د. شامان حامد يكتب: العيد.. هدايا القلوب المخلصة

يستقبل المسلمون في كل مكان أعيادهم بفرحة واحدة، مرة بفضل الله ورحمته، وكريم إنعامه، وأخرى بالهداية يوم ضلت فئات من البشر عن صواب الدين المستقيم، {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّة وَلِتُكَبِّرُوا اللَّه عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (البقرة: 185).

وقد قال العلماء: «إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين». فأعيادنا مُفعمة بالحياة النابضة من ديننا الحنيف وشريعته السمحاء، فلا مكان للحزن فيه خلافاً لبعض الأمم كالأعياد الجنائزية لدى الفراعنة، وكعيد الغفران اليهودي، وغيرهما.. فقد حبانا الله ببلوغ الأيام الغر وفضائل شهرنا الكريم، بعد تعظيم لشعائره، استغفارًا وتسبيحًا وقُرآنًا.. شفت به النفوس، ورقت وكأنها في السماء تعيش مع الملائكة الكرام البررة.

فعيد الفطر، هو أجلّ عيد وأضوى عيد، فما سُمي عيد إلا لعود السرور بعوده وكثرة عوائد الله تعالى فيه بالإحسان، وما أدخل البهجة على نفوس الناس بإفشاء السلام، في مُجتمعنا الرباني، بالانسجام والإخاء والتعاضد والوحدة مهما تباعدت الأقطار ورُسمت الحدود، والانتماء، خاصة في ظل وباء الجائحة (كوفيد19) كورونا، فرب ضارة نافعة، وما لنا إلا في خير البرية محمد صلّى الله عليه وسلم، سيرة عطرة، فقد قال أنس –رضي الله عنه-: «قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: إن الله أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر»؛ إذ في إبدال عيد الجاهلية بعيدينا دلالة على أنه يفعل في العيدين المشروعين ما يفعله أهل الجاهلية في أعيادهم من اللعب مما ليس بمحظور؛ لأن النبي إنما خالفهم في تعيين الوقتين.

وقد أتحفنا مصطفى صادق الرافعي بأن: "العيد ليس إلا تعليم الأمة كيف تتسع روح الجوار وتمتد، حتى يرجع البلد العظيم وكأنه لأهله دار واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي، وتظهر فضيلة الإخلاص مُستعلنة للجميع، ويُهدي الناس بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة المحبة؛ بروح الأسرة الواحدة في الأمة كلها).. فالكل مسؤول وعلينا أن نعمل لتحقيق نفس الغايات، لنيل رضى الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم، فإن المؤمن اللبيب الواعي، يبتعد الآن ليقترب ممن يُحب غدًا، ومن يجعل احتفاله حُبًا لهم عبر تقنيات وفضاءات التطبيقات الإلكترونية، مُهنئين أنفسنا ومن حولنا بخير عيد، فليس العيد بالخروج فقط والزيارات والهدايا بل بالمسؤولية، رغم أنه مدرسة تربوية واجتماعية عظيمة، ويُمكنك صلاة العيد بالبيت دون خطبة، لتحفظ نفسك وأهلك، وتقي العباد من أي شر قد يصلهم منك -لا قدر الله-.

ويبقى من المهم أن تذكّر أن مقياس الشعور بالأمان، وإحساس السعادة في بلداننا، يصلح لأن يكون مضرب المثل، مقابل دول أخرى، فكُلُنا مسؤول، باتباع قواعد التباعد الاجتماعي، وعدم التجمعات بجميع صورها وأشكالها وأماكن حدوثها.. وعيدكم سعيد. فاعمل على صيانة مجتمعك بكل أشكال الإنسانية، فشمّر عن ساعدك لمساندة حكومتك باتباع الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي، فُكن مسؤولاً وتبادل التهاني وغيرها عبر العالم الافتراضي الصغير، وحفظ الله لنا مليكًا حكيمًا وولي عهد في ثالثة البهاء والنجاح برؤيته الشابة بخير علينا جميعًا.

د. شامان حامد طبيب ورئيس قسم جراحة الفم والأسنان ـ مستشفى أستر سند

اقرأ أيضًا..مُعايدة خاصة من خادم الحرمين: «نرى الأمل في قادم أيامنا»