ما بين الحرية والرقابة : تجاوزوا عن تصرفات المراهقين الخاطئة في هذه الحالات!

يعتقد البعض أنه من الصواب أن تبقى تصرفات المراهق تحت مراقبة الأسرة، إلا أن خبراء الطب النفسي يؤكدون على ضرورة ترك مساحة حرية شخصية للمراهق، ما يعزز من نموه سويًا، وقدرته على اتخاذ القرارات، ومواجهة المواقف الصعبة.

وليس المقصود بترك مساحة شخصية للمراهق، أن تترك له حرية التصرف في كافة الأمور، بل يجب أن تتابع الأسرة تصرفاته، دون تدخل في كل صغيرة وكبيرة، على أن تتدخل في الوقت المناسب، إذا ما صدر منه تصرفات غير مسؤولة.

من جهته، يقوم الدكتور هشام بحري؛ استشاري الطب النفسي، إن فترة المراهقة تعد أحد المراحل العُمرية الأكثر حرجًا على الإطلاق، مشيرًا إلى أن المراهقين يسعون دائمًا للشعور بأ نهم بعيدًا عن رقابة الأسرة، وأن تصرفاتهم نابعة منهم وحدهم، كنوع من الشعور بالنضج، تماشيًا مع ما تشهده تلك الفترة من تحولات جسدية لدى المراهقين.

وشدد استشاري الطب النفسي على أن الأسر عليها أن تُدرك طبيعة هذه المرحلة، وأن تسمح للمراهقين بهامش حُرية يتيح لهم التصرف في حدود معينة، مشيرًا إلى أن المراهق قد يختار على سبيل المثال أصدقاء لا يروقون لأسرته، وتعتقد الأسرة أن صداقة نجلها مع شخص بعينه قد تؤثر فيه سلبًا، ويسعى الأهل في هذه الحالة إلى إبعاد نجلهم عن صديقه أو أصدقائه، إلا أن محاولات الأسرة لفرض صداقات بعينها على المراهق لن تزيده سوى تمسكًا بأصدقائه، مدفوعًا بعناد المراهقة.

وأوضح بحري أن المراهق يعتبر هذا الأمر ماسًا لكرامته، ومهما حاول الأهل إبعاده عن صديقه، لن يستجيب مهما كانت الضغوط؛ لذا يجب أن تسمح له الأسرة بالاستمرار في الصداقة، مع متابعة خطواته جيدًا، وأن تسعى الأسرة ليكون نجلها المراهق صديقًا لها، ومع الوقت سيروي أسراره ومواقفه لوالديه، ويسألهم المشورة.

في السياق ذاته، تقول الدكتورة إيمان دويدار؛ استشاري الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، إن الأسرة عليها أن تترك لنجلها المراهق مساحة حرية شخصية؛ لكي يعتمد على نفسه، مشيرة إلى أن بعض الأسر تُسرف في تدليل أبنائهم؛ لينشئوا بعدها مُترفين لا يستطيعون القيام بأبسط الأشياء.

وتابعت دويدار: "لا تتدخلوا في تفاصيل حياة أبنائكم، واجعلوهم يكتشفون التأثير السلبي لتقصيرهم في إنهاء وإنجاز الأمور المطلوبة منه، دون معاونة الأسرة، فقد يلجأ المراهق لاختيار قصة شعر غريبة أو لون شعر غير ملائم له، وهنا يجب أن تتركوه يُجرب ليتعلم بنفسه".

وشددت استشارية الصحة النفسية، على أن الأسرة عليها تعزيز ثقة المراهق بنفسه عن طريق ترك اختيار ألوان ملابسه وتصميمها له، كون هذه الأمور وإن كانت من وجهة نظر الأسرة غير لائقة في بعض الأحيان إلا أنها تعبر عن شخصية المراهق ذاته، وهو الأمر الذي سيتغير بمرور الوقت، فلا حاجة لصدام قد تنتج عنه عُقد نفسية تلازم المراهق بقية حياته.

وطالبت دويدار الأسر بتشجيع أبنائهم على الانخراط في الهوايات كالقراءة أو غيرها من الأنشطة، كونها تعزز من شخصية المراهق، كما أن ممارسته للألعاب الجماعية، تجعله اجتماعيًا، وتوسع من شبكة معارفه، ما ينعكس بالنهاية على شخصيته.