حوار| الدكتور أسعد صبر: القلق والاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا

حصل على شهادة الاختصاص السعودي في الطب النفسي، وأستاذ فخري مساعد في كلية الطب بجامعة الملك سعود، وأكمل برامج الزمالة في الطب النفسي وعلاج الإدمان بجامعة "جو هوبكنز" في الولايات المتحدة الأمريكية، وجامعة الملك سعود في الرياض.

وهو عضو بمجلس إدارة الجمعية السعودية للطب النفسي، وكان المدير الطبي لمجمع الأمل للصحة النفسية في الرياض.. إنه الدكتور أسعد صبر؛ استشاري الطب النفسي.

وكان هذا الحوار الذي يؤكد أن الطب النفسي من أهم وأصعب التخصصات الطبية وأندرها، خاصة في الوطن العربي، فنجاح الطبيب النفسي يعتمد على تمكنه من زرع الثقة بينه وبين المريض وبناء جسر من التفاهم والتقدير بينهما، ولا بد من أن يملك القدرة على سبر أغوار النفس البشرية وفهم مكنوناتها؛ حتى يستطيع مساعدة مرضاه.

كيف تستطيع المرأة العربية الحفاظ على حياتها الأسرية في ظل الضغوط النفسية والاقتصادية التي تعيشها؟

ليس بإمكان المرأة أن تعيش بعيدًا عن الضغوط النفسية أو الاقتصادية فهي من "متطلبات الحياة"، وعليها أن تتعلم كيف تتعايش معها وكيف ترتب أولوياتها وتعطي كل شيء حقه من الاهتمام، حتى تحقق التوازن في توزيع المهام.

على سبيل المثال: المرأة العاملة لديها حياتها العائلية وأبنائها وحياتها الوظيفية، ولديها كذلك أهداف ترغب في تحقيقها؛ فكل هذه الأمور تحتاج الى التوازن وتوزيع جهودها بحيث لا يطغى شيء على آخر، فلا تخسر عائلتها بسبب العمل، والعكس صحيح وذلك عن طريق تنظيم الوقت والأهداف والأولويات، وعليها ألا تسمح للآخرين بتوجيهها وأن تنشئ علاقات اجتماعية قوية؛ فكل ذلك يحقق التوازن النفسي.

يخطئ كثيرون عندما يسعون إلى إرضاء الآخرين في أي عمل يؤدونه وهو ما يستحيل تحقيقه؛ فعلى المرأة إدراك أنها كبشر لديها طاقات معينة وبإمكانها النجاح في أي مجال من مجالات حياتها لكن بنسبة معينة، فالكمال لله وحده.

كيف نستطيع التخفيف من حدة تأثير الظروف الاقتصادية في الحالة النفسية؟

للأسف، طغت الماديات والمظاهر على الكثير من أمور الحياة، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية والانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤثر سلبًا في الحالة النفسية، فالثراء أو المظاهر لا يحققان السعادة، وكثير من الأثرياء يعيشون في صراع نفسي لأنهم دائمًا ما يرغبون في تحقيق المزيد من الثروات، بينما من يشعر بالقناعة يعيش هانئ البال وسعيدًا؛ إذن فالرضا هو أساس الراحة النفسية.

في ظل هيمنة التكنولوجيا وانتشار الألعاب الإلكترونية، كيف نحافظ على سلامة الأطفال النفسية؟

المحافظة على سلامة الأطفال وحمايتهم من خطر الإنترنت والسوشيال ميديا مهمة جدًا؛ وعلينا أن ننشئهم على المبادئ والقيم، والمشكلة أن شبكة الإنترنت عبارة عن بحر واسع من المعلومات والصور والأفكار والمفاهيم، والتي منها بالطبع ما يخالف مبادئنا وعاداتنا.

هنا، يأتي دور الوالدين في توعية الأطفال وتصحيح المفاهيم الخاطئة بالتوجيه الصحيح، ومن الخطأ منع الطفل من ممارسة التكنولوجيا؛ لأنه لن يستجيب فهو بطبيعته فضولي، ولا بد من إجراء حوار معه؛ ما يمكننا من بناء شخصيته بطريقة صحيحة، وعلينا تنمية مهارات الكتابة والقراءة لديه.

ماهي الحالات النفسية الأكثر انتشارًا في المجتمع؟

أثبتت بعض الإحصائيات أن أكثر الأمراض النفسية شيوعًا هي القلق الذي يعيق المصابين به عن التعايش داخل مجتمعاتهم. والقلق أنواع؛ منه القلق العام، القلق الاجتماعي، الخوف من الأمراض، والوسواس المرضي.

أما من يعانون من الاكتئاب، فهم في كثير من الأحيان يشعرون بالإحباط وعدم الرغبة في تلقي العلاج، وغالبًا ما يكون سبب الاكتئاب مشكلةً ما وهنا يكون العلاج هو حل تلك المشكلة.

الاكتئاب أنواع؛ منها الاكتئاب الذهاني، اكتئاب ما بعد الولادة، الاكتئاب التفاعلي بسبب ضغوط الحياة، اكتئاب بسبب تعاطي المخدرات.. وغيرها، وعلاجها في متناول اليد لو التزم المريض بالبرنامج العلاجي، والذي لا يشمل العقاقير فقط بل هناك جلسات تسمى "علاج معرفي سلوكي" وهي مهمة في مرحلة العلاج.

الدكتور أسعد صبر

ما هو القلق الاجتماعي؟

هو الخوف من الظهور أمام الآخرين وخاصة التجمعات والاجتماعات، سواء عند إلقاء كلمة، فيكون المريض خائفًا من مواجهة أي شخص بل أحيانًا يكون الخوف من نظرات الناس له أو عند الإجابة عن أسئلة الحضور في أي اجتماع؛ وذلك لأنه يفكر في ردود أفعال من حوله وكيف ينظرون له وماذا سيقولون عنه.

كيف نستطيع تربية نشء سليم في ظل الانفتاح على العالم حاليًا؟

أرى أن مجتمعاتنا تمر بتطورات وتغيرات كثيرة يجب أن ننتبه للأثر النفسي لها، وعلينا أن نتعلم كيف نوجه أطفالنا التوجيه السليم في عصر الانفتاح الذي نعيشه، ويجب توظيف ذلك بطريقة صحيحة؛ لبناء مجتمع سليم نفسيًا.

هل التقدم في العمر له مشاكل نفسية نستطيع أن نقي أنفسنا منها؟

التقدم في العمر هو مصدر للخوف عند الكثير من الناس لكن ليس معناه نهاية الحياة، وعلى الإنسان أن ينظر إلى حياته باعتبارها مراحل وكل مرحلة نخرج بتجارب في الحياة ونجاحات وطموحات.

التقدم في العمر، زيادة لنا في الخبرات لو نظرنا له بطريقة إيجابية، إلا أن الغالبية تفقد جاذبية تلك المرحلة.

كيف تحافظ المرأة على لياقتها وجمالها في نظر زوجها؟

الجمال ليس دائمًا جمال الشكل ولكنه جمال الروح وجمال الأخلاق، فعليها الاهتمام بصحتها والحرص على جعل الاحترام أساس علاقتها مع زوجها وأسرتها، ومع الآخرين، ولا بد كذلك أن تكون متصالحة مع ذاتها.

كيف ننجح ونتغلب على الخوف من الفشل؟

الإنسان الذي يبني حياته على التوتر والخوف من الفشل يفشل فعلًا، فالنجاح لا يتحقق بنسبة 100%، والرضا عن الذات هو أساس أي حياة ناجحة وسعيدة.

اقرأ أيضًا: “الجوهرة” تفتح الملف وتجيب عن الأسئلة الصعبة: رأي الطب النفسي في شغف الآباء بتوثيق حياة أطفالهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي