أشاد العلماء اليوم بإنجاز جديد بعد اكتشافهم كيف يمكن أن يلحق التدخين الإلكتروني الضرر بالرئتين. حيث بدأ البريطانيون في استخدام السجائر الإلكترونية بأعداد غير مسبوقة. حيث تشير التقديرات الآن إلى أن 1 من كل 10 بالغين مدمن على هذه العادة.
تأثير التدخين الإلكتروني على الرئتين
وعلى الرغم من أن السجائر الإلكترونية تعتبر أكثر أمانًا من السجائر التقليدية وأداة جيدة للإقلاع عن التدخين. فإن الخبراء حتى الآن لم يكونوا متأكدين ما يجعل المستخدمين أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الخطيرة.
بينما يعتقد باحثون من أستراليا أن العديد من المواد الكيميائية الموجودة في دخان السجائر والسجائر الإلكترونية يمكن أن تغير وظيفة الخلايا المناعية الرئيسية في الرئتين. حيث تعرف هذه الخلايا طبيًا باسم خلايا “MAIT”، وهي تساعد في محاربة العدوى البكتيرية والفيروسية وإصلاح الأنسجة التالفة.

بينما أن دخان السجائر الإلكترونية يمكن أن يمنع الخلايا من العمل بشكل صحيح؛ ما يعرض المستخدمين لخطر أكبر للإصابة بأمراض الرئة المنهكة مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن، المعروف أيضًا باسم “COPD”.
وأوضح “البروفيسور ديفيد فيرلي” الخبير في العلوم البيولوجية الجزيئية بجامعة كوينزلاند والمشارك في تأليف الدراسة. نحن نعلم أن دخان السجائر، وحرائق الغابات، والطهي، وعوادم السيارات، وحرق النفايات تشكل مخاطر صحية كبيرة، إلا أننا لا نزال نعرف القليل نسبيًا عن كيفية تأثير المكونات المحددة للدخان على جهاز المناعة لدينا، وكيف تؤثر على أجزاء متعددة من جسم الإنسان.
وفي غضون ذلك بعض المواد الكيميائية التي يزيد عددها على 20 ألف مادة موجودة في الدخان الذي يستنشقه المدخنون قد تؤثر على نشاط خلايا MAIT في الرئتين.
دخان السجائر الإلكترونية يضعف المناعة
وأضاف “البروفيسور جيمي روسجون” الخبير في علم الأحياء الجزيئي والمناعة في جامعة موناش ومؤلف الدراسة. “لقد وجدنا أن التعرض طويل الأمد يضعف حماية خلايا MAIT في الفئران؛ ما يضعف قدرتها على مكافحة الإنفلونزا. ويزيد من قابليتها للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن.
ويوضح كيف أن تغيير سلوك هذه الخلايا المناعية يمكن أن يؤدي إلى تقليل قدرتها على مكافحة التهابات الجهاز التنفسي ويزيد من خطر الالتهاب المزمن وأمراض الرئة. كما أن السجائر الإلكترونية تسمح للناس باستنشاق النيكوتين في بخار، والذي يتم إنتاجه عن طريق تسخين سائل، والذي يحتوي عادة على البروبيلين جليكول، والجلسرين، والنكهات، والمواد الكيميائية الأخرى.
وذلك على عكس السجائر التقليدية، فإنها لا تحتوي على التبغ، ولا تنتج القطران أو الكربون، وهما اثنان من العناصر الأكثر خطورة. كما أن تأثير النيكوتين على الدماغ معروف جيدًا، فبعد 20 ثانية من استنشاقه، يؤدي النيكوتين إلى إطلاق رسائل كيميائية مثل الدوبامين، المرتبطة بالمكافأة والمتعة.
ولكنه يؤدي أيضًا إلى زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم وتضييق الأوعية الدموية، وذلك لأن النيكوتين يحفز إفراز هرمون الأدرينالين.
وأعرب الأطباء عن مخاوفهم من احتمال ظهور موجة من أمراض الرئة ومشكلات الأسنان وحتى السرطان في العقود القادمة بين الأشخاص الذين اعتادوا هذه العادة في سن مبكر. وفي الدراسة، قام الباحثون بتحليل آثار دخان السجائر على خلايا MAIT من الدم البشري والفئران.
واكتشف الباحثون أن المواد الكيميائية، بما في ذلك مشتقات البنزالدهيد التي تستخدم كنكهات للسجائر الإلكترونية، تحاكي الإشارات التي تستجيب لها خلايا MAIT عادة أثناء العدوى. كما أوضحوا أيضًا من خلال دراسة تم نشرها في مجلة الطب التجريبي أن المواد الكيميائية تتفاعل مع خلايا “MAIT”. ما يؤدي إلى قمع كيفية عملها وتقويض دورها الوقائي.
التدخين وعلاقته بالجهاز التنفسي
وأضاف الباحثون أن التعرض طويل الأمد للسجائر الإلكترونية والسجائر التقليدية جعل الفئران أقل قدرة على محاربة التهابات الجهاز التنفسي وأكثر عرضة للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن.
وأوضحت “البروفيسور ألكسندرا كوربيت” الخبيرة في علم الأحياء الدقيقة والمناعة في جامعة ملبورن والمؤلفة المشاركة في الدراسة. هناك نتائج تقدم منظور جيد حول كيفية تعطيل دخان السجائر لوظيفة المناعة. ونظرًا لوجود أكثر من مليار مدخن حول العالم، فإن هذه النتائج تقدم خطوة حاسمة نحو فهم الأمراض المرتبطة بالتدخين ومكافحتها.
ويعاني حوالي 1.4 مليون شخص في بريطانيا من مرض الانسداد الرئوي المزمن. كما أن هذه الحالة تحدث عندما تتلف الرئتين والمجاري الهوائية وتصاب بالالتهاب.

بينما يرتبط هذا المرض عادة بالتدخين أو التعرض لفترة طويلة لأنواع معينة من المواد الكيميائية الصناعية الضارة أو الغبار. ومع ذلك، في بعض الحالات، قد يصاب المرضى بمرض الانسداد الرئوي المزمن دون سبب واضح.
ومع مرور الوقت، يزيد مرض الانسداد الرئوي المزمن من خطر الإصابة بعدوى الصدر التي تهدد الحياة. في حين لا يوجد علاج لهذا المرض، وسيلاحظ المرضى تفاقم الأعراض لديهم بشكل تدريجي. ولن يعيش حوالي نصف مرضى الانسداد الرئوي المزمن أكثر من 5 سنوات بعد تشخيص المرض. وهناك دراسة أوضحت أن في بريطانيا يموت حوالي 30 ألف شخص نتيجة لمرض الانسداد الرئوي المزمن كل عام.
وفي العام الماضي، اكتشف موقع MailOnline أيضًا أن عدد الآثار الجانبية الضارة المرتبطة بالتدخين الإلكتروني والتي تم الإبلاغ عنها للجهات التنظيمية في المملكة المتحدة قد تجاوز الآن 1000، خمسة منها قاتلة. كما أن القائمة تتضمن كل شيء من الصداع إلى السكتات الدماغية. ويمكن لأفراد الجمهور والأطباء تقديمها.
اقرأ أيضًا: 5 علامات في لغة الجسد تدل على الكذب
وأخيرًا أوضحت وكالة الأمم المتحدة إنه لا يمكن التوصية بالسجائر الإلكترونية كوسيلة للإقلاع عن التدخين؛ لأن المعلومات المتوفرة حول أضرارها وفوائدها قليلة للغاية.