لكل أم جديدة.. لا تشعري بالذنب

كوب من النسكافية الدافئ مع حلوى لذيذة أشتيها، أجهز جلستي الخاصة سواء لمشاهدة فيلم ما أو مسلسل أفضله أو لقراءة إحدى رواياتي في صمت وهدوء، مع صوت الأغاني الدافئة النابعة من هاتفي.. فقدت هذه المتعة كأم جديدة فقدت لذة بعض الأشياء المفضلة لديها مقابل ضحكة واحدة من وجه طفلتها الصغيرة.

في البداية، كنت أغضب عليها وأحزن على حالي وما وصلت إليه وأجهش بالبكاء بجانبها عندما تعلو صيحاتها دون سبب، ولكن بعد قضاء بعض الوقت معها ومرور الأيام أصبحت ضحكتها البريئة هي أملي وحياتي التي لا أستوعب العالم دونها، أصبحت أنتظر أن تفتح عينيها الصغيرتين حتى تراني وترتسم البسمة على وجهها كأنها ملكت العالم وما فيه، لكن في الواقع أنا من ملكت العالم بوجودها.. بالرغم من أنانيتي ورغبة الحصول على كل شيء في آن واحد إلا أنني أحاول التأقلم.

أحاول مجابهة الحياة في ظل وجود هذا الكائن الصغير الذي لا يعرف سواي ولا يطمئن إلا بين أحضاني.. الذي يتجول بعينيه يمينًا ويسارًا باحثًا عن وجهي وصوتي ورائحتي.. فأنا عالمه وهو حاضري ومستقبلي وأملي..

مشاعر الأم الجديدة 

تشعر الأم الجديدة بالعديد من المشاعر والأحاسيس، التي تصاحبها طوال فترة الحمل، ولكن تزداد بعد الولادة بشكل كبير خاصة في الثلاثة أشهر الأولى، والتي من ضمنها «الشعور بالذنب» الذي قد يصل بها إلى مرحلة الاكتئاب أو ما يُعرف بـ«اكتئاب ما بعد الولادة».

وتشعر الـnew mother، بالذنب الشديد سواء تجاه «نفسها» التي أصبحت تنظر لها على أنها شخصية مختلفة تمامًا عن ذاتها، أو اتجاه «زوجها»؛ حيث ترى أنها تهمله بشدة ولا تستطيع إسعاده بسهرة رومانسية أو ساعة هادئة، وأيضًا اتجاه «بيتها» الذي لا تجد الوقت الكافي لترتيبه وتنظيمه كما اعتادت قبل الحمل والولادة، وفي النهاية تجاه «طفلها» وهو الجزء الأصعب؛ فدائمًا ما تشعر أنها غير قادرة على العناية به ورعايته كما يجب، تتساءل هل أنا أم جيدة أم لا؟ لماذا لا يمكنني إسكاته عن البكاء؟ هل يأكل ويشبع؟ هل يشعر بالراحة؟ هل أوفر له الأمان اللازم؟ والمزيد والمزيد من الأسئلة.

لكن في ظل كل هذه الأفكار التي تدور وتترسخ في عقول كل أم جديدة وتصل بها إلى مكان ليس الأفضل للتواجد به، قد تجد شعاعًا طفيفًا من النور يصل بها إلى بر الأمان أو ما يمكن وصفه بـ«نقطة تفاهم»، تستطيع من خلالها استكمال حياتها والتمتع بتفاصيلها الصغيرة، دون الشعور بالذنب أو الإحباط من كونها ليست أفضل أم في العالم.

عند الحديث عن الزوج، يجب أن تعلمي جيدًا يا «ماما» أن زوجك هو أمانك وملجأك الأول والأساسي، خاصة خلال هذه الفترة، فمن واجبكِ عليه أن يقوم باحتوائك ومساعدتك خلال هذه الفترة من حياتكما؛ لذا لا تشعري بالذنب تجاهه، ولكن لا يعني ذلك إهماله بشكل تام؛ حيث يمكنك تحضير سهرة بسيطة في المنزل خاصة به، تعبرين خلالها عن حبك له وامتنانك لما يقدمه في سبيل سعادتك وسعادة طفلكما الصغير، فهذا اليوم سيكون علامة فارقة في علاقتكما.

أما عن بيتك، فهو مملكتك الخاصة وليس من المفترض أن يكون أي شيء آخر، ففي بعض الأحيان تجدينه غير مرتب وبعيد كل البعد عن التنظيم المعتاد، لكن ذلك لا يعني إهمالك له، بل من الطبيعي جدًا أن تمري بهذه الفترة.

كما أنه لا يجب أن تفكري أن طفلك هو السبب في هذه الربكة التي تعيشين فيها، لكن في أي حياة طبيعية قد يرغب الفرد في القليل من الهروب من أي مسؤولية، حتى وإن كانت مسؤولية ترتيب وتنظيم المنزل، وبعد مرور هذه الفترة ستعودين للاهتمام بمنزلك من جديد.

ولمساعدتك بشكل أفضل في هذا الأمر، يمكنكِ الاستعانة بأحد المقربين بكِ لترتيبه، وأيضًا يجب عليكِ تغيير ديكور المنزل وإضافة بعض القطع الجديدة والبسيطة التي تمنحك الراحة والشعور بالتجديد والتغيير، فهذا الأمر يُحسن من نفسيتك بشكل كبير، كما يمكنك الاستعانة بزوجك في قضاء احتياجات المنزل التي يستطيع القيام بها.

فقدت نفسي ولكن..

«أزمتي الحقيقة تنبع من فقدان ذاتي.. فقدان حريتي وراحتي ونومي وعملي واستمتاعي في الخروج مع زوجي وأصدقائي بحرية.. كل ما أقوم به ينقصه الكثير والكثير، لا أقوى على استكمال هذا الطريق لا يوجد لدي طاقة».

عند النظر إلى هذه الكلمات، قد يجدها البعض قاسية وخالية من معاني الأمومة التي نشأنا عليها المعتمدة على التضحية، لكن في الحقيقة هذا أقل بكثير مما تشعر به أي أم جديدة، وهذا لا يعني أنها «مذنبة» أو «أم فاشلة» فهذا الشعور طبيعي جدًا في البداية وفي المنتصف وفي جميع الأوقات، من منا لا يقع ويضعف ثم يقوم مجددًا أقوى من السابق لاستكمال مشواره بشكل أفضل وأجمل؟!

لا يستطيع أي شخص أن يلوم أي أم جديدة على هذا الشعور؛ لذا لا تستمعي لمن حولك، وحاولي تخصيص القليل من الوقت للعناية بجسمك وبشرتك، يمكنك البدء في حمية غذائية صحية مع الرضاعة الطبيعية وممارسة بعض التمارين الرياضية الخفيفة؛ حيث إن فقدان الوزن المكتسب خلال الحمل سيشعرك بالكثير من التحسن، كما يمكنكِ تحديد موعد مع صديقاتك في مكانٍ قريب، وبالطبع ستستمتعين مع طفلك.

في النهاية، اسمحي لي بتقديم نصيحة بسيطة، «حبي نفسك».. نعم أقول لكل أم أحبي نفسك وطفلك بالوجهين الأبيض والأسود، فالحياة ماهي إلا محطات وسقطات نقف بها للكثير من الوقت أو لفترة بسيطة، لكن في النهاية نقوم من جديد أقوى وأفضل، نتعلم من هذه المحطات ونستعيد ذكرياتها وسط ابتسامة تُعيدها إلى أذهاننا كشريط يعيد نفسه من جديد. حاولي تخصيص القليل من الوقت لأخذ «شاور» دافئ، مع تطبيق ماسك لطيف على بشرتكِ وارتداء ملابس جديدة، ضعي عطرك وجهزي مشروبك المفضل، اجلسي بجانب طفلك وداعبيه ستشاهدين فرحة العالم من حولك، ستطيرين في جمال ضحكته وملاغاته لكِ، انظري إليه مطولًا ستجدين أنه «أنتِ»، ركزي في تفاصيله وطريقة نومه وتعابير وجهه؛ سيرفرف قلبك بسعادة لم تلمسه من قبل.

شاهدي أيضًا: احتياطات عند ترك الأطفال بمفردهم في المنزل