فيلم «مانون فتاة النبع».. مأساة إنسانية في قالب محلي

حاز فيلم «مانون فتاة النبع» للمخرج كلود بيري، وكذلك الجزء الثاني منه _ فيلم «جان دو فلوريت»_ على جائزة أفضل اقتباس عن عمل أدبي هو رواية الكاتب الفرنسي مارسيل بانيول «فتاة التلال».

فيلم مانون فتاة النبع

ونتابع في هذا الفيلم قصة الراعية «مانون»؛ إبنة جان دي فلوريت، والتي تعيش على أطراف القرية، وتعمل كراعية، بعد أن كبرت، وبدأت تسعى للانتقام من «سيزار» و«أوغلان» اللذين تسببا في موت والدها ورحيل والدتها وخسارة الأرض.

تُظهر بداية الفيلم «أوغلان» وقد نجحت زراعته، وصار يستثمر بستانه، ويتاجر بالورود بعد أن قام بإعادة فتح النبع الذي أغلقه؛ ليحرم جان دو فلوريت من الماء، وتشتد أزمة «سيزار» النفسية وحزنه وخشيته من توقف سلالة سوبيران العريقة لعدم وجود أولاد له.

يلتقي «أوغلان» بالراعية الجميلة «مانون» ويقع في حبها، ثم يبدأ في التودد إليها حسب نصيحة عمه «سيزار»، غير أن «مانون» تميل لمدرس القرية الجديد الذي التقته في المرعى حين يجمع الأحجار ذات القيمة الجيولوجية.

وعندما تكتشف «مانون» أن عائلة سوبيران وراء موت والدها، تنتقم بواسطة قطع إمدادات المياه عن أرضهم، ما سبب أضرار لزراعة الورود، وتشتد أزمة «أوغلان» النفسية ويعذبه تأنيب الضمير وفقدانه الأمل في حب «مانون».

تنتهي هذه الحكاية نهاية أقرب إلى الميلودراما لكن معالجتها إخراجيًا تمت بطريقة بعيدة عن الميلودراما التي تهدف إلى إثارة الأحاسيس والعواطف المباشرة من شفقة وحزن وغير ذلك.

الأجواء الريفية

وقد استفاد المخرج من تصوير الخصوصية المحلية للأجواء الريفية، والعلاقات الاجتماعية؛ ليقدم تراجيديا محلية، لكنها ذات طابع عالمي، تفضح بقوة حالات القسوة البشرية، وتدعو للأمل بالحياة النقية.

ويكشف الفيلم عن المتغيرات في الحياة الاجتماعية استنادًا إلى تجربة الريف في جنوب فرنسا، وتراجع القيم والتقاليد الريفية، التي لا يخفى الفيلم حنينه إليها.

إن العبرة الأخلاقية في الفيلم تتجاوز إدانة «سيزار» و«أوغلان» إلى إدانة وفضح المؤامرة الصامتة، والسلبية عند أهالي القرية، والذين بسبب تعصبهم ضد كل غريب بقوا صامتين مع علمهم بتسبب «سيزار» و«أوغلان» بموت جان.

ويقدم الفيلم هذه المأساة الإنسانية بطريقة لا تخلو من السخرية والمفارقة؛ حيث يتحول الجاني إلى ضحية، ويلقي الفيلم نظرة عميقة على الجوانب المظلمة في الطبيعة البشرية، ومع ذلك فإن النصر الأخير يكون من نصيب للعدالة.

ويعزى الفيلم، كما في الجزء الأول، جزء كبير من نجاح الفيلم إلى التمثيل المقنع لأبطاله الرئيسيين، وإلى قوة الإخراج والموسيقى التي جمعت بين الرقة العنفوان، وحاز الفيلم على جائزة الأوسكار البريطانية لأفضل فيلم أجنبي.

اقرأ أيضًا: «مهرجان البحر الأحمر» يعرض فيلمًا سينمائيًا من إخراج 5 سعوديات