حوار| «شام الغامدي» أول حكم كرة قدم سعودية تحكي قصة نجاحها

عشقي لكرة القدم كان أكبر دافع للتغلب على التحديات

الثقة في النفس وسرعة البديهة من أهم صفات الحكم الناجح

أطمح لأن نكون تحت مظلة الاتحاد السعودي لكرة القدم ويتم اعتمادنا في "الفيفا"

جدة- هند حجازي

لم يعد هناك شيء يقف أمام طموح الفتاة السعودية، التي وصلت في الآونة الأخيرة للعالمية وتميزت في جميع المجالات التي كانت لفترة طويلة حكرًا على الرجال، وبدأت رحلتها لتحقيق رؤية 2030 بخطى كلها نجاحات وإبداعات وجوائز، وأبرز تلك المجالات "الرياضة"؛ إذ تميزت في كرة القدم وأصبح هناك فريق نسائي ينافس محليًا وعربيًا.

ومن الفتيات السعوديات الطموحات "شام الغامدي"؛ أول حكم كرة قدم سعودية تقود مباريات في أول دوري رسمي للسيدات بالمملكة، الذي انطلق من مدينة جدة في أكتوبر الماضي.

التقت "الجوهرة" مع "شام"؛ لتروي قصتها مع النجاح وتحقيق حلمها، وكان هذا الحوار:

*في البداية، من هي شام الغامدي؟

-عمري 22 سنة، أدرس الأدب الإنجليزي في جامعة الملك عبد العزيز، عائلتي "الغامدي"، والدتي سورية، نشأت في بيئة مختلطة بين الغامدي والتقاليد السورية.

*متى اكتشفتِ شغفكِ بكرة القدم؟ وهل تقبلت عائلتكِ تلك الهواية؟

-منذ الصغر عشقتُ كأس العالم، وتابعتُ تفاصيله، أحببتُ اللعبة بشكل كبير، وصرت شغوفة بطريقة اللعب والقوانين. أما عائلتي فلم تكن من العائلات التي تعشق كرة القدم، لكنها تحبها بشكل عام! وكانوا متقبِّلين كوني هاوية لهذه اللعبة.

*كيف دخلتِ عالم كرة القدم كلاعبة؟ وكيف كان تقبل المجتمع السعودي لذلك بعد أن كانت حكرًا على الرجال؟

-في البداية كنت ألعب في فريق "Jeddah Eagles"، وكنا نمارس اللعب في الملاعب المغلقة؛ إذ كان اللعب مجرد هواية، ولا شيء يجمعنا إلاَّ حبنا لكرة القدم.

وبالنسبة للمجتمع، فبطبيعة الحال كان هناك المعارض والمؤيد، ورغم أن كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في العالم فإن أي شيء جديد يطرأ داخل المجتمع العربي عمومًا، والمجتمع السعودي تحديدًا، يواجه صعوبات، ولكن مع مرور الوقت وعندما يثبت أنه لا ضرر منه يتم تقبله.

شام الغامدي

*كيف واجهتِ عدم لعب كرة القدم بعد إصابتك؟

-بعد إصابتي كان من الصعب عليَّ أن أمارس كثيرًا من الرياضات، لكن دائمًا كان شيء بداخلي يقول لي إنني ما زلتُ أحب هذه الرياضة، وسأواصل ممارستها حتى لو كان على حساب صحتي.

واستمر تشجيعي ومشاهدتي للمباريات، وحاولت أن أتلقى علاجًا طبيعيًّا على الأقل حتى لا أخسر لياقتي.

*حدثينا عن فكرة دخولك عالم التحكيم؟ وهل خضعتِ لدورات متخصصة بهذا المجال؟

-كان لديّ فضول لأن أعرف لماذا يتم توجيه اللوم دائمًا إلى حكم كرة القدم مع أنه هو الشخص المسؤول عن تطبيق قوانين اللعبة على أرض الملعب، وغير مسؤول عن أخطاء اللاعبين.

فأحببت أن أعرف أكثر عن الحكم والتحكيم، وما هي وظيفته داخل الملعب؟ ماذا يمكن أن يفعل وما لا يفعل؟

بعد ذلك، دعمني الحكم الدولي السابق "مرعي العواجي"، وقدم لي دورات بشكل خاص، ثم ساعدني الدكتور أيمن الرفاعي؛ وكان حكمًا سابقًا في الدوري الأمريكي، بتدريبات عملية على أرض الملعب، ولعبنا مباراة ودية بين فرق الهواة، لكي نكتسب الخبرة.

شام الغامدي

*ما الصعوبات التي واجهتكِ لتحصلي على الترخيص الرسمي كحكم سعودي؟

- نحن في بداية الثورة الرياضية النسائية في السعودية، نحاول على قدر المستطاع أن نكون معتمدات تحت مظلة الاتحاد السعودي لكرة القدم من ناحية التحكيم، وكذلك الحال في جميع الرياضات وكل ما يختص بالرياضة النسائية. 

*ما الصفات التي على لاعب الكرة التحلي بها وكذلك الحَكم؟

-من أهم الصفات، أن تكوني عاشقة لكرة القدم وتفهميها، وبدون ذلك لن تستطيعي أن تصبحي حّكم كرة قدم ولا حتى لاعبة!! لأنها شغف أكثر من أن تكون دراسة.

والصفة المهمة التي يجب توافرها في الحكم أن تكون لديه ثقة في النفس، وسرعة بديهة، ولياقة بدنية عالية جدًّا؛ ليتمكن من الوقوف في المكان المناسب، واتخاذ القرار المناسب، ويكون واثقًا في قراره، بغض النظر عن إن كان صحيحًا أم لا، فلا بد أن يكون الحكم على قدر القرار الذي يتخذه في الوقت والمكان الصحيح.

*أيهما أقرب لكِ: لاعبة كرة قدم أم حكم مباريات؟

-بالنسبة لي هناك اختلاف كبير بين كوني حكمًا أو لاعبة، فلاعب الكرة لديه حماس شديد وحرص على تسجيل الأهداف، وخطف الكرة، واللعب بشكل ساحر.

لكن التحكيم مختلف، كونك مثل الأم في الملعب، لا بد أن تفهمي اتجاه الكرة؟ وتفهمي طريقة تفكير اللاعب: لماذا يلعب الكرة في هذا المكان؟ ولماذا يلعبها بهذه الطريقة؟  فهناك اختلاف كبير، وكان تصرفي كلاعبة الأقرب لي، خاصة أنني مشجعة كرة قدم، ولكن حاليًّا الأقرب لشخصيتي وقلبي أن أكون حكمًا؛ لأنني فهمت التحكيم، وعرفت تفاصيله.

شام الغامدي

*ماذا تتمنين أن تحققه هيئة الرياضة السعودية لحكمات الكرة السعوديات؟

-أتمنى من هيئة الرياضة السعودية أن توفر الدعم للفرق السعودية، وتشجع الحكمات السعوديات؛ لأنَّ أي مجال في العالم بدون الدعم لا يمكنه الاستمرار، فنحن لدينا الإرادة والطموح، لكن بدون التشجيع لن نستطيع أن ننافس دول العالم، ولا حتى الدول العربية، ونحن نستحق المشاركة في الفعاليات الكبيرة، والمنافسات العالمية؛ لأننا نستطيع، وهذا الشيء نتمنى أن نصل إليه، ونحن نرفع اسم المملكة.

*ما طموحاتك في الأعوام القادمة؟

-أطمح لأن نكون جميعًا -كلاعبات وحكمات- تحت مظلة الاتحاد السعودي لكرة القدم، وتكون هناك لجنة تحكيم خاصة بالنساء تابعة للاتحاد، ونصبح معروفات لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم، حتى نحقق بطولات، ويتم اعتمادنا في "الفيفا".

*ما نصيحتكِ لكل فتاة تطمح إلى دخول مجال الرياضة؟

- أن تشتغل على نفسها ولياقتها، وتستمر في التدريبات، ولا تلتفت للسلبيات من حولها؛ لأن كل من يعمل بحب وشغف سيصل.

*كلمة شكر وتقدير لمن توجهينها؟

-أحب أن أتقدم بالشكر والتقدير أولاً: للأستاذ هيثم العمري؛ الذي شجعني وكان السبب في جزء كبير مما وصلت إليه، وثانيًا: للحكم الدولي السعودي السابق مرعي العواجي؛ لأنه قدم لي الدعم والمساعدة دون أي مقابل، وهدفه تطوير الرياضة النسائية، وأن يصل بها إلى أكبر عدد موجود، وهو يدعم أي فتاة تطمح لدخول المجال الرياضي، وهذا شيء يشرف كل الدول، وليس فقط المملكة العربية السعودية.

وأخيرًا؛ أتقدم بالشكر للاتحاد السعودي لكرة القدم لدعوته لي للمشاركة في دورة تطوير الحكمات في الإمارات العربية المتحدة، التي نظمها اتحاد كرة القدم الإماراتي بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، بمشاركة 30 دولة من غرب آسيا؛ وهي "سوريا، الأردن، فلسطين، الإمارات، الكويت، البحرين، وسلطنة عُمان"، وأشكره كذلك على حصدي لقب أفضل حَكم كرة قدم في الدوري السعودي.

السعودية رانيا النشار تدخل قائمة «أقوى 100 امرأة في العالم»