روز العودة تكتب: مُدَبِّرُ الْأَمْر

لا شيء يجري عبثًا في الكون، بل بتدبير من الله تعالى الذي يقول في كتابه الكريم: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ}؛ فلا تقلق ولا تحزن، وتأكد من أنه لن يخذلك أبدًا ما دمت في معيته؛ فهو يعلم أحوالك، ومشاكلك، وأوجاعك، وضيق صدرك، وبكل ما يجري حولك.

﴿يدَبِّر الْأَمْرَ﴾ حين تختلط ُأمورنا فلا نحسن لها تدبيرًا؛ فيفتح الله لنا الأبواب المغلقة، ويعوضنا عما فاتنا. ويحقق أمنياتنا، ويذهِب عنا ضيق الصدر.

واعلم أنَّ الله سبحانه وتعالى عندما يغلق من دونك بابًا كنت تطلبه فلا تجزع. وتأكد من أن الخيرة في إغلاقه. وكن على يقين بأنَّ بابًا آخر سيفتح لك، يُنسِيك همَّ الأول، وحينها ستدرك معنى قوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾.

إنك لن تعرف حكمة الله دائمًا، ولن تدرك كيف يدبر أمرك، بل ستخبرك الأيام بالخير الذي خبَّـأه لك، والشر الذي صرفه عنك حتى تمتلئ يقينًا بالله. وأنه يدبر لك في الغيب أمورًا، لو علمتها لبكيت فرحًا.

فيا أيها المريض الذي يصارع الأسقام، ويكابد الليل بينَ الأوجاع والآلام، لكَ ربّ رحيم لا تأخذه سِنَة ولانَوْم، يدبِّر الأمرَ في كل وقت. ويا أيّها المَدِين الذي قد لَبِسَ لِباسَ الغَمِّ والهمِّ، لكَ ربّ كريم يدبِّر الأمرَ ليلًا ونَّهارًا. ويا من يعاني من مشاكلَ يعتقد أنَّه لا مخرج منها، وضاقتْ به الحياة، ارفعْ شَكواكَ إلى من يدبِّر أمرَ هذا الكونَ.

اطمئن؛ فكل حزن سَيذهب، وكل كسر سيجبر؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يترك قلبًا تحت سمائه تائهًا دون ملجأ. فإن نِمتَ على مكسورًا، أصبح مجَبورًا، فبَين حالٍ وحال ﴿يدَبِّر الْأَمْرَ﴾.

إنَّ من أشدِ عجائب التدبير الرباني، أن الله تعالى يمضي قدرَه بإرادة بني آدم. أمَا ترون كيف أمضى الله تعالى أمره في إرسال موسى -عليه السلام- إلى فرعون؟. فيكتب سبحانه ميلاد موسى في السنة التي يقتل فيها فرعون بني إسرائيل، ثم تلقيه أُمّه في اليمِّ بعيدًا حيث لا يرى. ثم يقدر سبحانه وتعالى أن يذهب إلى قصر فرعون، ويكون بين يدي فرعون؛ فلماذا لم يقتله إذا كان له من الأمر شيء؟!

ولنا عبرة جليلة في نبي الله يوسف-عليه السلام- وإخوته. وكيف أخرجه الله تعالى من بين أبويه وتآمر عليه إخوته. ثم يقّدِّر وضعه في البئر، دون أن يعلم أنه مفتاح التمكين له في الأرض. ثم ينتقل من غيابة البئر إلى أعالي قصر عزيز مصر.

سلامًا على من قرأ ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾؛ فتركَ الأمرَ لصاحب الأمر.

روز العودة رئيس التحرير

اقرأ أيضًا: روز العودة تكتب: قوت القلوب