علامات الجنون.. مرض غير مُعترف به

انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح "علامات الجنون" بين العديد من الفئات العمرية؛ التي تجد من اللهو والضحك والخروج عن المألوف سبيلًا لها في الحياة، وباتت كلمة "أنتِ مجنونة!" بمثابة الميزة الإضافية التي تصف المرأة الجريئة التي تبدي رأيها دون مخاوف وبكل دبلوماسية.

هل تذكرتِ هذه اللحظة بالفعل التي أقدمتِ على اختيار غريب وكانت النتيجة أن تعالت الضحكات مع صديقاتك، إذن فقد حان وقت مواجهة الواقع المرير؛ لأن علامات الجنون لا تمت بصلة إلى السخرية، بل هي مرض منتشر لا يُعترف به.

اضطراب منتشر

لا تندهشين، فإن الاضطراب الخاص بعلامات الجنون يؤثر على حوالي 45 مليون شخص حول العالم، ويتكون عادة من نوبات الهوس والاكتئاب، مع تقلب الحالة المزاجية. ولا تظنين أنه كلما يتقلب مزاجك فأنت بلا شك مجنونة، بالطبع لا.

إن علامات الجنون التي يمكنها أن تصيب الإنسان يختلف مستواها من الفرد إلى الآخر، وفقًا للحالة الاجتماعية التي يعيشها، وطبقًا للعديد من العوامل الوراثية أيضًا التي لا يجب التهاون في البحث عنها.

وقد يصنف الهوس نوعًا من أنواع الجنون أيضًا؛ حيث يتجرد المرء من كل المعايير الأخلاقية سعيًا لإرضاء تعطشه العقلي في التفكير في شخص ما بعينه باستمرار دون كلل أو ملل، علمًا بأن هذه النوبات التي لا تصاحبها اكتئاب تندرج تحت فئة الاضطراب ثنائي القطب.

وتختلف أنواع الجنون بين الأفراد، وذلك بالتماشي مع النوبات التي يتعرضون لها سواء حالات مزاجية، إفراط في النشاط الحركي، الكلام بسرعة فائقة، أو تضخم الثقة بالنفس، والأخير يندرج تحت فئة جنون العظمة.

مرض عقلي

لكن المخيف في طبيعة هذا المرض، وعلامات الجنون التي يمكنها أن تؤذي المصاب ومن حوله على حد سواء، أنه مرض لا يمكن الاعتراف به؛ فالمريض العقلي لا يتشابه في التصرفات مع المريض النفسي؛ وفقًا لتصريحات الدكتورة إيمان عبدالله؛ خبيرة علم النفس والإرشاد الأسري، لـ "الجوهرة"؛ حيث أكدت أن الجنون هو مرض يصيب العقل ويؤثر على التصرفات والتعاملات اليومية، ويصاحبها العديد من الصفات التي يجب الانتباه إليها.

وقالت الدكتورة إيمان عبدالله، إن علامات الجنون تعتبر مجالًا مهمًا جدًا؛ حيث إن الجنون يُعرف بأنه مرض من الأمراض العقلية التي يتسبب في نبذ الشخص المصاب والخوف من التعامل معه، موضحة: "لطالما كان الشخص المجنون قليل الحظ قديمًا في الحصول على علاج على عكس الآونة الأخيرة التي اُكتشف فيها الطرق العلاجية الصحيحة".

وأضافت الدكتورة إيمان: أن الجنون هو مرض نفسي وعصبي يجعل الإنسان غير قادر على السيطرة على نفسه، ويتسم بالمبالغة في إبداء التصرفات غير الحكيمة، وغير المنطقية، الأمر الذي يجعله يؤذي الآخرين في المقام الأول، ويؤذي نفسه بضرر بالغ في نهاية الأمر.

علامات الجنون

علامات الجنون

تتمثل أبرز علامات الجنون التي يمكنها أن تصيب الإنسان، في التصرفات غير الحكيمة، وغير المنطقية؛ حيث تؤكد الدكتورة إيمان أن كل ما يمت للواقع والمنطق بصلة في دنيا العاقلين، يمكن الحديث عن عكسه تمامًا في عالم المصابين بهذا المرض.

وأوضحت يمكن التعرف على علامات الإصابة بداية من الإحساس الشديد بالغضب، أو الانعزال عن الناس، فعلامات الجنون التي تظهر على المصاب يمكن أن يلاحظها الجميع، والتي يمكن أن نرصدها في النقاط التالية:

• الانفعالات السريعة التي تتسبب في انتشار القلق والهلع والتوتر بين المحيطين به. • الهلوسة سواء بالرؤية أو السمع. • التفكير المشوش. • مشاكل صحية واضحة. • فرط الحركة. • الحديث بجمل غير مترابطة. • شخصية غير مسؤولية. • برود المشاعر الحقيقية أو اختفائها. • عدم الاهتمام بالمظهر أو تنمية شخصيته. • التهديد بالانتحار. • الضحك الهستيري. • الحزن بدون مناسبة. • الانسحاب من التجمعات الاجتماعية.

وبالتالي؛ فإن المريض بالجنون، يرفض دائمًا الاعتراف بمرضه، وينكر المشاكل التي يسببها للآخرين، وعلى عكس المريض النفسي الذي يسعى لإيجاد حلول واقعية لمشاكله؛ فإن المريض العقلي لا يعرف مرضه من الأساس.

وفي هذا الشأن، طرحت الدكتورة إيمان سؤالًا عن كيفية الاستسلام للجنون، وترك المصاب حتى يصل إلى هذه المرحلة من الاضطراب الذي يؤثر سلبيًا على حياته وحياة كل أحبابه، والمخيف أن الأمر يمكن أن يصل إلى حد الإيذاء البدني؛ لذلك فإنها أكدت على ضرورة الدعم الأسري وكل المحبين للفرد، ونشر الوعي الخاص بهذا المرض الذي يخشى العديد من الناس السؤال بشأنه أو يشعرون بالخجل من ذلك.

إمكانية العلاج

وأضافت: "يجب معرفة أن علامات الجنون التي تتضح الواحدة تلو الآخرى يمكنها أن تنقذ حياة المريض، لذا لا يجب أن نتركه حتى يتمكن الاضطراب من جزء معين في دماغه، مع مراعاة الاختلافات العمرية، ولا يجب أن ننسى أن الأعراض يمكن أن تكون بسبب العوامل الوراثية في العائلة الواحدة، أو يرجع إلى عوامل جينية نتيجة الأدوية السامة التي تناولتها المرأة الحامل وتوارث الجنين هذا الضرر".

وأخيرًا، فقد اختتمت الدكتورة إيمان حديثها، مؤكدة أنه يجب استشارة الطبيب إذا ظهر عرض واحد من علامات الجنون على الفرد، حتى يصبح العلاج متاحًا من البداية فلا خاب من استشار، مع التخفيف من حدة الآلام التي يمكن أن تتعرض لها المرأة؛ حتى لا تتأثر الشبكة العصبية الخاصة بها، ويمكن بالطبع الحديث مع الأصدقاء والأقارب، مع التركيز على متابعة التصرفات وعدم الاستسلام إلى الصورة النمطية السلبية التي تطرحها الدراما والسينما في سبل العلاج.

اقرأ أيضًا: المجاملات اليومية.. ذكاء اجتماعي أم نفاق؟