«الموسيقى نوع من الوحي قد يكون أعمق من الحكمة والفلسفة؛ الموسيقى هي التربة الخصبة للنفس حتى تحيا وتفكر وتخترع»، هذا ماقاله الموسيقي الألماني الشهير بيتهوفن.
فهل استمعتِ لبعض من النغم الجميل اليوم؟، إن كان جوابكِ بلا، فلابد أن تُعيدي تشغيل أعمالك المفضلة؛ فها هو العلاج بالموسيقى يقي شر الخوف، القلق، ويمحي عنكِ ظلمة الاكتئاب.
ربما ترتبط الموسيقى بشكل وثيق بالمشاعر؛ حتى إن النغمات التي يتم عزفها على الآلات تجد طريقها نحو القلب بطريقة استثنائية لا مثيل لها، تعرف خبايا الروح، وتبدأ في العزف على أوتار جراح تارة، وأوتار سعادة تارة أخرى.
وتردد في الآونة الأخيرة، مصطلح جديد، يُدعى «العلاج بالموسيقى»؛ وهي الطرق التي تتعرف على الحالة المرضية جيدًا، ثم تبدأ في تطبيق نمط معين من العلاج، وفقًا لطبيعة الأشخاص؛ هذا ما أكدته نور وصفي؛ أستاذ علم النفس وخبيرة العلاج بالموسيقى في بيروت، في تصريحات خاصة لـ «الجوهرة».
وعن مصطلح العلاج بالموسيقى؛ أوضحت: «نعم لقد تم ترديده مؤخرًا؛ إلا أنه يعود إلى زمنٍ بعيد في بلاد شرق آسيا، وكوني بحثت في علوم الموسيقى؛ لقد وجدت أن لها تأثيرًا بالغًا على النفوس، كما تم الاستعانة بها في الهند، وبالي، والكثير من الدول التي تعتمد على فلسفة اليوجا؛ سعيًا للوصول إلى السلام النفسي».
وتابعت وصفي: «هنا يأتي دور العلاج بالموسيقى؛ فقد يحتاج إليه في يوم من الأيام الإنسان؛ لهدف يتجاوز مجرد الاستماع التذوقي، مثل الشفاء من حالة مرضية نفسية، فكم من امرأة حول العالم تبحث عن السلام وسط ضجيج الحياة اليومية، وكم من امرأة تسعى للتغيير الجذري منتفضة على روتينها اليومي».
وأضافت: «يمكن للمريض أن يشاركنا العزف منفردًا أو وسط مجموعات؛ حيث يختار الآلة التي يشعر أنها تتماشى مع طبيعته الداخلية؛ وهنا بالطبع نحن نتحدث عن الحالات النفسية».
وأشارت إلى أن بعض الأبحاث العالمية أكدت أن الموسيقى تساهم في علاج الحالات الصعبة التي تعاني من إصابات في الرأس أو السكتات الدماغية؛ إذ يعمل الأطباء على مخاطبة الشق الأيمن من المخ؛ وهو المسؤول عن القدرة على الغناء، وبالتالي تعتبر الموسيقى أداة مثالية لاستعادة عافيته من جديد.
وأضافت: «تعتبر الموسيقى حلًا مثاليًا لمرضى التوحد؛ حيث تساعد الأطفال في التعاطي مع العالم الخارجي، والتعامل بأريحية مع أفراد الأسرة الواحدة».
وسلطت خبيرة العلاج بالموسيقى الضوء على أهمية المقطوعات الموسيقية بالنسبة للذين يعانون من الأرق: «بالنسبة لمرضى الأرق؛ لقد حان موعد النوم. إن الموسيقى تعمل على تهدئة العقل بشكل لا إرادي، وخاصة في حالة الاستعانة بالأخصائيين الذين يعرفون كيفية وصف المقطوعات الموسيقية اللازمة للمريض؛ فهناك بعض النغمات التي ترتبط بشكل وثيق مع بعض الذكريات الجميلة، وهناك بعض المقطوعات التي تعتمد على آلات وترية تساهم في تهدئة الأعصاب، ومن ثم، يمكن للفرد الذي يعاني من الأرق، أن يخلد للنوم بهدوء تام».
أخيرًا، علقت «لا بد وأن نتعرف أن أبسط الأمور في الحياة تترك أثرًا بالغًا علينا، وهكذا هي الموسيقى، وُجدت لتداوي جراحًا غائرة قد يكون افترض البعض أن لا علاج لها».
اقرأ أيضًا: دكتورة رانيا يحيى تكتب: الربيع بين الموسيقى والغناء عربيًا وعالميًا