الشاعر الإماراتي خالد الظنحاني: مبادرة "الرواق الثقافي السعودي الإماراتي" تستهدف كل شرائح المجتمع

ـ ما قدمته كلٌ من المرأة الإماراتية والسعودية يبعث على الفخر والتفاؤل

ـ رؤية 2030 السعودية عكست إرادة سياسية لتمكين المرأة ورفع مستوى مشاركتها الاقتصادية

ـ على وزارة الثقافة أن تتبنى مشروعًا لإدراج مهن ثقافية ضمن التصنيف المهني لدولة الإمارات

حوار: مجدي صادق

هو إعلامي إماراتي وشاعر، حصل على العديد من الألقاب مثل: خبير ثقافي ومجتمعي وكاتب، والتي شكلت شخصيته الإبداعية، نال شهادة الدكتوراه المهنية ووسام التنمية الثقافية من هيئة اتحاد الجامعات المكسيكية.

ويُعد خالد الظنحاني من أبرز شعراء الإمارات، وقد كرمه الملك محمد السادس؛ ملك المغرب، في ذكرى ميلاده الثامنة والخمسين، واختارته الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية -وهي مؤسسة دولية تعمل بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة- ومقرها البحرين ضمن قائمة المائة شخصية عربية الأكثر تأثيرًا في مجال المسؤولية الاجتماعية، وحاز درع السلام كسفير للسلام الدولي في ملتقى "ابن بطوطة" الثقافي، الذي تم عقده في مدينة باليرمو بإيطاليا.

صدر له الكثير من الكتب، أبرزها كتاب "أول منزل" وسلسلة كتب حول "رواد الشعر العربي في الإمارات العربية"، وفي حواره لـ"الجوهرة"، أكد "الظنحاني" أهمية دور المرأة العربية في "المكون الثقافي" وأنها شريك فاعل في البناء والتقدم، فإلى نص الحوار..

تحمل ألقابًا مختلفة.. فما هو الأقرب منها إلى قلبك وشخصيتك الإبداعية؟

هذه الألقاب منارات مضيئة في مشواري تلهمني لمواصلة العطاء، فأنا كخبير ثقافي ومجتمعي أسعى إلى الإسهام في نهضة وطني ثقافيًا، وككاتب وباحث وإعلامي أسعى لترك بصمة تضيف لبنة نوعية لصرحنا الثقافي الذي يسهم كل أبناء الإمارات من المبدعين الملهمين في تشييده.

لكن لقب "الشاعر" الأقرب إلى قلبي؛ لأن الشاعر يمسك بزمام الكلمة المبدعة والمؤثرة، وهذه الكلمة التى يرويها من رحيق وجدانه وعطائه الفكري تًخصب طريقه حيثما كان وأينما حط رحاله في أي حقل إبداعي سواء كخبير ثقافي أو إعلامي أو مجتمعى أو غيره، فجواد الكلمة الشعرية مطية خارقة أجوب بها مراتع إبداعية شتى بقلب نابض بالعطاء مفعم بالمسؤولية تجاه وطني ومجتمعي وشعبي بحس عميق ورؤية ثاقبة.

ما مفهومك للثقافة العربية؟ وكيف استطعت تفعيل هذا المفهوم في بلدك؟ وكيف ترى حال الثقافة العربية في زمن الرقمنة ومواقع التواصل والثورة الصناعية الرابعة؟

رغم القيمة المعنوية للألقاب التى نلتها في مشواري الإبداعي لكنها في حقيقة الأمر حافز معنوي ليس إلا، فأنا كمثقف إماراتي أحمل في وجداني وقلمي همّ الثقافة المحلية والعربية ومنحها طابعًا عالميًا بين الأمم، وأبذل كل جهدي من أجل عالمية الثقافة الإماراتية؛ من خلال النقل الإبداعي للتراث الوطني والثقافة الإماراتية إلى محيطنا الخليجي والعربي ثم العالمي، وقد أخذت على عاتقي مسؤولية إيصال الصوت الثقافي الإماراتي إلى كل أرجاء الكرة الأرضية، وجبتُ دولًا عربية وأجنبية أولها فرنسا، وآخرها ألمانيا وإسبانيا والهند.

أما بخصوص تفعيل دور الثقافة محليًا وعربيًا، فيجب اتخاذ خطوة عملية تسهم في إبراز قيمة الثقافة، ومنها إطلاع الأجيال الجديدة على النتاج الأدبي الإماراتي والعربي عبر مختلف المراحل منذ نشأة الدولة، مرورًا بحركة التطور والتجديد التي تأثرت باتجاهات أدبية عربية ودولية، وهو مدخل لتعريف الدارسين بأسماء الكُتّاب الذين أسهموا في تكوين المشهد الأدبي الإماراتي والعربي وتركوا فيه بصمات فارقة.

كذلك، إدراج تاريخ الإمارات وتراثها الثقافي وموروثها الشعبي في مناهج التعليم المدرسي والجامعي؛ بهدف غرسه في عقول ووجدان الأجيال الإماراتية؛ ما يعزز الهوية الوطنية وقيم الانتماء والوفاء.

بالإضافة لذلك، على وزارة الثقافة أن تتبنى مشروعًا يقضي بإدراج مهن ثقافية مثل: شاعر، تشكيلي، مسرحي، موسيقار، فنان، ضمن التصنيف المهني لدولة الإمارات وتفعيل دور المراكز الثقافية في النهضة الثقافية الوطنية، وهذا النموذج يسهم في النهضة الثقافية ليس فقط في الإمارات وإنما في سائر دولنا العربية إذا تم العمل عليه بجدية وعطاء وحرص على نجاح هذا النموذج.

ما سر اهتمامك بفن المونودراما؟ وماذا عن مبادرة "سفراء زايد" الثقافية الدولية باعتبارك الرئيس التنفيذى لها؟

في هذا السياق، أنا أتوافق مع الشاعر الأردني الراحل جريس سماوي مؤلف أوبريت "لؤلؤة الشرق"، والذي قال في هذا الصدد "إن فن المونودراما قريب إليّ، فالممثل الوحيد على الخشبة الذي يقدم مونولوجات لا يختلف كثيرًا عن الشاعر الواقف وحيدًا على المنبر يقدم قصيدته بأبعادها وأصواته، فالشعراء العرب منذ سوق عكاظ ومربد كانوا يقدمون شعرهم وفق أداء درامي، والنابغة الذبياني -على سبيل المثال- كان يحلق نصف شعره ونصف لحيته وينتعل فردة حذاء واحدة ويرتدي لباسًا خاصًا لاستحضار "شيطان الشعر"!.

وبخصوص مبادرة سفراء زايد أقول إن «زايد الخير» باقٍ في قلوبنا نحن أبناء الإمارات إلى الأبد وسنسعى جاهدين؛ من خلال مبادرة «سفراء زايد»، إلى التعريف عالميًا بعبقريته في بناء الإنسان، وإبراز إرثه العظيم الذي خلّده؛ عبر المنجزات التنموية والحضارية والإنسانية الكبيرة التي أبهرت العالم أجمع؛ وذلك عبر تنظيم الملتقيات الثقافية داخل دولة الإمارات وخارجها.

مبادرة "سفراء زايد"، جاءت خلال مشاركتنا في الجلسة الثقافية لمؤتمر الشيخ زايد العالمي الثالث للسلام الذي عُقد في جامعة الثقافة الإسلامية العالمية بولاية كيرالا الهندية تحت شعار «من أجل عالم خالٍ من الإرهاب»، تخليدًا لذكرى الراحل الشيخ زايد -طيب الله ثراه- الذي نذر نفسه لخير الإنسانية وسعادة البشرية.

هل نحن في زمن غاب عنه فطاحل الشعراء العرب؟ وهل انحسر الإبداع العربي في مجال الشعر؟

الشعر مازال بخير وما زالت قريحتنا الشعرية العربية حبلى بالإبداع، لكن هناك تحديات قد تقف في وجه المبدع والشاعر العربي وجب تذليلها، وهناك مقاييس للذائقة الشعرية وجب حفظها والتحليق بها نحو مزيد من النضج والعطاء.

أنت مؤسس ورئيس الشعر في الفجيرة فهل ذلك محاولة لإنقاذ الشعر العربي؟

على كل مثقف وشاعر عربي أن يعمل من موقعه ومن منطلق مواهبه وطاقاته على حفظ الذاكرة الشعرية العربية وثرائها والارتقاء بها، وعلى المؤسسات الثقافية أن تبذل كل ما بوسعها في هذا الصدد.

وعلى الإعلام أن يكون شريكًا فاعلًا في تحقيق هذه النهضة وأن نتخلى عن النظرة السوداوية المحبطة للواقع الشعري والثقافي العربي، فصحيح هناك أزمات وعقبات لكن في المشهد الإبداعي العربي طاقات واعدة وأخرى مغمورة يجب الشد على عضدها كي نساعدها في التحليق والتألق في عالمنا العربي.

ما سر حماسك لجائزة المرأة الملهمة التي ترأسها؟ وماذا عنها فى كتاباتك الشعرية؟

أنا أتحمس وأدعم كل مبادرة وفعالية تخدم المرأة وتمنحها فرصة إبراز طاقاتها وقدراتها وتسهم في نهضة وطنها، فالمرأة شريك فاعل في البناء والتقدم والازدهار، وهي قصيدة ملئها الإبداع ومصدر العطاء والخصوبة والنقاء وسر من أسرار الحياة الخالدة. جائزة المرأة الملهمة، إضافة نوعية في ماراثون المثابرة؛ من أجل إبراز دور المرأة في إخراج أجيال واعدة وغرس بذور النجاح وطرح ثمار التألق والتفوق، ففي وطننا العربي طاقات نسوية مبهرة نسعى للكفاح من أجل عدم تركها مغمورة وأن نباهي بها الأمم وجعلها قدوة للجميع.

ما رأيك فيما وصلت إليه المرأة الإماراتية؟ وكيف ترى إنجازات المرأة السعودية في ظل رؤية 2030؟

المرأة الإماراتية والسعودية أثبتتا جدارتهما في العطاء والتألق والسعي الدؤوب لخدمة وطنهما بحب وإخلاص، وما قدمته على كل الصعد يبعث على الفخر والتفاؤل.

وقد عكست رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية إرادة سياسية لتطوير وضع المرأة وتمكينها، ورفع مستوى مشاركتها الاقتصادية، ودعم قدراتها ومعارفها، وأنا أثني على هذه الرؤية الواعدة التي ستلقي بظلالها على النهضة الحضرية في هذا البلد الشقيق.

هل هناك أي تعاون ثقافي بين الإمارات والمملكة العربية السعودية؟

تتعدد الروابط الثقافية الإماراتية السعودية من خلال عدة مبادرات وفعاليات؛ منها: مهرجان الجنادرية بالرياض ومهرجان سوق عكاظ بالطائف، ومعرض مسك للفنون بالرياض؛ ومعرض الرياض الدولي للكتاب.

كذلك، مبادرة الرواق الثقافي السعودي الإماراتي، والتي تستهدف كل شرائح المجتمع في البلدين والعالم العربي؛ من خلال التحاور حول أهمية الثقافة وتبادل الآراء والأفكار المبتكرة؛ للتأقلم مع الأوضاع الراهنة في مجالات الموسيقى والرياضة والطبخ والتراث والأزياء والشعر والفن التشكيلي والزراعة، في إطار تفاعل ثقافي مثمر بين البلدين.

كيف ترصد المتغيرات بمجتمعاتنا العربية في ظل قيم جديدة أفرزتها الرقمنة ومواقع التواصل الاجتماعي؟

التغيرات المجتمعية في ظل النهضة الرقمية تحمل أكثر من قراءة، فالانفتاح الهادف والتلاقح المجتمعي والتفاعل الفكري تُعتبر مطالب ملحة في زمن الثورة الرقمية، لكن يبقى الترويج للأفكار والمعتقدات الدخيلة على ثقافتنا وتعاليم ديننا خطوط حمراء يجب التنبه لها والتصدي لتبعاتها.

ما رأيك في ارتفاع معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج وظهور متغيرات كثيرة ومخيفة في العلاقات الأسرية؟

الأسر عمومًا تحتاج للحوار الهادف الرصين والتقارب الحقيقي لتضمن اللُحمة ضد أي اهتزازات؛ كي تظل متماسكة، ولا بد من وجود حرص ورعاية متبادلة بين أفرادها لكي تستمر الحياة الأسرية في كنف الاحترام والوفاق.

ماذا تتوقع للجائزة العربية للمرأة الملهمة في طبعتها الأولى؟ وما هى أفكارك للطبعة القادمة؟

الجائزة العربية للمرأة الملهمة ما زالت في بداية طريقها، ونحن حريصون على نجاحها وتفوقها، ونتمنى أن تلقى الدعم والتفاعل الكبيرين كي تبحر بإبداعات المرأة العربية أينما كانت نحو العالمية، ولدينا أفكار لإثرائها في إطار استراتيجيتنا للنهوض بصورة المرأة العربية بين الأمم، لكن ما زلنا نرصد وقعها في مختلف الأوساط والتفاعل معها، ونحن متفائلون جدًا.

اقرأ أيضًا: المنتجة السينمائية التونسية زينة خليفة: المرأة السعودية تعيش في بيئة تصنع الشغف