حصاد السعودية 2023.. قفزة نوعية في تمكين المرأة بالمملكة

مع التقدم الكبير التي تشهده المملكة العربية السعودية، خاصة فيما يتعلق بتمكين المرأة السعودية وفقًا لبرامج التنمية في إطار «رؤية 2030» التي شملت بشكل واضح في بنودها الرئيسية مبدأ تمكين النساء السعودية في سوق العمل بوصفهن يمثلن أكثر من 50 في المائة من إجمالي عدد الخريجين الجامعيين، أصبح دخول المرأة لسوق العمل يعتبر ظاهرة ملفتة من حيث الكمّ وذلك لأعداد السيدات اللواتي انخرطن بشكل مباشر وسريع في السوق، وذلك بعد عدة سنوات طويلة من قَصْر مجالات عمل المرأة في السوق السعودية بقطاعيها «العام والخاص» على مجالات محددة وفي إطارات ضيّقة للغاية.

وتطورت فرص العمل للمرأة السعودية في القطاعات المختلفة، بشكل خاص في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، بتواجدها في الكثير من المناصب القيادية المهمة، غير تأسيسها العديد من المشاريع، وساعدها في ذلك المبادرات الخاصة بتمكين المرأة ودخولها سوق العمل. فمنذ عام 2016، عندما أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن رؤية 2030، التي حددت من ضمن أهدافها هو دعم وانخراط المرأة في كل أوجه الحياة العامة. 

بالإضافة لزيادة عدد النساء في القوى العاملة من 22 في المئة إلى 30 في المئة بحلول عام 2030، وارتفع عدد النساء السعوديات العاملات. كما ارتفع السعوديات في القوى العاملة بشكل مطرد، حتى بلغت النسبة 34.5 في المئة في عام 2022، وذلك وفقًا للبيانات الوطنية السعودية في قاعدة بيانات منظمة العمل الدولية.

المساواة في حق العمل

وبالنسبة للمساواة في حق العمل، فقد نصت المادة 1 من نظام العمل السعودي على أن «المواطنين متساوون في حق العمل» ويعمل هذا النظام على حظر عمل المرأة في «الأعمال الخطرة أو الصناعات الضارّة والأعمال التي تعتبر ضارة بالصحة أو التي من شأنها أن تعرّض المرأة العاملة لأخطار محددة» وذلك وفقاً للمادة 149.

تمكين المرأة السعودية

كما كشف مختصون في التوظيف والموارد البشرية أن الفارق النسبي الكبير بين نسبة الموظفين الذكور إلى الإناث في الوقت الحالي خلال السنوات الأخيرة بالتحديد بدأ يضيق بشكل متصاعد. كما تم تعزيز الأسباب إلى النيّة الصريحة التي جاءت في «رؤية 2030» وكذلك برنامج التحول الوطني بشكل خاص، فيما يخص تمكين المرأة بالإضافة لتسريع اندماجها في مجالات متعددة داخل سوق العمل السعودية.

بالإضافة إلى أنه وفقاً لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمملكة، فإنه قد بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات من 15 سنة فما فوق 33.5 في المائة وذلك في نهاية عام 2020. بينما تضاعفت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17 إلى 31.8 في المائة، متجاوزين بذلك مستهدف الرؤية لعام 2030 من أجل الوصول إلى نسبة 30 في المائة.

علاوة على ذلك فقد بلغت نسبة النساء في المناصب الإدارية المتوسطة والعليا 30 في المائة في القطاعين «العام والخاص» خلال العام 2020، كما أظهرت مؤشرات الوزارة ارتفاع نسبة النساء السعوديات في الخدمة المدنية إلى حوالي 41 في المائة بنهاية 2020.

انخفاض البطالة وزيادة نسبة مشاركة المرأة السعودية في العمل

وكدليل على الدور التي تقوم به المملكة منذ بدء دخول المرأة السعودية في سوق العمل، جاءت الإحصائيات التي تكشف انخفاض معدلات بطالة المرأة، وذلك بعد أن حقق معدل البطالة بين السيدات السعوديات انخفاضاً ملحوظاً خلال الربع الرابع من عام 2022 حتى وصل إلى 15.4 في المائة وذلك مقارنة بالأعوام السابقة (2019 و2020 و2021)، كما أنه جاء بالتزامن مع التوسع في المشاركة الاقتصادية للنساء وزيادة معدلات توظيفهن في مختلف المجالات،

تمكين المرأة السعودية

علاوة على ذلك فأنه وفقًا للتقرير الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، فقد ارتفع معدل العاملات من النساء إلى نسبة السكان في الربع الرابع من عام 2022 حتى وصل إلى 30.4 في المائة، وهو بذلك مرتفعاً عما كان عليه في الربع الرابع من عام 2021؛ حيث كان المعدل 27.6 في المائة. بينما قد بلغ معدل مشاركة النساء في سوق العمل 36 في المائة، وجاء بذلك مرتفعاً عما كان عليه في الربع الرابع من عام 2021 فقد كان 35.6 في المائة.

كما أظهرت نتائج التقرير زيادة نسبة مشاركة المرأة السعودية في العمل الحر، فقد وصل عـدد وثائق العمل الحر التي صدرت للنسـاء خلال 2021 «961.189»، وذلك يعتبر هو أعلى عـدد وثائق مشاركة في العمـل الحـر وجاء ذلك مقارنـةً بالوثائق التي تم إصدارها خلال عام 2021 حيث كانت «105.518» بينما في عام 2019 كان عدد وثائق العمل الحر«7.997».

بالإضافة إلى ذلك فقد شهد سوق الأسهم إقبالًا كبيرًا من قبل المرأة السعودية في الفترة الأخرة، فقد بلغ عدد المستثمرات السعوديات في سوق الأسهم في عام 2021 حوالي «1.516.995»، وذلك يعتبر أعلى من العامين السابقين 2019 و2020.

وسوف تجد أن هذا التقرير كان معتمد على حزمة من المؤشرات الإحصائية الخاصة بالمرأة السعودية للفئة العمرية 15 سنة فأكثر، وجاء استنادا إلى نتائج عدد من المسوح المنفذة، بجانب البيانات السجلية، وأيضًا نتائج تعداد 2022. كما أنه بالرجوع إلى كل مصادر البيانات هذه والاستناد إليها بهدف الوصول إلى إحصاءات مختلفة عن المرأة في مختلف المجالات سواء «الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والصحية، والثقافية، والترفيهية».

بالإضافة إلى أنه صدر تقرير المرأة والأعمال والقانون من البنك الدولي، والذي يؤكد على التقدم الكبير الذي أحرزته المملكة فيما يخص مجال تمكين المرأة في الكثير من المجالات المختلفة، فقد قفز مؤشر المملكة من 25.63 نقطة في عام 2019م إلى 80 نقطة في عام 2022م.

مبادرات وبرامج لتمكين المرأة السعودية في سوق العمل

وإيمانًا من المملكة بأهمية مشاركة المرأة في سوق العمل، تضمنت رؤية المملكة 2030م على الكثير من الالتزامات والأهداف والمبادرات التي تتضافر من أجل تعزيز حقوق المرأة وتمكينها، وذك جاء واضحًا من خلال زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30%، وأيضًا في تقلدها المناصب الإدارية، بجانب العمل على تطوير ممكنات الدعم لعمل المرأة، وأيضًا تمكينها من المشاركة في منظومة الرياضة، حيث تلعب المرأة السعودية دورًا محوريًا في تنفيذ رؤية المملكة 2030م.

ويعتبر برنامج التحول الوطني وهو واحد من البرامج المنبثقة عن رؤية المملكة 2030م، والتي من أهم أهدافه هو زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، حيث يشار إلى أنه تم زيادة معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات وذلك من 17% في عام 2017م إلى 35,6% في عام 2021م، وهذا يعكس مدى اهتمام المملكة بدخول المرأة لسوق العمل.

وسنجد أن المملكة قامت باتخاذ مجموعة من التدابير الخاصة من أجل تعجيل المساواة في مختلف المجالات، ويعد من أهم تلك التدابير هو تدشين مبادرة تمكين المرأة من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. وجاء هدفها هو زيادة نسبة المشاركة النوعية للمرأة في القطاعين «العام والخاص» وعلى كافة المستويات الوظيفية عبر تقلد المرأة السعودية المناصب الوظيفية القيادية الهيكلية العليا.

بالإضافة إلى الاستثمار في طاقاتها وقدراتها والعمل على توسيع خيارات العمل أمامها وكذلك زيادة مشاركتها بهدف تحقيق التوازن بين الجنسين، والعمل على تقليص الفجوة كمًا ونوعًا بين الرجل، والمرأة، بالإضافة إلى التغلب على العقبات التي تقف حائلاً أمام هذا النهوض بالتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية.

تمكين المرأة السعودية

وأيضًا تهدف هذه المبادرة إلى إيجاد المبادرات والمشاريع التي تعمل على دعم تمكين المرأة في سوق العمل السعودي والعمل على تنفيذها، وذلك بهدف تحقيق زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل بما يحقق العدالة في تكافؤ الفرص في سوق العمل في القطاعين.

كما دشنت المملكة مشروع تالة المرأة، وجاء الهدف منه هو تمكين وتعزيز مكانة المرأة، بالاضافة إلى بناء حلول لها عن طريق المشاريع في عدد من المجالات من خلال الوصول إلى جميع مناطق المملكة، وكذلك إشراك مختلف فئات المجتمع في تصميم الحلول وتطويرها عبر مشاريع تنموية. وخلال دورته الأولى فقد عمل المشروع على استقطاب (430) فكرة مشاريع من جميع مناطق ومحافظات المملكة، علاوة على ذلك تم تدريب (160) منهم على تطوير المشاريع وحصل (26) مشروع على فرص التمويل من بنك التنمية الاجتماعي.

وأيضًا تم تفعيل مبادرة تحالف القطاع الخاص للعمل على تمكين ودعم التمثيل الاقتصادي للمرأة في مجموعة العشرين للنهوض بالمرأة في المناصب القيادية من خلال تشجيع الشركات للالتزام والتعهد بدعم وصول المرأة إلى المناصب العليا في مؤسساتهم، بجانب العمل على تشجيع الشركات الأخرى بالانضمام، فقد تم انضمام أكثر من 29 شركة في المملكة العربية السعودية للتحالف.

علاوة على ذلك قامت المملكة بالعمل على استحداث وتطوير المجالات التعليمية التي من شأنها المساهمة في تمكين المرأة السعودية من أجل الحصول على فرص عمل حديثة في عدة مجالات متنوعة مثل «مجال تقنية المعلومات والاتصالات والمجال الصحي والطبي ومجال السياحة والرياضة والترفيه والمجال المالي والاقتصادي، ومجال الثقافة والفن والتراث».

كما سنجد أنه تم إنشاء مركز التوازن بين الجنسين، والذي يرتكز على تقديم مبادرات ومشاريع تساهم في سد الفجوة بين الجنسين عن طريق القيام بعقد برامج تدريبية، بجانب تقديم دراسات واستشارات ومقترحات إدارية وتنظيمية واستراتيجية للعمل على تحقيق الأهداف المنشودة من أجل التخلص من الفجوة بين الجنسين في بيئات العمل.

كذلك تم تأسيس أكاديمية «نفيسة شمس»، وهي منظمة غير ربحية تابعة لمؤسسة «مجتمع جميل» السعودية الخيرية، والتي تلعب دورًا حيويًا في تمكين المرأة السعودية عن طريق توفير التدريب والتعليم للنساء في عدة مجالات مختلفة مثل «الفنون والحرف اليدوية» خاصة أنه مجال واعدًا للسيدات، كما أنها تساعدهن على تطوير المهارات والقدرات التي يمكنهن استخدامها لبدء أعمالهن التجارية الخاصة أو العثور على عمل في القطاع الإبداعي المتنامي.

وعملت أكاديمية نفيسة شمس في مساعدة آلاف السيدات السعوديات على تحقيق أهدافهن، حيث بدأ كثير منهن من خريجات الأكاديمية أعمالهن التجارية الناجحة، فيما وجدت أخريات فرص عمل في شركات إبداعية رائدة.

وفي النهاية، سوف نلاحظ مدى حرص المملكة العربية السعودية على تعزيز ودعم مكانة المرأة من أجل تكافؤ الفرص في سوق العمل في القطاعين العام والخاص، من خلال العديد من المبادرات التي تساعدها، فهي عنصر مهم من عناصر قوة المجتمع، لذلك يجب حماية حقوقها في كافة المجالات حتى حقها في العمل وإيجاد فرص مناسبة، وتقلد المناصب القيادية المرموقة.