فانيسا ريدجريف.. دعمت قضايا الشعوب عبر الفن وترشحت للـ«الأوسكار» 6 مرات

ـ ناصرت القضية الفلسطينية.. وساندت اللاجئين ـ عارضت الغزو الأمريكي للعراق.. وحاربت الظلم والفاشية

«جسدي وروحي بالمعنى المجازي مع كل الفلسطينيين في كل مكان».. هكذا لخصت الممثلة البريطانية «فانيسا ريدجريف» مناهضتها ودعمها الكامل للقضية الفلسطينية على مدار أكثر من 60 عامًا؛ ما تسبب لها في مشاكل جمَّة، قاومتها بشجاعة؛ حتى بلوغها سن الـ 85 عامًا، فهي نجمة شهر يناير التي دائمًا ما تثبت حضورها بقوة.

حاربت فانيسا، الظلم والقمع والفاشية بأدوارها السينمائية العظيمة، ومواقفها السياسية، التي تركت أثرًا كبيرًا وهزت عرش الكيان الصهيوني بقلبها الفلسطيني الحر؛ حتى أصبحت من أشد أعدائه، منذ بدايتها في خمسينيات القرن الماضي، وحتى عامنا الحالي 2021.

اشتهرت فانيسا ريدجريف بمناصرتها للقضية الفلسطينية والوقوف أمام الكيان الصهيوني بكل قوتها، فضلًا عن مواقفها السياسية ضد الظلم والحرب بشكل عام؛ إذ حرصت على دعم قضايا الشعوب عبر الفن، وناهضت حصار الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، ثم غزوها له عام 2003، كما عبرت عن ألمها من معاناة اللاجئين السوريين، خاصة بعد غرق الطفل السوري «آلان الكردي»؛ لتعنت الدول الأوروبية وإغلاقها الأبواب في وجوههم.

لم تتوقف هذه الممثلة السينمائية والمسرحية الإنجليزية، عند تقديم فن هادف وراقِ إلى جمهورها في الغرب والعالم أجمع فقط، بل اتخذت من العدل والحرية أهدافًا طوال مسيرتها الفنية طيلة أكثر من 60 عامًا؛ حتى أصبحت لسان كل من اغْتُصب حقه من الشعوب، وعلى رأسهم «القضية الفلسطينية».

فانيسا ريدجريف

نشأة فانيسا ريدجريف

وُلدت فانيسا ريدجريف في 30 يناير عام 1937م بلندن، لعائلة فنية مُحبة للمسرح، فأبواها الممثلان المسرحيان مايكل ريدجريف وراشيل كيمبسون؛ إذ كشف إعلان ولادتها عن قدوم ممثلة عظيمة؛ كونها وُلدت أثناء أداء والدها عرض مسرحية هامليت Hamlet، وأُعلن خبر ولادتها على الجمهور أثناء العرض.

لدى «فانيسا» أخوان؛ هما: «كورين» الممثل والمخرج المسرحي، «ليان» ممثلة مسرحية وسينمائية، شهد لهما الجميع بالنجاح وتحقيق الإنجازات في المجال الفني.

تلقت فانيسا تعليمها في مدرستي «أليس أوتيلي وورسستر» و«كوينز غايت» في لندن، قبل الخروج بصفتها مؤدية عروض، كما تدربت على خشبة المسرح في المدرسة المركزية للخطابة والدراما في لندن، فضلًا عن انضمامها إلى العديد من صفوف تأهيل الممثلين في مدينة نيويورك الأمريكية، حتى أصبحت عضوًا في الشركة المسؤولة عن مسرح «ستراتفورد» في عام 1959م.

زواجها

تزوجت «فانيسا» عام 1962م، من توني ريتشاردسون Tony Richardson، وهو مخرج سينمائي، وكاتب سيناريو، ومنتج أفلام، وممثل، وأنجبا طفلين؛ هما: «جولي وناتاشا»، ثم انفصلا عام 1967م.

تزوجت النجمة البريطانية ثانية عام 2006م، بعد علاقة حبٍ طويلةٍ، من الممثل الإيطالي فرانكو نيرو Franco Nero، منذ أن عملا معًا في مسرحية «كاميلوت»، وأنجبت منه ابنها «كارلو»، وما زالت علاقتهما الزوجية قائمة حتى الآن.

وفي 18 مارس 2009 فقدت «فانيسا» ابنتها ناتاشا ريتشاردسون Natasha Richardson، زوجة الممثل الشهير ليام نيسن Liam Neeson؛ إثر حادث أليم؛ ما أثر على حالتها النفسية بشكل كبير.

فانيسا ريدجريف

حرب الأوسكار والقضية الفلسطينية

بسبب مناصرة فانيسا ريدجريف ودعمها للقضية الفلسطينية، واجهت مشاكل عدة واتهامات، كانت حائلًا أمام حصولها على جائزة أوسكار، فبالرغم من ترشحها للـ «الأوسكار» 6 مرات، إلا أنها حصلت عليها مرة واحدة فقط، عن دورها كممثلة مساعدة في فيلم جوليا Julia عام 1977م.

حاربتها المنظمات الصهيونية في أمريكا، عندما تم إعلان ترشحها لنيل جائزة الأوسكار في فيلم جوليا، الذي لعبت فيه دور امرأة ألمانية تقف ضد الممارسات الفاشية التي مارستها النازية إبان الحرب العالمية الثانية، فشنت منظمة الدفاع الصهيونية حملة عنيفة ضد حصولها على الأوسكار، وحضورها حفل استلام الجائزة؛ بنزول الصهاينة في مظاهرات، أحرقوا خلالها دُمَى على هيئة «فانيسا»، كما حاولوا تفجير إحدى قاعات السينما التي كان يُعرض بها فيلمها آنذاك.

وبالرغم من هذه الممارسات، إلا أنها باءت بالفشل، وتسلمت «فانيسا» الجائزة بشجاعة، ولم تتردد في مهاجمة إسرائيل عند إلقائها خطاب الشكر على المنصة؛ إذ وصفت إسرائيل بـ«السفاحين»، بقولها:«أحييكم وأشيد بكم، وأظن أنكم يجب أن تكونوا فخورين جدًا بأنكم في الأسابيع القليلة الماضية وقفتم بحزم ورفضتم أن تتعرضوا للابتزاز عبر تهديدات فئة صغيرة من الصهاينة السفاحين الذين كان سلوكهم تهديدًا لمكانة اليهود في كل مكان من العالم، ولسجل نضالهم العظيم والبطولي ضد الفاشية والقمع».

سابقة فريدة

وفي سابقة فريدة، كرمتها لجنة جائزة الأوسكار بالتوجه لمقر سكنها في العاصمة البريطانية لندن، وبعدها واصلت النجمة البريطانية دعم القضية الفلسطينية؛ بإنتاج أفلام وثائقية تُدين الكيان الصهيوني المحتل وجرائمه في حق الفلسطينيين؛ مثل فيلم «الفلسطيني» الوثائقي الذي أنتجته عام 1977، وفيلم «فلسطين المحتلة» عام 1980.

مناهضة حصار أمريكا للعراق

ورغم تقدمها في العمر، لكنها لم تتوقف عن دعم قضايا الشعوب عبر الفن؛ فانتقلت من التمثيل إلى الإخراج، وناهضت حصار أمريكا للعراق، ثم غزوها له عام 2006، وعبرت عن ألمها من معاناة اللاجئين السوريين، خاصة بعد حادث غرق الطفل السوري آلان الكردي، وهاجمت بشدة تعنت الدول الأوروبية وإغلاقها الأبواب في وجوههم، وشيطنة الإعلام لهم.

ممثلة بدرجة ناشطة إنسانية

يمكن منح النجمة فانيسا ريدجريف لقب بـ«الناشطة الإنسانية» بدلًا من الناشطة السياسية؛ لمناصرتها لقضايا الإنسان ضد الظلم والحرب؛ لحماية الإنسانية وليس لأغراض شخصية أو سياسية، فالبرغم من بلوغها الـ84 من عمرها، إلا أنها ظلت أمينة للفدائيين الفلسطينيين الذي ناصرت قضيتهم طوال حياتها، ولم ترضخ للضغوط التي تعرضت لها.

ومن أشهر مقولاتها: «أقوم دومًا بدراسة الطبيعة الإنسانية، وطبيعتي الخاصّة أيضًا؛ كي أستطيع التمثيل»؛ فهي تسعى لنصرةً المقهورين في مخيمات اللاجئين؛ لإيمانها الدائم بالإنسان. دعم الشعب الفلسطيني وتواصل «ريدجريف» مُعارضة الكيان الصهيوني، ودعمها المطلق للشعب الفلسطيني علميًا وكلاميًا؛ إذ أحبت فلسطين وشعبها بصدق، وقطعت آلاف الأميال لتُناصِر الثورة الفلسطينيّة في عز معارك الاجتياح الإسرائيليّ للعاصمة اللبنانية بيروت عام 1982م.

وحرصت النجمة البريطانية على اللقاء بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات؛ لتشُدّ على أيدي المُقاومين وترقص معهم بـ«الكلاشنكوف»، فهي نشأت ماركسية الفكر وتروتسيكية التوجه؛ لتواجه جميع المشاكل ومحاولات الإقصاء التي سعت لكسرها.

ولم تكن القضية الفلسطينية هي الوحيدة التي دعمتها، بل ناصرت «فانيسا» قضية شعب فيتنام، وطالبت بنزع السلاح النوويّ، وناضلت من أجل حقوق الإنسان، فضلًا عن مساهمتها في المظاهرات التي عارضت الحرب على العراق عام 2003م.

جوائز وإنجازات

حققت فانيسا ريدجريف العديد من الجوائز والإنجازات طوال مسيرتها الفنية التي انطلقت عام 1957م، من خلال دورها الناجح في مسرحية The Touch Of The Sun، وحتى الآن؛ حيث تعد من النجمات الفائزات بالعديد من الجوائز؛ مثل «جوائز الأوسكار، جائزة إيمي، وجائزة جولدن جلوب».

وفي عام 1958م ظهرت الممثلة البريطانية في فيلمها الأول Behind The Mask، لكنها في هذه الفترة كانت تصب تركيزها على التمثيل المسرحي؛ حيث شاركت مع شركة شكسبير الملكية في عدة عروض في الموسم 1959-1960م.

وانطلقت المسيرة الحقيقية لـ«فانيسا ريدجريف» عام 1966م، بعدما شاركت في عدة أفلام وأثبتت نفسها كممثلة موهوبة بأدوارها المتميزة، فكان من أبرز أفلامها « Morgan» الذي ترشحت بعده لجائزة الأوسكار Academy Award لأول مرة، وفيلم «A Man For All Seasons»، وفيلم «Blow Up».

وفي عام 1967م، شكل دورها في فيلم «Camelot» الخطوة الأولى في مسيرتها؛ لتُصبح من أكثر ممثلات بريطانيا شهرة في عصرها، كما شاركت في فيلم «The Saibr From Gibraltar» في العام ذاته.

وترشحت فانيسا للمرة الثانية للحصول على جائزة الأوسكار، عن دورها في فيلم «Isadora» عام 1968م بدور الراقصة إيزادورا دنكان، وفي العام ذاته أثبتت حضورًا قويًا في فيلم «The Seagull».

وللمرة الثالثة، حصلت فانيسا ريدجريف على ترشيح جديد للأوسكار، عن دورها في فيلم «Mary,Queen Of Scots» عام 1971م، وفي المرة الرابعة تمكنت من الحصول على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلةٍ مساعدةٍ عام 1977 عن دورها في فيلم «Julia».

جائزة إيمي

ولأول مرة، حققت فانيسا جائزة إيمي Emmy Award عن دورها في فيلم «Playing For Time» عام 1980م، كما حصلت على الترشيح الخامس لجائزة الأوسكار في عام 1984م، عن دورها في فيلم «Bostonians».

وفي عام 1992 رُشّحت «فانيسا» للحصول على جائزة الأوسكار للمرة السادسة، عن دورها في فيلم «Howards End» الذي مثلت فيه إلى جانب أختها ليان ريدجريف، كما حصلت على ترشيح لجائزة Tony Award عام 2007 عن دورها في مسرحية «The Year Of Magical Thinking».

جائزة الأسد الذهبي

وفي عام 2018م، أعلنت إدارة مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، منح فانيسا ريدجريف جائزة «الأسد الذهبي» التقديرية؛ اعترافًا بمسيرتها السينمائية الحافلة بالإنجازات.

100 عمل سينمائي

وشاركت النجمة الشهيرة فانيسا ريدجريف في أكثر من 100 عمل سينمائي ضخم، تعاونت خلالها مع أشهر المخرجين وكبرى شركات الإنتاج. وكان من أبرز أفلامها على مدار مسيرتها الفنية، وحصلت من خلالها على العديد من الجوائز: فيلم Oh! What a Lovely War عام 1969. فيلم Dropout عام 1970. فيلم A Mother With Two Children Expecting Her Third عام 1970. فيلم Trojan Woman عام 1971. فيلم Murder On The Orient Express عام 1974. فيلم Out Of Season عام 1975. فيلم The Seven Per-Cent Solution عام 1976. فيلم Agatha عام 1979. الفيلم الإيطالي Sing Sing عام 1983. فيلم Pick Up Your Ears عام 1987. فيلم Orpheus Descending عام 1990. مسلسل ؟What Ever Happened To Baby Jane عام 1991. فيلم A Month By The Lake عام 1995. فيلم Wild عام 1997. فيلم Jack And Beanstalk: The Real Story عام 2001. مسلسل Nip/Tuck الذي بدأ عام 2003 واستمر على شكل أجزاءٍ حتى عام 2009. فيلم Short Order عام 2005. فيلم Venus عام 2006. فيلم Restraint عام 2008. فيلم Eva عام 2009. الفيلم الرومانسي الكوميدي Letters to Juliet عام 2010. فيلم Anonymous الذي لعبت له دور الملكة إليزابيث عام 2011. المسلسل التلفزيوني Call The Midwife عام 2012. مسرحية The Revisionist عام 2013. مسلسل The Go-Between عام 2015. فيلم The Stars Don't Die In Liverpool عام 2017. فيلم The Aspern Papers عام 2018. فيلم Mrs Lowry & Son عام 2019.

اقرأ أيضًا: بيان المطوع: هدفنا تحفيز الإبداع وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين