الصداقة.. و"فردوس المدينة الضائع" و "رسائل دراج وملص" في العدد الجديد لمجلة الفيصل

كعادتها تفاجئ " مجلة الفيصل" محبيها ومتابعيها من شهر لآخر، بالعديد من الموضوعات الفكرية التي تمتاز بالثراء والتنوع، فتطرح العديد من الموضوعات الجدلية والفكرية الهامة من خلال مجموعة مميزة من المفكرين والمبدعين والنقاد العرب، لتقدم لنا وجبة ثقافية رائعة تثري الفكر والوجدان، وتسهم في إضفاء المزيد من الوهج والألق على حياتنا الثقافية. وفي إطار دورها التنويري الرائد، خصصت "مجلة الفيصل" في عددها الجديد لاريب أن "الصداقة" سمة أخلاقية مهمة في حياة الإنسان، ويحتل مفهوم " الصداقة" موقعًا أساسيًا في حياة الأفراد والمجتمعات والدول أيضًا، فهو يضفي على العلاقات طابعًا إنسانيًا أصيلًا، على الرغم من أن هذا المفهوم لم يأخذ حظه ولم يحظ باهتمام نقدي، ولم يجذب دارسين ونقاد حديثين لتأمله من زوايا مختلفة. ملفًا حول موضوع "الصداقة : مواجهة ضد تقويض السلام،" ، شارك فيتحريره مجموعة من المفكرين والكتاب والنقاد العرب هم : سعيد توفيق، عزالدين عناية، هاشم صالح، رفيف صيداوي، إميل أمين، محمد مظلوم، سليمان الحقيوي، عبد الرحمن الدرعان، عبد الرحمن موكلي، إبراهيم الحسين، جارالله النبي الحلو، هالة البدري، سميحة خريس، سلوى بكر، استبرق أحمد، نسرين بلوط، صلاح السروي وعلوان الجيلاني.

وجاء الحوار مع الباحث السعودي؛ نايف الروضان، الذي أكد أن الكرامة هي أكثر الاحتياجات البشرية إلحاحًا وأن الأمن العالمي لا يمكن اختزاله في بعد واحد.، ويؤمن الروضان - من خلال طرحه فكرًا فلسفيًا يدمج حقول معرفية متنوعة - بأنه يمكن قياس فرص بقاء الأفكار التنظيرية من فنائها، بالنظر في مسببات قيام وسقوط أيديولوجيات ونظم سياسية عبر التاريخ. أما المقالات فكانت لكل من: حسن حنفي، علي حرب، تركي الحمد، أحمد الفيتوري، مسفر الغامدي، حسن عجمي وحزامة حبايب. في باب "دراسات" ‎قراءة في شعر وديع سعادة: وائل فاروق. و"نار جلجامش في مصباح زرقاء اليمامة": ربيع محمود‏. وفي باب "رسائل" يطالع القارئ رسائل تبادلها فيصل دراج ومحمد ملص تعكس الاهتمامات والمشاغل لدى الناقد الفلسطيني والسينمائي السوري، خلال الفترة (1968ـ 1975). وتكتب الباحثة سعاد الحكيم مقالة في باب "تصوف" بعنوان: "تمتعْ بالنوم وازددْ معرفةً: نظرة صوفية على ‏ثقافة النوم". ويعالج رضوان السيد في "قضايا" قضية الدين والدولة والإحيائيات الإسلامية، متسائلا: متى يتحرر الدين من المهمات السياسية لتشارك فئات المجتمع في إقامة الدولة المدنية؟". ويواصل الناقد فيصل دراج كتابة سيرته الذاتية في حلقتها السابعة، متوقفا هذه المرة عند تجربته في بيروت. وفي باب "ثقافات" تناقش أماني أبو رحيمة كتاب "الإنسان بلا محتوى" للمفكر الإيطالي جورجيو أغامبين، لتكشف مأزق الفنان الذي يقف مشدوهًا أمام البياض ‏المرعب ‏للصفحة الفارغة. ويكتب عماد أبو صالح عن الشاعرة الروسية بيلّا أخمدولينا‎ التي أقامت أمسيات شعرية في ملاعب كرة القدم وتعد ‎نجمة حقيقية وأيقونة للحرية و«كنز للشعر الروسي». ويقدم لنا المترجم حميد عمر موضوعا عن ‏الترجمة بوصفها نوعًا من الاغتراب والنفي، بحسب الباحثة البرتغالية دومينيك فاريا. ويكتب ماجد الشيباني عن فلسفة الجمال والدراسات ما بعد الفينومينولوجية. ويرسم محمد بكاي برورتريها بالكلمات للكاتبة هلين سكسو: أثنى جريحة تهاجم وتدافع بالكتابة المتوحشة. وتتناول الباحثة الأميركية جولاي بلالاك شخصية الأمير عبدالقادر كأسطورة أدبية في الغرب. ويثير باب "فضاءات" عددا من الرؤى حول "الجسد مشتبها به"، تضمن كتابات لجيل دلوز وأنتونين أرتو، وحوارات مع فتحي بن سلامة ومفكرين آخرين، ترجمة: محمد الحبيب بنشيخ. وفي "تراث" نقرأ دراسة "بعنوان "دائرة المحبين" لخالد التوزاني تتناول قيمة وأثر جلال الدين الرومي لدى الديانات كلها. وفي "موسيقى" يتأمل محمد الإدريسي الكيفية التي صنع بها «يوتيوب» ثورة الموسيقا ‏الكاريبية؟ ‏وكيف أسهم ذلك في انتقال المركزيات الفنية والموسيقية العالمية إلى الأطراف‏. وفي "سينما" مقالة للكاتب عبدالكريم ‏قادري حول تجربة السينمائي الراحل برناردو بِرتولوتشي. وفي "تشكيل" تحاور هدى الدغفق التشكيلي فيصل السمرة، الذي ميزت ‏الجرأة والبعد ‏الفلسفي أعماله. وتنشر "الفيصل" قراءات لكل من عبدالله المتقي ورضا عطية ومنذر مصري في كتب لأحمد بوقري وعدنان محمد وإبراهيم سلامة. ‎ ‎كما نطالع حوارا مع باتريك شاموازو حول النيوليبرالية بصفتها عملية غادرة تستنزف إنسانية الإنسان: ترجمة سامية شرف الدين. وفي "مدن" يكتب إدريس مقبول إطلالة على العلاقات المتلاشية في المدينة العربية. أما كتاب العدد فجاء بعنوان "فردوس المدينة الضائع" للشاعر والكاتب علاء خالد، وهو قراءة في رواية الصحراء. وفيه يقوم الباحث باستقصاء فكري لثلاث روايات تتخذ من الصحراء مسرحًا لأحداثها: الرواية الأولى: هي «المجوس» للروائي الليبي إبراهيم الكوني، 1992م، التي تتحدث عن عالم قبائل الطوارق التي تعيش في صحراء «آزجر»، هذا العالم المعزول جغرافيًّا، وهذه العزلة هي التي حافظت على بقائه، ثم ينتقل المؤلف ليثبِّت لحظة تحوله، وفك عزلته، التي ستكون فيها نهايته وفناؤه، عبر كارثة طبيعية «ريح القبلي القاتلة»، وأيضًا دخول «المجوس» أو الفكر «الآخر» للصحراء. و الرواية الثاني : يتناول رواية الروائي المصري صبري موسى «فساد الأمكنة»، 1976م، التي تجري وقائعها في صحراء البحر الأحمر، قبل الثورة المصرية، التي تتحدث أيضًا عن قبائل معزولة جغرافيًّا وثقافيًّا، هما قبيلتا البشارية والبجاة اللتان تسكنان هذا المكان الصحراوي، ثم تُكتَشَف كنوز تحتويها الجبال والكهوف، فتتغير هوية الصحراء النقية، بدخول هذا «الآخر» المستثمر والمكتشف والمستغلّ في آنٍ، وتؤدي إلى حدوث كارثة إنسانية بدخول «عصر الآلة»، وتُهتَكُ شبكة العلاقات الإنسانية والوعي المقدس لأهل الصحراء. والرواية الثالثة: «النهايات» للكاتب السعودي عبدالرحمن منيف، 1985م، وتتحدث عن قرية صحراوية «طيبة»، تلك القرية الرمزية المعزولة أيضًا جغرافيًّا، التي تتوسط البادية والبساتين، وتبعد منها المدينة مسافة كبيرة، ومرّ عليها جنود من قبل أوقعوا بها ضحايا. إذًا هي قرية مُستهدفة، ربما لرمزيتها وقِدمها، ولثروة الصيد الوفير في صحرائها. تتعرض هذه القرية لكارثة القحط، بجانب الكارثة الأخرى وهي دخول الأغراب إليها بآلاتهم/ عرباتهم السريعة، التي تؤدي إلى تغيير جوهري في نظرة البدوي للصحراء المقدسة ولنفسه، تجعله يشعر بالاغتراب داخلها. وقد اتبع المؤلف في هذه القراءة، تأويلًا وتأصيلًا ذاتيين للأفكار الأساسية في الروايات الثلاث، واستعان بمجموعة من القراءات المصاحبة التي أنارت وألقت الضوء على أفكار جانبية ولكنها شديدة الأهمية، متضمنة في الروايات الثلاث.