علامات السينما الفرنسية.. فيلم «جان دو فلوريت» الطبيعة الإنسانية على المحك

يعتبر فيلم «جان دو فلوريت» للمخرج كلود بيري، واحدًا من علامات السينما الفرنسية؛ إذ يتميز بقوة أسلوبه، ودقته في تقديم الشخصيات النموذجية، إضافة إلى جمال تصويره للريف في جنوب فرنسا.

فيلم جان دو فلوريت

ويناقش الفيلم المقتبس عن رواية للكاتب مارسيل بانيول "ماء التلال"، مسائل الخير والشر، الثقة والخيانة، القتال من أجل العيش والهزيمة، وقام المخرج كلود بيري، بتحويل الرواية إلى فيلمين، أولهما «جان دو فلوريت» والثاني هو «مانون الربيع».

تجري أحداث الفيلم عام 1930م، نتعرف في البداية على المزارع أوغلان «دانيال أوتيه والذي فاز عن دوره بجائزة أفضل ممثل مساند»، والذي يرغب في إنتاج القرنفل في مزرعته التي ورثها.

وهناك، أيضًا، عمه سيزار من عائلة سوبريان العريقة، والذي يحلم بأن يعيد أمجاد العائلة التي لم يبق منها أحد غيره هو وأوغلان.

ويحرض سيزار، أوغلان للحصول على أرض جارهم؛ لتوسيع مزرعته، والتي تحتوي على نبع الماء الوحيد في المنطقة، غير أن الجار ــــ وهو عدو لسيزار ــــ يرفض البيع، ثم يموت بعد شجار مع الإثنين، ويقوم سيزار واوغلان بسد النبع بالأسمنت سرًا في وقت لاحق.

ويفاجأ الجميع بحضور جان؛ الموظف في المدينة، ووارث لأرض الجار؛ ليقيم فيها مع عائلته المكونة من زوجته؛ مغنية الأوبرا السابقة، وابنته الطفلة مانون.

شخصية جان

يأتي «جان» إلى الريف، وهو يحلم بتطوير الأرض وزراعتها حسب أحدث الأصول العلمية، وبالرغم من الحدبة في ظهره، فإنه ليس شخصية نمطية بقدر ما هو شخصية غنية.

ويجسد «جان» الفنان العاشق للطبيعة، والعائلة، والصداقة، ومحبة الناس، وعلى الرغم من ذلك يجد نفسه في وسط معاد مكون من «سيزار وأوغلان» اللذان يسدان النبع؛ للقضاء على زراعته، بالإضافة إلى أهالي القرية المتواطئين والساكتين عن الجريمة.

وعلى الرغم من الصعوبات والوسط المعادي، يعمل «جان» في الأرض بكل همة مع زوجته، كما أنه يقوم بتربية الأرانب في مزرعته، يكافح ببطولة؛ لإحياء أرضه وإنقاذ زراعته من الجفاف وانحباس المطر، غير أن كل جهوده تفشل، ما يؤدي إلى موت الأرانب في مزرعته.

وقد جمع أداء جيرار ديباردو، لدور «جان» بين القدرة على القيادة والتصميم وتحمل التضحية، كما عكس أيضًا البراءة الإنسانية بالرغم من العزلة والإدمان على الكحول والمرارة لكونه أحدبًا ملعونًا من الطبيعة ومحاربًا من الناس، ورغم وصوله لحافة اليأس فهو لا يتخلى عن حبه للحياة.

شخصيات متناقضة

في حين دانيال أوتيه يُقدم شخصية متناقضة؛ فشخصية «أوغلان» تعكس إنسانًا ساذجًا تسوقه أحلامه وتضعف شخصيته أمام عمه فيشاركه في المؤامرة، وهو يتقرب من عائلة جان؛ طمعًا في خديعتهم، وإغوائهم لبيع الأرض، ولكنه في المقابل يقع تحت تأثير الصداقة، فيعيش حالة التمزق بين عاطفته الإنسانية ورغباته الأنانية.

ويجسد إيف مونتان؛ المغني والممثل الفرنسي الشهير، شخصية سيزار بكل براعة؛ فهو القادر على محبة ابن أخيه، في حين أنه يبدو مجردًا من العواطف تجاه «جان»، ويتصرف نحوه بدافع الجشع والانتقام.

واعتمد مخرج الفيلم كلود بيري في تصوير المشاهد الخارجية على اللقطات البعيدة العامة، ووضع أشخاصه داخل إطار الطبيعة، أما في المشاهد الداخلية فاستخدم اللقطات المتوسطة التي تعكس حالة الشعور بضيق المكان، كما استفاد من التناقض الحاد بين الإضاءة الداخلية الخفيفة والإضاءة المشرقة لمشاهد الطبيعة الخارجية.

يُشار إلى أن الفيلم حصل على العديد من الجوائز منها: جائزة أفضل فيلم، وأفضل ممثل ثانوي، وجائزة أفضل إعداد سينمائي، وجائزة التصوير.

جسد أدوار البطولة بالسينما الفرنسية.. وعمل مخرجًا مسرحيًا.. 10 معلومات عن جميل راتب