تشهد المملكة العربية السعودية انطلاقة غير مسبوقة في جميع المجالات، ومن أبرزها مجال حقوق المرأة والتقدم المذهل الذي طرأ خلال الفترة الماضية على هذا الملف، وكذلك التوسع في المجالات الفنية والثقافية ودعمهما من خلال وزارة الترفيه.
وجعل هذا الموسم السعودية قِبلة سياحية وثقافية، خاصة بعد موافقتها على إطلاق التأشيرة السياحية في 2019؛ وتعزيز مكانتها الثقافية ووضعها على خريطة السياحة والترفيه عالميًا.
وضم موسم الرياض، هذا العام، ما يزيد على 100 فعالية فنية وثقافية وترفيهية متنوعة؛ ما بين الألعاب الرياضية والعروض المسرحية وإبداعات الفرق الموسيقية، وعروض الأزياء والسيرك والخدع البصرية والألعاب وافتتاح مطاعم عالمية.
وانطلقت هذه الفعاليات في 11 مكانًا مختلفًا في الرياض؛ منها الحي الدبلوماسي، الجنادرية، بوليفارد الرياض، ملعب الملك فهد الدولي، حي المربع، حي الملز، وادي حنيفة، نوفا، قصر الحكم، الثمامة والدرعية.
وجاءت كلمة المستشار تركي آل الشيخ؛ رئيس هيئة الترفيه، لتؤكد الرغبة في التغيير واستمرار التحول الفكري والثقافي الذي تشهده مدينة الرياض والمملكة بأكملها.
ولا شك في أن هذه الطفرة ما كانت لتتحقق لولا إرادة حقيقية تهدف إلى إنعاش الشعب السعودي وجعله لحمة من المنظومة المتطورة وفقًا للتقدم الحتمي للبشرية وطبقًا لمسايرة الحراك العالمي؛ وتحقيقًا لأهداف التنمية المستدامة 2030، والتي تسعى لها الكثير من الدول.
وعلى مدار عقود، تم تنظيم العديد من المهرجانات الفنية والثقافية في الكثير من الدول العربية، إلا أن موسم الرياض الترفيهي استطاع أن يفرض نفسه ويضع بصمة على خارطة المهرجانات العربية خلال وقت وجيز.
كما أنه يمثل حالة جذب قوية للفنانين المشاركين باعتباره قوة دفع جديدة تستثمر هؤلاء على أرض المملكة، وهناك كذلك البعد الروحاني الذي تمتاز به السعودية دون غيرها من بقاع الأرض؛ ففيها بيت الله الحرام وكثير من الأماكن والمزارات التاريخية والدينية التي يعتز بها كل مسلم.
لذا؛ فإن الليالي التي تعانقت فيها إبداعات الفنانين مع جمهور متشوق للفن على أرضه أدت دورًا في إشعال روح مختلفة حاضنة للفنون الرفيعة وطاردة لكل ما هو رجعي وظلامي عانت منه أجيال سابقة، فالفكر الجديد الذي تنشده المملكة وتسعى لإرسائه حقق أهدافًا تسعى إليها منذ زمن، ولكن ربما لم تتوفر الإرادة الناجزة إلا في وقتنا الراهن.
كما تأتي تحقيقًا لأغراض ترفيهية وثقافية وفنية تتحول من خلالها المملكة العربية السعودية بفكر شمولي يستوعب الأجيال الشبابية الجديدة ويوفر احتياجاتهم، فبعد أن كان السعوديون يسافرون لحضور حفل فني، أو موسيقي أو مسرحي أو غير ذلك، أصبحت المملكة توفر لشعبها الفرق المختلفة في ليالٍ ترفيهية يتمازج فيها الجمال الحسي والروحي مع ملكات الإبداع.
ولكن رغم كل هذا أتمنى أن نستمتع بفنون المملكة وفنانيها، بالطبع شارك بالطبع الفنانون السعوديون، ولكن أقصد مساهمة الأجيال الشابة في كل مجالات الإبداع حتى تنتقل هذه الأفكار الجادة وتترسخ في أذهان الأطفال والشباب؛ لإحداث نقلة نوعية في فنون المملكة يكون قوامها الحفاظ على الهوية الثقافية للمملكة، وما أرجوه أن تتجسد الموروثات الثقافية لديهم في إبداعاتهم، فنشهد أعمالاً فنية ذات بصمة متفردة بلغة سعودية الفكر والهوى.
إنه الفن في أبهى صوره الذي يحقق دائمًا قيم الحق والخير والجمال.. فتحية للمملكة العربية السعودية والقائمين على شؤونها ورعايتها، للتطور الفكري الذي جعل المملكة تشارك في التباري بين الدول العربية، خاصة في مجال المساواة بين الجنسين، والمجال الثقافي، باعتبارهما جناحي تطور أي أمة.
الدكتورة رانيا يحيى رئيس قسم فلسفة الفن بأكاديمية الفنون
دكتورة رانيا يحيى تكتب: تحقيقًا للعدالة الاجتماعية.. “لا للعنف” شعارنا في مواجهة قهر المرأة