المغربية فضيلة الكادي: أناقة أمي دفعتني لعشق تصميم الأزياء

تُعد مصممة الأزياء المغربية فضيلة الكادي؛ واحدة من أشهر وأبرع مصممات الأزياء العرب، ولها العديد من التصاميم العالمية التي ارتداها مشاهير العالم، كما شاركت "الكادي" في العديد من معارض الأزياء العالمية في مدينة نابولي الإيطالية وغيرها من العواصم الأوروبية.

"الجوهرة" حاورت فضيلة الكادي؛ للتعرف على بداياتها في مجال تصميم الأزياء، ومشوارها بداية من المغرب ووصولًا للعالمية، وإلى نص الحوار:

* ما سر نجاح تصميماتك؟

أعتقد أن ذلك يعود إلى سنوات الطفولة؛ حيث كنت معجبة بأناقة والدتي؛ ما جعلني أولي اهتمامًا خاصًا بالزي التقليدي المغربي الغني بتنوعه، خاصة أنني نشأت وسط عائلة سلاوية (نسبة إلى مدينة سلا المغربية) من جهة الأم، وصحراوية من جهة الأب الذي ينحدر من مدينة بوجدور بالصحراء المغربية.

وشغفي بالزي المغربي لم يفتر يومًا، فإلى جانب أمي، عليّ أن أشير إلى موهبة عَمَّاتي في فن النسيج، وبالقدر الذي أثر فِـيَّ المحيط العائلي المباشر أثرت فِـيَّ أيضًا حرف الصناعة التقليدية التي تزخر بها مدينة سلا؛ ذلك أنني كنت أتردد على محترفات التطريز والخياطة والنسيج أثناء العطل المدرسية. ولَكُمْ أن تتصوروا كم هو مفيد أن أنفق من الوقت والجهد لأتعلم حرفة يدوية مباشرة من حرفي أو من صانعة حرف يدوية.

وعندما حصلت على شهادة الباكالوريا في بداية التسعينيات، كان هاجسي هو أن أشحذ مهاراتي وأطور موهبتي، فاتجهتُ إلى إحدى مدارس الموضة وتصميم الأزياء في الرباط؛ حيث تلقيت تدريبًا أهلني، ليس فقط للحصول على دبلوم في مجال التصميم، وإنما حفزني أيضًا على الإبداع؛ انطلاقا مما تعلمته واكتسبته في محترفات المعلّْمَات وما اختزنته ذاكرتي من أشكال وتصاميم.

*هل تذكرين أول قطعة صممتيها؟

نعم، أذكر وأنا طفلة، كنت أحاول تقليد ما كانت تقوم به أنامل الـحِرَفيات اللائي كان لي حظ التعلم على أيديهن، وبعد فترة وجيزة صممت قميصًا مزجت فيه السّْفِيفَة والعُقد وبعض التَّطْريز، أما شكله وتصميمه فما زال راسخًا في ذاكرتي حتى الآن.

*ماذا عن تصميمك أزياء مشاهير هوليوود؟

يعتمد بعض مشاهير هوليوود عليّ في تصميم ملابسهم، ومن بينهم الفنان العالمي ويل سميث، الذي حرص على زيارتي حينما جاء إلى المملكة المغربية منذ عامين.

*بمن تأثرتي في عالم الأزياء؟ ومن مصدر إلهامك؟

يعود الفضل في ذلك إلى المصمم العالمي الراحل إيف سان لوران، الذي قدم لي الدعم في بداية مشواري الفني، خاصة بعد اللقاء به في مدينة طنجة (عام 1999)، وأُعجب بلمساتي الفنية؛ ما جعله يقترح عليّ عرض تصميماتي في دور الأزياء الفرنسية، وكانت دفعة لي قوية نحو العالمية.

وقبل لقائي بإيف سان لوران، سبق لي أن نظمت معرضًا في نابولي عام 1998 وكانت مناسبة التقيت فيها المصور الفني الإيطالي الشهير بول طوريل الذي لم يبخل عليّ بالمساعدة ماديًا ومعنويًا، ويعود له الفضل في التعريف بتصاميمي وأعمالي الفنية في أوروبا.

*ماذا يعني لك الزي التقليدي المغربي؟

الزي التقليدي المغربي هو مفخرة وهوية لي، أعشقه كما تعشقه السيدات المغربيات،و العربيات وحتى الأجنبيات؛ لفن تصميمه والإبداع في تشكيلة ألوانه، ولكن بالنسبة لي لا مقارنة بينه وبين التصميمات العالمية، فيبقى التقليدي له مكانته عبر التاريخ والأزمنة العربية، خاصة المغربية، وكذلك الأزياء العالمية حسب تصميماتها منذ القرن الثامن عشر لما لها من روعة التصميم والإبداع.

*كيف ترَيْنَ نفسك في سوق العمل؟ وما سمات المصممة المحترفة؟

في سوق العمل أنا ديناميكية، نشيطة محبة ومخلصة لعملي، لا أبخل بجهدي ولا بوقتي، أعمل طيلة اليوم غير مبالية بفترات الاستراحة أو العطل؛ حيث أجد راحتي في الإبداع وما جد واستجد في عالم التصميم والإبداع.

* هل تتوجهين بأزيائك لفئات معينة؟

لا مجال للاختيار، تصاميمي متاحة للكل، ولا أصمم لفئة بعينها أو طائفة بذاتها.

*هل لكِ أنشطة أخرى غير التصميم وعالم الأزياء

كل اهتمامي حاليًا منصب على إنشاء مؤسسة اجتماعية خاصة بتعليم الحرف اليدوية التقليدية، بالتوازي مع برامج تعليمية مكرسة للغتين العربية والفرنسية والرياضيات والإعلاميات. وبادرت إلى إنشائها عام 2016، بتمويل ذاتي في البداية وبدعم من فنانين وأصدقاء لاحقًا؛ لتخدم شريحة من المجتمع تعاني من التهميش والحرمان من التعليم؛ حتى لا تكون عرضة للضياع والتشرد والسقوط في آفة المخدرات، وفكرت في أن تعليم الأطفال واليافعين مجانًا، حتى يتسنى لهم ولوج سوق العمل بمهنة شريفة، ووفرنا لهم وسائل النقل والطعام؛ وكذلك فرص التدريب خارج الوطن؛ ما يساعدهم في الحصول على فرص العمل.

*ماذا يعني لكِ العمل الاجتماعي؟

العمل الاجتماعي فرصة للتآخي والتآزر والتضامن ونكران الذات.

*بوصفك مصممة.. ما الصيحات المفضلة لديك؟

ليس لدي صيحات مفضلة؛ بل البحث والاجتهاد من أجل إبداع جديد بتوقيع لي ومني، أنا المنتمية لهذه الرقعة الجغرافية التي تُسمى "المغرب"، بما يزخر به من حضارة وثقافة وفنون.

*ما آخر أعمالك؟ وهل من مشاريع مستقبلية؟

أجريت مؤخرًا زيارات للعديد من البلدان؛ بهدف الاطلاع على تجارب وفنون التطريز والصناعة التقليدية المحلية؛ لاعتمادها في تصميماتي، وهكذا زرت رومانيا ولاوس وبنما، في بنما تعرفت على صانعات وصناع تقليديين واطلعت على إبداعهم في فن التطريز وتشكيل الألوان، واستلهمت منهم ما تجود به أناملهم من تصميمات ورسومات تعكس ثقافة البلد. وخلال هذه الجولة، التقيت العديد من النساء، لاسيما من المجموعات الإثنية «نغابي بوغلي» و«إمبيرا وونان» و«كونا»، وهي اللقاءات التي شكلت فرصة لي لاستكشاف مهارات هؤلاء الحرفيات وفهم بيئتهن وكيفية اشتغالهن، وكذلك بحث إمكانية التعاون معهن وإشراكهن في مشروع للأزياء الراقية.

وفي هذا اللقاء الذي أثمر شراكة بيننا، استقبلنا عام 2018 في الرباط مصممتين من بنما وعملتا مع مصممات مغربيات، وتبادلن فيما بينهن الخبرات ولم تكن اللغة حاجزا، بل إن «لغة اليد» كانت كافية لكي يحدث التواصل.