرفاهية.
على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أنه بعد المشاركة في برنامج التوعية الذهنية كان الطلاب أكثر عرضة للإبلاغ عن شعورهم بالتفاؤل.
وقالت دراسة أخرى، إن تنفيذ خطوات البرنامج لمدة 7 أسابيع أدى إلى شعورهم بالهدوء والحصول على نوم أفضل.
على سبيل المثال، أدى برنامج التوعية الذهنية لمدة 5 أسابيع في مدرسة ابتدائية إلى مشاركة أفضل في أنشطة الفصل، كما ساعد اتباع البرنامج داخل مدرسة ثانوية في رعاية الاحترام المتبادل بين الطلاب وتحسن المناخ الدراسي.
ويمكن أيضًا استخدام اليقظة الذهنية كأداة لتعزيز مفهوم الذات وتحسين مهارات التخطيط والتحكم في الدوافع.
وبشكل عام، تتعلق اليقظة الذهنية بإقناع الأطفال والمراهقين بالتأمل في أفكارهم وأفعالهم وتعلم كيفية اتخاذ خيارات أفضل.
وفي النهاية، عندما يفهم الأطفال والشباب أنهم يستطيعون التحكم في أفكارهم ومشاعرهم وأفعالهم، فإنهم لا يتخذون فقط خيارات أفضل ولكنهم يشعرون بالتحكم في عمليات صنع القرار لديهم.
من الناحية المثالية، ينبغي ممارسة اليقظة الذهنية كل يوم، فهذه الطريقة تجعل أطفالك يركزون على ما هو أمامهم، وتمنعهم من السماح لعقولهم بالتأمل في الأشياء التي حدثت في الماضي أو القلق بشأن الأشياء التي قد تحدث في المستقبل، فعندما يتعلم الأطفال والمراهقون أداء ذلك على أساس منتظم، سيكون لديهم نظرة أكثر إيجابية للحياة وتجربة أفضل بكثير.