روز العودة تكتب: نتائج إهمالنا لغة الضاد

يقول علماء معاصرون إنَّ نهضة وتطور أي أمة رهين بنشر لغتها حول العالم؛ لتصبح لغة تواصل وتبادل للأفكار والثقافات، وأصلًا في كل التعاملات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية.

وانطلاقًا من هذه المعطيات، خصصت بعض الدول ميزانيات جزئية لنشر لغتها على مستوى العالم، تأكيدًا على أهمية اللغة في فكر قادة هذه الدول.

والشاهد، أننا في حاجة إلى أبعد من هذه الجزئيات في تعاطينا مع لغتنا العربية؛ لغة الضاد، التي تجمع البلاغة والفصاحة والدقة والجماليات في قالب أدبي قَلَّ أنْ يتواجد مثله في لغة أخرى؛ فطريقة تركيب الجمل، ودرجات وأصول التركيب لا تبلغها لغة أخرى؛ لذا نتحدثها ونستمتع بها في قوالب مختلفة تتميز بالمرونة والدقة والجمال في آن واحد.

وعلى الرغم من أهمية لغتنا العربية وميزاتها، إلا أننا أهملناها لنبحث عن تجويد وإجادة لغات أخرى على حسابها؛ وهي مؤشرات تؤكدها إحصائيات عالمية حول رصيد أطفالنا دون سن الخامسة من كلمات اللغة العربية، الذي لا يتعدى 3 آلاف كلمة، بينما رصيد الأطفال من نفس الفئة العمرية في الغرب يتجاوز 16 ألف كلمة.

وهذا وضع وواقع مرتبط بمخطط قديم للغرب؛ لإضعاف مقدرات الفرد المسلم الذي كان يحفظ ما يزيد عن 50 ألف كلمة بحفظه القران الكريم قبل سن العاشرة؛ وهو ما اكتشف الغرب أنه مصدر قوة الأمة، وسبب تفوقها وسيادتها على العالم، إضافة إلى تقصيرنا وإهمالنا في المحافظة على رصيدنا المتميز من لغتنا الأم، ونقلها من جيل إلى آخر بكل مسؤولية، وضمن تخطيط بين جميع الدول العربية؛ حتى نضمن عودة مجدنا الذي كانت اللغة أهم عناصره باعتراف الغرب.

روز العودة

لقد أضعنا رصيدًا مهمًا بإهمالنا أغنى لغة على الإطلاق من حيث المعاني، والكلمات، والتراكيب، والأوصاف، والأبعاد الجمالية التي تجعل تواصلنا اليومي متعة كبيرة؛ وذلك بالاهتمام بها في المناهج الدراسية في جميع المراحل التعليمية، والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في نشرها وتجويدها بقواعدها وأصولها النحوية.

إذا فعلنا ذلك، نجحنا في أن تحُلَّ محل اللغة العربية الدراجة السائدة حاليًا، والتي تختلف من مجتمع لآخر؛ لتصبح لغة القرآن الكريم ثقافة مجتمعية في التواصل والتخاطب والمعاملات الرسمية، مع تصحيح الأخطاء الكارثية الموجودة في الفضاءات الإلكترونية؛ حتى لا تصبح شائعة؛ فيتعامل بها الناس على أنها صحيحة.

إنَّ أهمية نشر اللغة العربية، والمحافظة عليها، وتجويدها وسط جيل اليوم، لا تقل أهمية عن الأمن الغذائي، والمائي، والاهتمام بالصناعة، وتطوير الاقتصاد من أجل بناء جيل يهتم بلغته، ويحافظ عليها، ويعتبرها مصدر إلهام وقوة، وليس منبع جهل وتخلف كما يحاول البعض بدعم من الغرب تصويره.

حقيقة أخيرة: "لن تنهضَ أمةٌ بغيرِ لغتِها".

روز العودة رئيس التحرير 

اقرأ أيضًا: روز العودة تكتب: إسعاد الوالدين