صبحة بغورة تكتب: صحة المرأة الحامل في رمضان

يرتبط حلول شهر رمضان بفرض الصيام، والكثيرون اعتادوا أن يصوموا خلال العام في أوقات معينة اتباعا لسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

ويمكن أن لا تجد المرأة الحامل حرجا في أن تحيي هذه السنة مع باقي أفراد الأسرة أو قد لا تلزم نفسها به ولا حرج.

ولكن كيف سيكون الموقف في شهر الصيام، وماذا يجب عليها فعله أو تجنبه أثناء الصيام إن تمكنت؟.

الثابت أنه ستتضاعف المخاوف لدى المرأة الحامل حول ما يمكن أن يترتب عن الصيام في شهر رمضان على صحتها وصحة الجنين.

وفي المقابل تثبت بعض الدراسات أن الصيام يعود بالفائدة على الجسم؛ إذ ينظم حرق الدهون والسعرات الحرارية، ولكن الضرورة تقتضي عدم إهمال الحامل لغذائها وضرورة اتباع حمية غذائية خاصة أثناء الحمل والحرص أكثر على تناول وجبة السحور.

وأثبتت ذات الدراسات أنه لا خطورة يمكن أن يشكلها الصيام على صحة الأم الحامل ولا على جنينها شريطة أن تهتم الأم بتعويض ما فقده جسمها خلال الصيام من عناصر غذائية بطريقة صحية وبشكل سليم.

كما أثبتت دراسات أخرى حديثة أن مستوى تدفق الدم للجنين لا يتأثر بالنقصان أثناء الصيام بالنهار، وأنه بإمكان الحامل ممارسة حياتها بشكل طبيعي ولكن دون أن تجهد نفسها ودون أن تتجاهل ما يمكن أن تشعر به من تغير أثناء الصوم. كأن تشعر بانخفاض الضغط والشعور ببرودة أطراف أصابعها أو قدميها، ومعاناتها من حالة الغثيان والإرهاق، وعدم القدرة على القيام بأي مجهود.

وفي الحالات السابقة، عليها مراجعة الطبيب المعالج والامتثال لإرشاداته واتباعها فيما يخص الإفطار إذا دعت الضرورة الصحية ذلك وعدم إكمال صيامها.

المعلومات الطبية عن مراحل الحمل المختلفة وتأثيرها على الأم، واحتياجات الطفل التي تتنوع في هذه المرحلة، نجد أن نسبة كبيرة من السيدات يعانين من مشكلات الغثيان والقيء، مما يجعل تناول وجبات كبيرة صعبا لأن شهية الأم لا تساعدها على ذلك. إذ يُحدث الحمل الكثير من التغيرات الفسيولوجية في جسد المرأة، أهمها ما يُحدثه هرمون البروجيستيرون منذ بداية الحمل الذي يؤثر كثيرًا على حركة الجهاز الهضمي كاملا مُتسبِّبا في حدوث ارتجاع المريء وارتخاء القولون والإمساك.

ومن أهم الإرشادات الأساسية التي يجب على كل حامل اتباعها عند تناول الإفطار، عدم تناول الطعام دفعة واحدة. بل من الأفضل أن تقسم الوجبة إلى قسمين أو إلى دفعات أكثر وأصغر وتناولها بشكل متفرق. للحفاظ على مستوى السكر في الدم مستقرا.

فالجوع في حد ذاته قد يتسبَّب في حدوث الغثيان في الشخص العادي، ويزداد احتمال حدوثه في حالة الحامل الصائمة. ويرجع هذا إلى تراكم أحماض المعدة طوال فترة الصيام دون وجود طعام يُخفِّف من حِدَّته. وإذا أضفنا هذا إلى الغثيان الطبيعي المصاحب للحمل فسيصبح الصيام في الثلث الأول من الحمل مشكلة حقيقية.

بالإضافة إلى مسألة حساسية الإنسولين خلال هذه الفترة التي تُشعر الأم بالجوع المستمر دون قدرة فعلية على تناول وجبات كبيرة مُشبعة بسبب الغثيان. وهنا أيضا تكون الوجبات الصغيرة هي الحل الأمثل.

وأن تحرص الحامل كثيرًا على أن تكون البداية بتناول التمر لقيمته الغذائية العالية ولدوره الفعّال في تسهيل عمليتي الهضم والامتصاص.

ويفضل كثيرًا ابتعاد الحامل عن تناول المواد الكربوهيدراتية لأن الصيام ساعات طويلة بالنهار تزيد من فرص الإصابة بالسكر.

ويحبذ استبدال النشويات بالخضروات الطازجة. وتجنب تناول الدهنيات والمواد الدسمة والأطعمة التي تحتوي على البهارات القوية والتوابل الحارة.

[caption id="attachment_89804" align="alignnone" width="997"] صبحة بغورة[/caption]

ومن الضروري أن يحتوي غذاء الحامل على ما يمكن أن يحدث التوازن بين البروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية، والنشويات والسكريات خاصة في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، مع الحرص على تناول حمض الفوليك.

أما في الأشهر الثلاثة التالية فإن الاحتياجات الغذائية ستزيد تبعا لحجم نمو الجنين. حيث يجب أن يجد الجنين الكالسيوم بمقدار كاف والذي حتما سيحتاجه لنموه الطبيعي من الألبان ومنتجاتها كالأجبان والزبادي وغيرها دون أن يستهلك بشكل مؤذي ما لدى الأم منه على نحو قد يؤثر عليها.

ويعتبر تناول السوائل مهمًا جدًا لصحة الحامل بمقدار حوالي لترين يوميا موزعة بين وجبتي الإفطار والسحور كالماء والعصائر والحليب. مع ضرورة التقليل من شرب القهوة والشاي والمياه الغازية.

وطبيعي أن تحتاج المرأة الحامل إلى الخلود للراحة والهدوء والنوم لقسط مناسب، والبعد تماما عن مسببات القلق والإزعاج والتوتر وخاصة العصبية التي تنتاب بعض أفراد الأسرة خلال النهار بسبب تأثير الصيام.

أما وجبة السحور، فيجب أن تحتوي على النشويات والمواد الغذائية الغنية بالسعرات الحرارية، مثل: "التمر والبلح المجفف أو الفواكه والخضروات الطازجة"؛ لأنها تساعد الأم الحامل وتساعد كل صائم على تحمل مشقة العطش أثناء فترة الصيام، كما يمكن أن تحتوي وجبة السحور على إحدى منتجات الألبان مثل الزبادي الطبيعي والحليب الخالي من الدسم.

وتعتبر الأشهر الثلاثة الأولى والأخيرة من الحمل هي من أصعب فترات الحمل خاصة في شهر رمضان على العكس من المرحلة الوسطى. وهذا لا يمنع من أن تكون ثمة حوامل لا يشعرن بأي انزعاج طوال فترة حملهن وهن على ذلك قادرات على الصوم كغيرهن من النساء.

البعد الإنساني النبيل في صيام المرأة الحامل، أنها برغم مشقة الصوم عليها فإنها لا تنسى دورها كربة بيت وزوجة وأم لأولاد صائمين.

ولا يزعجها أبدًا أن تقوم بواجباتها المنزلية، بل ويسعدها أن تعد بكل سرور وجبة الإفطار بروح العطاء الأصيلة فيها وأن تقدم وجنينها لأفراد أسرتها الصائمين ألذ المأكولات وأشهى الأطعمة.. إنه شعور الأمومة الحقة الذي لا يدرك كنهه ولا قيمته سوى كل أم مثلها، تؤمن أنها مأجورة على عملها، مشكورة في سعيها، مقدرة على تضحياتها.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: العلاقة الحميمية في رمضان بين المحرم والمباح شرعا