خاص| الغضب بلا سبب.. علامة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية

خاص |الغضب بلا سبب: نافذة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية
خاص |الغضب بلا سبب: نافذة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية

الغضب، ذلك اللهب الداخلي الذي يتأجج استجابة لتهديد أو إهانة، هو آلية دفاعية فطرية ضرورية لبقائنا. لكن عندما يفلت هذا الشعور القوي من عقاله يتحول إلى نوبات عصبية جامحة تدفعنا للتفوه أو الإتيان بأفعال نندم عليها لاحقًا.

في هذا السياق يتحدث لـ “الجوهرة” الدكتور إبراهيم دويدار؛ استشاري الصحة النفسية. فيقول: “يصبح الغضب نفسه مشكلة تستدعي الانتباه. بل إن هذه الثورات العاطفية غير المبررة قد تتجاوز حدود الذات لتلحق الأذى بمن حولنا”.

فيما أضاف: “وفي كثير من الأحيان لا يكون الغضب مجرد تقلب مزاجي عابر. بل علامة تنذر بوجود اضطرابات مرضية أو نفسية كامنة، تتخذ من العصبية الزائدة قناعًا لها”.

أسباب الغضب المفاجئ

بينما تابع استشاري الصحة النفسية: “قد يجد البعض تفسيرات واضحة لغضبهم. مثل: ضغوط الحياة، أو المشاكل العائلية، أو الأزمات المالية. لكن حين يطل الغضب برأسه دون سابق إنذار أو محفز واضح يصبح من الضروري البحث عن جذور أعمق لهذه الانفعالات. فالعصبية الزائدة قد تكون عرضًا مصاحبًا لعدد من الاضطرابات الجسدية والنفسية، تشير إلى خلل ما يتطلب التشخيص والعلاج.

خاص |الغضب بلا سبب: نافذة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية
خاص |الغضب بلا سبب: نافذة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية

الاكتئاب

كما استكمل: “في طليعة هذه الاضطرابات يبرز الاكتئاب، ذلك الضيف الثقيل الذي يخيم على الروح ويستنزف بهجة الحياة. ووبالإضافة إلى الحزن العميق وفقدان الشغف قد يتجلى الاكتئاب في صورة غضب دفين أو نوبات عصبية حادة. وربما يخفي المصاب غضبه أو يعبر عنه بشكل صريح، لكن الشعور بالعصبية يظل حاضرًا بدرجات متفاوتة. مصحوبًا بأعراض أخرى كالتهيج، وفقدان الطاقة، والشعور باليأس، وفي الحالات الشديدة الأفكار الانتحارية.

القلق

وأردف “أما القلق، ذلك الرفيق الدائم للتوتر والترقب، فيجعل صاحبه في حالة تأهب دائم، يكافح للسيطرة على سيل المشاعر المتدفقة. هذا الجهد المضني قد يستنزف طاقته العاطفية؛ ليتحول أدنى موقف يهدد هذا التوازن الهش إلى شرارة تشعل فتيل الغضب”.

السكتة الدماغية

وأوضح د. إبراهيم أنه قد يكون للجسد نفسه تأثير في إطلاق العنان للغضب غير المبرر. فالسكتة الدماغية، خاصة إذا مست المناطق المسؤولة عن التحكم في المشاعر. قد تجعل السيطرة على الغضب أمرًا صعبًا، مصحوبة بمشاعر الإحباط والتوتر والحزن.

التوحد

ولفت إلى أنه في عالم التوحد المعقد؛ حيث يجد المصاب صعوبة في التأقلم مع التغييرات، قد يكون أي تعديل طفيف في الروتين اليومي كافيًا لإثارة نوبة من الغضب غير المفهوم للآخرين. كما يعاني مرضى التوحد من حساسية مفرطة تجاه الأصوات العالية، ويلجأون لإيذاء الذات في بعض الأحيان تعبيرًا عن ضيقهم.

داء الزهايمر

وأوضح “دويدار” أنه مع تقدم العمر يطل داء الزهايمر بظلاله، وقد تكون العصبية المفاجئة، المصحوبة بكثرة النسيان، من العلامات المبكرة لهذا المرض الذي ينهش الذاكرة والقدرات الذهنية. ويشعر المصاب بالإحباط والتهيج بسهولة حين يُجبر على الخروج من نطاقه المريح، ويعاني من صعوبة في تذكر الكلمات والتشوش الذهني.

خاص |الغضب بلا سبب: نافذة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية
خاص |الغضب بلا سبب: نافذة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية

مرض السكري

وواصل استشاري الصحة النفسية: ربما من المستغرب أن يرتبط مرض السكري بتقلبات المزاج الحادة. لكن في الواقع يمكن أن يؤدي الانخفاض الحاد بمستويات السكر في الدم إلى تغيرات سلوكية مفاجئة، تتراوح بين الغضب والبكاء والتشوش الذهني. وفي بعض الحالات لا يشعر مرضى السكري بأعراض طفيفة لانخفاض السكر إذا كانوا مصابين بالمرض لفترة طويلة، لتظهر هذه الأعراض الأكثر حدة بشكل مباشر.

 

الوسواس القهري

وأضاف: أما الوسواس القهري، ذلك الاضطراب الذي يسيطر فيه العقل على صاحبه بأفكار متطفلة وسلوكيات قهرية، فقد يكون الغضب أحد أعراضه الخفية. فالإحباط الناتج عن عدم القدرة على التخلص من الأفكار الوسواسية أو السلوكيات القهرية. أو حتى اعتراض الآخرين عليها، قد يترجم إلى نوبات من الغضب والانفعال.

 

إدمان الكحول من أسباب الغضب

وشدد على ضرورة عدم إغفال تأثير إدمان الكحول، الذي يعد محفزًا رئيسيًا للعنف والجريمة حول العالم. فالكحول يؤثر في القدرة على التفكير بوضوح واتخاذ القرارات المنطقية، ويضعف السيطرة على الاندفاع والمشاعر؛ ليصبح الغضب رد فعل أقرب وأسهل.

 

متلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه

واستعرض “دويدار” أهم الاسباب التى تؤدي إلى الغضب للأطفال. فقال: في مرحلة الطفولة قد يكون الغضب بلا سبب علامة على متلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه. ذلك الاضطراب العصبي الذي يتميز بقلة الانتباه، وصعوبة التركيز، والحركة المفرطة، والاندفاع. ومن الممكن أن يستمر هذا الاضطراب إلى مرحلة البلوغ دون تشخيص، ليظهر الغضب كأحد الأعراض الشائعة المصاحبة للتململ، ونفاد الصبر، وصعوبة التركيز والتخطيط.

خاص |الغضب بلا سبب: نافذة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية
خاص |الغضب بلا سبب: نافذة على اضطرابات خفية يشرحها استشاري صحة نفسية

اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي

من جانب آخر تحدث استشاري الصحة النفسية عن أهم اسباب الغضب عند النساء فقال: أما بالنسبة للنساء فقد يكون الغضب الشديد قبل الدورة الشهرية بأسبوع أو أسبوعين. المصحوب بتقلبات مزاجية حادة، علامة على اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي، الناتج عن التغيرات الهرمونية الحادة التي تحدث في هذه الفترة.

قلة النوم

وأضاف: وقد يكون السبب أبسط مما نتخيل. فقلة النوم، ذلك العدو الخفي للطاقة والتركيز، يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في السيطرة على المشاعر. ليصبح الشخص أكثر عرضة للانفعال والغضب لأتفه الأسباب.

 

اضطراب ثنائي القطب

وأكد أن مرض اضطراب ثنائي القطب يتميز بتقلبات مزاجية حادة بين فترات الهوس والاكتئاب الشديد. ومن الطبيعي أن يمر المصاب بنوبات من الغضب الشديد والاهتياج العصبي كجزء من هذه التقلبات المزاجية.

فيما اختتم استشاري الصحة النفسية حديثه قائلًا: “لذا ينصح بمراجعة الطبيب المختص في حالة تكرار نوبات العصبية الزائدة دون سبب ظاهر؛ للكشف عن أي أسباب مرضية كامنة وتقديم الدعم والعلاج اللازمين. فالصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، والغضب غير المبرر قد يكون نافذة نطل منها على عالم داخلي يحتاج إلى الرعاية والاهتمام”.

الرابط المختصر :