"صالون حزين عمر" يناقش دور الثقافة في بناء الدولة والدفاع عن الهوية

أكد عدد من كبار مفكري مصر المشاركين فى (صالون حزين عمر الثقافي) على دور الثقافة والتزام المثقف ببناء الأوطان، وأن المثقف الحقيقي لايعرف الحياد تجاه قضايا وطنه ومشكلاته ومستقبله وما يتصل بها من مواقف ، بل يتخذ موقف الدفاع عن الدولة وهويتها القومية، وهو ما تؤيده المواقف التاريخية التي يتجلى فيها دور الثقافة الملتزمة بقضايا الأوطان والإنسان وفي القلب منها استقرار هذه الاوطان والدفاع عن إرادتها الحرة واستقلالها، حتى لو ضحى المثقف بحياته من أجل هذه القضايا، وهو موقف كبار مفكرى مصر في العصر الحديث ابتداءً من رفاعة الطهطاوي وعبد الله النديم و محمد عبده ، وانتهاء بجيل محمد مندور ولويس عوض ويوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوى، مرورا بطه حسين والعقاد وأمين الخولي .

وموقف المثقفين يقوم الآن على تبني مشروع الدولة الحديثة الذى يتجسد على أرض الواقع والتعبير عن هذا المشروع.

شارك في " صالون حزين عمر " الذي غقد بالنادي النهري للصحفيين حضورا كثيفا و مناقشات مستفيضة حول قضية الثقافة السياسية بين التنوير والتضليل، شارك فيها من ضيوف الصالون: المستشارة تهاني الجبالي والسفير محمد العشماوي ود.ابراهيم نصر الدين والكاتب السياسى سامي الزقم، والمفكر الإسلامي عبد الغني هندي، مع عدد كبير من الإعلاميين والأكاديميين والأدباء ورجال القانون وقادة الأحزاب، الذين توافدوا من القاهرة والمنيا والإسكندرية وسوهاج والفيوم.

روافد الثقافة المصرية

وأوضح المشاركون أن روافد الثقافة السياسية تتمثل فى الأسرة والمدرسة ومركز الشباب وقصر الثقافة ، ثم الجامعة والمسجد والكنيسة، ثم الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام ، وتعمل هذه المؤسسات فى صياغة الفرد وتشكيل مواطن إيجابى فعال يميز بين الخير والشر، وغيابها قد يظهر مواطن خانع خامل قابل للاستهواء وعرضة لجماعات التطرف والإرهاب، واختراقات أعداء الداخل والخارج.

وشدد المتحدثون على أهمية الثقافة والفنون في قدرتها على استعادة القوى الناعمة لمصر داعين لانطلاقة ثقافية من مرحلة الانكماش إلى التمدد فى محيطها العربي والإسلامي والأفريقي مستعينة بأذرعها الإبداعية من إنتاج أدبي ثري ومتفوق وإنتاج سينمائي ودرامي ومسرحي ومن فنون تشكيلية وغنائية وموسيقية ومن صناعة للكتاب واختراعات علمية .

هزيمة ثقافية

وأكدت المستشارة تهانى الجبالي أن المجتمع المصري يعيش الآن فى ظل هزيمة ثقافية وفكرية واستراتيجية تؤثر سلباً على العقل العربي كله، لأن العقل المصري كيان مركزي علي المستوى العربي، ويجرى كل يوم انتهاك حرمة ثقافتنا القومية من خلال العبث والتدمير الواقع على وعاء هذه الثقافة وهو اللغة.

وذكر السفير محمد العشماوي أن القيمة العليا للإنسانية التى لا خلاف عليها فى سائر الحضارات هى قيمة التطور المجتمعي نحو الديمقراطية،ثم تختلف الأولويات بعد ذلك من حضارة لأخرى لتكون الحرية في حضارة، والعدل فى حضارة، والمساواة فى حضارة أخرى، مؤكدا أن هناك غيابا كاملا فى الإلمام بنظرية الأمن القومي العربي لدى كتاب الصحف ،حتى إننى أرى الكثيرين منهم مجرد عملاء للأجانب.

العولمة والأجندة العالمية

ومن جانبه أوضح الدكتور ابراهيم نصر الدين أن الثقافة السياسية للمواطن تتمثل فى علاقة هذا المواطن بالوطن والسلطة فى بلده .وكانت هذه العلاقة وطيدة فى حضارتنا المصرية القديمة ولذا كان المصرى يهاجم المعتدى والمحتل للوطن ، لكنه لا يغادر هذا الوطن ولا يهجره إلا فى العقود الأخيرة التى اهتزت فيها هذه المعادلة تحت ضربات عنصرين خطيرين هما العولمة والاجندة العالمية التى قوضت دور الدولة .

وشدد سامى الزقم على دور الثقافة وخطورتها إذ أنها تدافع عن العقول والوجدان والهوية ، ولا يقل دورها عن دور الجيوش التي تدافع عن الحدود وتوفر الأمان للوطن، مؤكدا تدهور روافد هذه الثقافة السياسية وخاصة رافد التعليم بفعل فاعل.

ودعا عبد الغني هندي المثقفين والمفكرين والمبدعين لإيجاد تشابك حقيقي مع قضايا الواقع الراهن وهموم المجتمع الحديث ، وفي الصدارة منها أولويات الدولة مع الترويج للنماذج الوطنية من أجل الوطن فى ظل ضعف مؤسسات الاعلام وغياب مؤسسات الثقافة الرسمية.