الدكتور إسلام عنان يتحدث لـ”الجوهرة” عن أسباب التغير المناخي وتأثيره على الإنسان وكوكب الأرض

تغير المناخ

يشهد فصل الصيف منذ عدة أعوام ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة،  وزيادة حدة الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات.. وغالبًا يرجع ذلك بحسب الخبراء إلى التغير المناخي، الذي ما يزال يشكل تهديدًا وخطرًا على سلامة سكان الأرض جميعًا.

وفي هذا السياق، أجرت مجلة “الجوهرة”، حديثًا خاصًا مع الدكتور إسلام عنان؛ أستاذ الوبائيات والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “أكسيت” للأبحاث في إفريقيا والشرق الأوسط، ودكتور اقتصاديات الدواء وعلم انتشار الأوبئة بكلية الصيدلة، جامعة مصر الدولية.

يقول الدكتور “عنان”: إن الحديث عن تأثير تغير المناخ على صحة الإنسان، لم يعد ترفًا فكريًا للمهتمين فحسب، بل حقيقة يواجهها خبراء الصحة العامة بقلق بالغ.

 ويضيف: فارتفاع حرارة الأرض بوتيرة تفوق معدلاتها التاريخية لم يعد مجرّد رقم يتصدر عناوين الصحف والتقارير العلمية، بل انعكاسٌ حيوي يُحدث اضطرابًا عميقًا في النسق البيئي، ويضع أُطر التنبؤ الصحي أمام تحديات استثنائية.

أسباب التغير المناخي

وعن أسباب التغير المناخي، قال الرئيس التنفيذي لشركة “أكسيت” للأبحاث: حدث التغير المناخي، نتيجة للأنشطة البشرية التي تطلق غازات الاحتباس الحراري إلى الغلاف الجوي، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، مثل مماراسات حرق الوقود الأحفوري، كالفحم والنفط والغاز الطبيعي، الذي يطلق ثاني أكسيد الكربون.

وأيضًا قطع الغابات، والأنشطة الصناعية، مثل: إنتاج الأسمنت والحديد والصلب، وكل ذلك يؤدي صعود درجات الحرارة، وذوبان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة حدة الظواهر الجوية القاسية، مثل: العواصف والفيضانات، وتغير أنماط هطول الأمطار، ما أدى إلى الجفاف في بعض المناطق وتغير أنظمة بيئية بالكامل.

وأضاف الدكتور “عنان”: “ورث البشر كوكب الأرض من 300 ألف عام، من عمر الأرض الذي يقدر ب4.5 مليار عام، أي أن عمر الإنسان فقط (0.007%) من تاريخ نشأة كوكبنا.

وتابع: لكن ما فعله البشر بالأرض، يهدد الحياه كما نعرفها، وللأسف قد ينبىء بفناء البشر إذا واصلنا سياستنا بعدم احترام موارد الكوكب والتغيير المستمر في مناخه، ومن وضع كوكبنا في مرحلةً حرجةً يتصاعد فيها تأثير تغير المناخ على صحة الإنسان بصورةٍ لم يعهدها العالم منذ ما يزيد على 100 ألف عام. 

تغير المناختغير المناخ

تبعات ارتفاع درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعية 

 وأكمل أستاذ الوبائيات: “لقد شهد كوكبنا ارتفاعًا ملحوظًا في درجة حرارته عن المعدل الطبيعي، بمقدار 0.8 درجة مئوية بين عامي 1990 و2020م، وهو أمر قد يبدو بسيطًا للوهلة الأولى، ولكنه يحمل في طياته تبعات خطيرة على صحتنا.

وأوضح: تم تسجيل أعلى درجات حرارة عالمية على الإطلاق في جميع القارات خلال عام 2022، وزادت المساحة العالمية للأراضي المتضررة بالجفاف الشديد إلى 47% في الفترة 2013-2022، ما عرض الأمن المائي والصحي وإنتاج الغذاء للخطر.

وأكد ارتباط زيادة موجات الحر والجفاف في عام 2021، بـ 127 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد أو الشديد مقارنة بعام 1981-2010؛ إذ يعرض هذا الملايين لخطر سوء التغذية والآثار الصحية التي قد لا يمكن علاجها كتداعيات الأنيميا والتقزم وأمراض سوء التغذية.

 وأشار الدكتور “عنان” إلى أن هذه الزيادة الصغيرة نسبيًا أحدثت اختلالات كبيرة في نظامنا المناخي وعواقب وخيمة على صحة الإنسان.تغير المناخ

تغير المناخ

تأثير موجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ

  • ارتفاع الوفيات وانتشار الأمراض

ويواصل الدكتور “عنان” حديثه لمجلة “الجوهرة”، قائلاً: “موجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ تسببت في 226 ألف حالة وفاة إضافية على مستوى العالم بين عامي 2000 و2019، بسبب انتشار أمراض مثل ضربة الشمس والإرهاق ومشاكل الجهاز التنفسي. 

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن 7 ملايين حالة وفاة مبكرة على مستوى العالم في عام 2019، كانت ناتجة عن تلوث الهواء المحيط بسبب زيادة مشاكل الجهاز التنفسي، مثل: الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.

 بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض منقولة بالماء مثل: الإسهال والكوليرا والتيفوئيد، جراء الفيضانات المتزايدة والأحداث المناخية القاسية المرتبطة بتغير المناخ التي أدت إلى تلوث مصادر المياه وتعطل أنظمة الصرف”.

وتابع: علاوة على ذلك، زيادة الإصابة بالأمراض المرتبطة بالنواقل مثل: الناموس الذي يهاجر إلى أماكن أصبحت مناسبة لمعيشته لم تكن كذلك في الماضي؛ بسبب الاحتباس الحراري؛ حيث زادت معدلات حمى الضنك حتى أصبح نصف سكان كوكب الأرض معرض للإصابة به وارتفع هذا المعدل، بنسبة 28%، مقارنة بعقد الخمسينيات من القرن الماضي.

 وأيضًا أحدث لتغير المناخي، هجرة الناموس الناقل للملاريا إلى أماكن جديدة؛ حيث ارتفعت مساحة الأراضي المناسبة لانتقال طفيلي الملاريا، بنسبة تصل لـ 17% بين عامي 1951 و2022.

تغير المناختغير المناخ

  •  تأثير تغير المناخ على المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي

وأشار أستاذ علم انتشار الأوبئة بكلية الصيدلة، جامعة مصر الدولية، إلى تأثير تغير المناخ على المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي، خاصة في المناطق المعرضة للخطر. 

ورأى أنه من الممكن أن يؤدي ذلك إلى سوء ونقص التغذية، ما يعرض الجهاز المناعي للضعف ويجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. 

ولفت الدكتور إسلام عنان، إلى تفاقم الخسائر الاقتصادية المرتبطة بالاحتباس الحراري؛ إذ زادت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الظواهر الجوية القاسية، بنسبة 23%، لتصل إلى 264 مليار دولار في عام 2022 وحده، في حين أدى التعرض للحرارة إلى خسائر عالمية في الدخل تبلغ 863 مليار دولار. 

العبء الأكبر

وأوضح أن هذه التأثيرات غير المتوزنة، تحمل الفئات السكانية الضعيفة، مثل الأطفال وكبار السن والمجتمعات في البلدان النامية، العبء الأكبر، برغم أن الدول الصناعية الكبرى هي التي تتصدر قائمة الانبعاثات الكربونية.

اقرأ أيضًا:لا تستهيني بالتوتر.. أبرز أعراض الصداع النصفي والأسباب والفئات الأكثر عرضة

الرابط المختصر :