صبحة بغورة تكتب: تحقيق حياة الفخامة بإمكانيات محدودة

حلم الثراء والعيش الرغيد يداعب عقول معظم الناس؛ لأنه مرادف لتحقيق السعادة، ولكن ليس لكل الناس نفس الفرص المواتية لتحقيق هذا الحلم وليس لديهم ذات الامكانيات الكافية للانتقال من الحياة البسيطة إلى المظهر الأنيق الجميل. فهل يمكن الجمع بين الرصيد المالي المحدود وأمنية المظهر الفخم؟.

هي أمنية مشتركة بين كل الناس، أن تهب يوما عليهم رياح الثراء لتجعلهم يحققون رغبتهم في لمح البصر بالانتماء إلى العالم الاجتماعي للأثرياء، الحلم شيء جميل. والأجمل أن يتحول في النفس إلى طموح تتشكل منه عزيمة واعية تعزز الرغبة في إحداث التغيير.

قد تمثل الإمكانيات المحدودة في البداية عائقا أمام معظم الناس ومانعا يستحيل تجاهله أو تجاوزه لدي كل الناس. ولكن بعض البشر لا يعرفون معنى المستحيل؛ لأنهم يثقون في مهاراتهم الذاتية وفي مستوى ذكائهم وقدرتهم على التفكير السليم أي المناسب منطقيا وموضوعيا مع طبيعة ظروف المعيشة، أي التفكير السريع التكيف مع الواقع، بمعنى لا يدع أحدهم رصيده المالي المحدود هو عنوان شخصيته. إذ يمكنه أن يعيش بمظهر محترم ويجعل النعمة تبدو عليه، ولا يحتقر نفسه فذلك يحقق الرغبة في تغيير أسلوب الحياة إلى الشكل الذي يريده المرء دون أن يحلم بالعثور يوما على كنز كبير أو يأمل بحصوله على إرث بالملايين.

للفقر مظاهره الواضحة وهي غالبا تعكس الحالة النفسية المستسلمة لقوانينه، وما على المرء سوى أن يحاول وقف زحف مظاهر الفقر على حياته، إذا هو أعاد نظام وترتيب منزله، وقام بتجديد بعض أثاثه ورمّم البعض الآخر وأعاد طلاء الجدران وقام بإعادة توزيع الأضواء مثلا؛ فذلك سيبعث كثيرا من السلام والاستقرار المريح في دخيلة نفسه لأنها تهيء له مستوى مناسب ودرجة كافية من الاحساس بالفخامة.

ومن المفيد أن ينتهز المرء فرصة قيام المحلات التجارية الكبيرة بعملية التصفية والتنزيلات بل والبيع بسعر التكلفة للتخلص من السلع المكدسة لديها حتى تستقبل السلع الجديدة للفصل التالي، ولعل المتابع الجيد يدرك قيمة ذلك من خلال العروض المقدمة في تطبيقات الانترنت حيث تباع نفس الملابس الفخمة لأشهر بيوت الأزياء والأحذية والاكسسوارات الرائعة ذات الماركات العالمية فقط بسعر التكلفة ،كما تمثل المزادات التي يتخلص من خلالها الأثرياء من الأغراض القديمة ليستبدلوها بأخرى عصرية حديثة فرصة استثنائية لراغبي الحصول على التحف وقطع الأثاث النادرة ذات القيمة الفنية والتاريخية التي تضفي على المنزل بمجرد لمسة عناية بسيطة أجواء الهيبة والجمال والأصالة وقد كان في الحقيقة من المستحيل الحصول على بعضها من مواقعها الأصلية أو من محلات العرض.

مظاهر السلوك الراقي

واللياقة في التصرف واللباقة في الكلام مع الناس هي من مظاهر السلوك الراقي الذي يجلب لصاحبه مباشرة التقدير والاحترام في كل الأوساط، وهي مفتاح سحري لإقامة علاقات اجتماعية طيبة ورفيعة مهما كان المستوى المادي لأنها تمثل في حد ذاتها مظهر من مظاهر الثراء دون الإفصاح عنه صراحة، والأفضل أن يترك هذا الأمر لتقدير الآخرين وحكمهم، ويمكن أن يكون ذلك سبيلا يسهل له الزواج السعيد، والزواج يمثل عنصر أساسي للاستقرار النفسي.

حيث ينعكس أثره سريعا على طبيعة الإنسان وعلى شخصيته وحياته الخاصة ويستفزه على تطوير إمكانياته المالية وتحسين أوضاعه، فالإحساس بالدفء الأسري والتمتع بالحماية العائلية يهب الإنسان إرادة قوية لتفجير قدراته العملية لتوفير كل ما تحتاجه أسرته وتأمين سبل العيش الهانئ والسعيد، ومن نفس ميادين العمل الإنساني الحميمية التي تترك الاحساس الطيب في النفس المناسبات الاجتماعية الهامة التي تبادر بها الجمعيات الأهلية والخيرية المرتبطة بتقديم الخدمات الإنسانية لصالح مراكز الخدمة الاجتماعية التي تترك أثرها العميق أيضا فهي تتيح لكل فرد متعة المشاركة في عمل الخير والانتشاء بامتنان الفقراء والمحتاجين والاستمتاع عن قرب بمشاركة نجوم الفن والرياضة في هذه الأعمال، ولتلك قيمة عظيمة في تزكية النفس وتسامي الروح بالعمل الصالح الذي يطغى على كل ما سواه من متع الدنيا حيث تكمن مشاعر الفخامة الحقة للإنسان في الشعور بالرضا عن ما يقوم به النابع من ما يلمحه من نظرات التقدير والامتنان في عيون الناس، وسيكون رصيده من الرضا عن نفسه لا يقل أهمية عن رصيده في البنك.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: الاستقلالية العائلية.. خصوصية أم أنانية