جنون العظمة.. كيف ترين نفسك في المرآة؟

عرف العالم منذ القدم أن جنون العظمة هو وسواس يمكنه أن يصف حالة الوهم التي تعيشها المرأة؛ لكن هل تعرفين أنه مرض عقلي خطير، يمكنه أن يطارد العديد من الفئات خاصة في عصر الشهرة السريعة على مواقع التواصل الاجتماعي؟

ليس كل قطة نظرت إلى المرآة ووجدت نفسها أسدًا هي الواقع بالفعل؛ فربما هي مجرد قطة صغيرة تخشى الماء! الحال كذلك بالنسبة للإنسان؛ فلا يمكن إصدار الحكم من خلال عيون الشخص ذاته – وإن كان هناك من يجلد نفسه يوميًا لأنه لا يثق في قدراته في التعامل مع الناس – إذ لا يمكن للحقيقة أن تتجرد من أي شوائب بهذه الطريقة، وقد تسلك طريقًا خاطئًا إلى جنون العظمة.

جنون العظمة وإن كان مصطلحًا تاريخيًا يعود إلى الإغريق؛ إلا أنه ينتشر في الآونة الأخيرة على وجه الخصوص، في العصر الذي تعتمد فيه الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، دون النظر إلى الموهبة، أو العمل الجاد؛ أكيد لاحظتِ كل الحسابات المؤكدة بالعلامة الزرقاء على عكس السنوات السابقة، والتي كانت فئة المشاهير تنحصر بين المبدعين في المجالات المختلفة.

إن تلك الشهرة الافتراضية تساهم في تعزيز فرص الإصابة بمرض جنون العظمة؛ هكذا أكدت الدكتورة شيماء أحمد الجابر؛ أخصائية الطب النفسي، في تصريحات خاصة لـ "الجوهرة"، مفيدة أن الأمر يمكن أن يتفاقم للأسوأ.

مفهوم جنون العظمة

قالت الدكتورة شيماء: "في البداية يجب أن تعرف المرأة مفهوم جنون العظمة؛ فذلك المصطلح الشائع الذي يمكن أن تتناقله الأجيال لوصف الشخص المغرور إلى حد ما، لا يصف تلك الحالة فقط؛ بل إنه يصف ذلك الفرد المدّعي؛ فهناك من يدّعي أنه يمتلك قوة خاصة، أو موهبة فريدة، أو أموال طائلة، أو يدّعي أهميته في مجتمع بعينه، أو معرفته لأشخاص مشهورة".

وأضافت: "كل ما سبق وغيره يمكنه أن يساهم في إصابة المرأة بجنون العظمة؛ ما يشكل خطرًا كبيرًا على حياتها؛ حيث إنه يعزز فرص الإصابة بالكثير من الأمراض النفسية من الفصام، الاضطراب ثنائي القطب، الاكتئاب"، موضحة أن الهذيان هو السمة الأساسية للمصابين به؛ نظرًا للأفكار المتسلطة التي يعيشها المصاب، وقد يتطور الأمر إلى الشعور بالاضطهاد أيضًا.

مخاطر جسيمة

وأردفت: "يمكن لإحساس الاضطهاد أن يتسلل إلى نفس المصاب بجنون العظمة؛ وذلك لأنه يرى نفسه كشخص مهم للغاية، ما يدفع المحيطون به إلى تدبير المكائد والمؤامرات للإيقاع به، وتتناسب نسبة الإحساس مع قوة الوهم الذي يعيشه المصاب؛ والتي تعتمد بالضرورة على مدى تصديقه لأوهامه التي ابتكرها عقله الخاص".

وعن مخاطر الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت الدكتورة شيماء أن هذه الشهرة التي تعتبر سريعة إلى حد ما؛ فقد نجد شاب/ة في العقد الثاني من العمر، أو حتى العقد الأول – بل إن هناك حسابات يبتكرها الأهل لأطفالهم الرضع بعد الولادة مباشرة – يمكنه أن يخلق مشكلة كبيرة؛ بسبب الإحساس بالأهمية الكبرى والتأثير الواضح في المتابعين.

وأضافت: "فالفتاة الشابة مثلًا تجد نفسها أمام آلاف المتابعين الذي ينتظرون فيديو أو صورة جديدة لها؛ إذًا أنا مهمة أو هكذا تخبر نفسها، وبغض النظر عن إمكانية إهمالها للجوانب المهمة الأصلية في حياتها؛ فإنها تصبح عرضة للإصابة بجنون العظمة مع كل ضغطة زر إعجاب جديدة، أو متابعين جدد، أو امتلاء خانة الرسائل بالمعجبين".

جنون العظمة

اضطرابات عقلية

تنتج الأوهام عمومًا عن اضطراب في الصحة العقلية، ويمكن أن تغير الاضطرابات الذهانية إحساس المرأة بالواقع، وبالتالي فهي لن تستمع إلى أي وجهات نظر أخرى، ولن تفكر في التغيير عندما تتحدى الأدلة ذلك الوهم القابع في عقلها.

ويتسم وهم المصابة بجنون العظمة بالاستحالة؛ فهو غير قابل للتصديق. كما يمكن أن يؤثر في حياة الشخص اليومية؛ لكن وفي الوقت ذاته، قد يكون من الصعب تحديد أوهام جنون العظمة؛ لأن الشخص الذي يمتلكها يعتقد أن الوهم حقيقي.

وقد يكون من الصعب تمييز الأوهام عما يسمى "فكرة مبالغ فيها"، أو اعتقاد لدى الشخص ليس دقيقًا تمامًا، ومن ناحية أخرى، لا يرتبط الوهم عادة بأي شيء يحدث في الحياة في الوقت الحالي.

وأوضحت الدكتورة شيماء: "أن جنون العظمة يعتبر أكثر شيوعًا مع الاضطراب ثنائي القطب والفصام. ولن أتردد في القول إن المصاب بهذا المرض يجب أن يزور الطبيب ليفصح عن أسراره، ويعطي المعالج فرصته في البحث جيدًا وجديًا عن ذاته الحقيقية، والمرور بها إلى بر الأمان".

واختتمت تصريحاتها قائلة: "قد يكون تفسير الإصابة بجنون العظمة صعبًا؛ لكن إذا شككت لوهلة، يمكنك التأكد من عدم مغادرة منطقة التواضع الوسطى، التي تساعدك في إبراز شخصيتك بشكل أفضل بين الجميع، وفي الوقت نفسه، يمكنها أن تساعدك في الحفاظ على انخفاض معدل الغرور أو المبالغة، وزيارة الطبيب إذا زاد الوهم عن حده. ولا يجب أن تنسى المرأة أنها بطلة في حياتها الخاصة كل بطريقتها الفريدة".

اقرأ أيضًا: فوائد الزنك للمرأة وأبرز الأطعمة الغنية به