عبدالعزيز بن حمد يكتب: ثقافة الثناء

جُبلت النفوس على حب المدح وكراهية الذم، وهذا أمر فطريّ لا يُلام فيه الإنسان.

ويبقى، هل المدح قيل في مكانه أم أنه سلسلة من المجاملات المقيتة؟ والعكس الصحيح؛ إذ تنأى النفوس من النقد والتعييب. وهل المدح قيل بطريقة الناصح لا الفاضح؟ وهل روعي فيه الزمان والمكان وظروف الشخص المنتقد. كل ما سبق مقدمة يسيرة لمفهوم آمل إيصاله بكلمات مختصرة - بإذن الله -.

نلاحظ في اجتماعاتنا المعتادة مع الأهل والأصدقاء وغيرهم، أننا نشغل وقت اجتماعنا بالمزح، وهذا شي جميل يبعث على البهجة وتغيير النفوس وكسر جدية العمل والمشكلة تكمن عند البعض أنه عندما يمزح ينتقد نقدًا لاذعًا ربما كان فيه إساءة لشخص أو أكثر. والمثل العامي يقول: (ينسى الصافع ولا ينسى المصفوع)..

وفعلياً نلاحظ جميعًا أن بعض النقد كالسهم وإن كان مزحًا أو ما يسمى تلطيف المجلس، لكنه قد يكسر شخصًا او يفتق جرحًا أو يحطم طامحًا، أو يشتت هادفًا أو يستدمع عينًا، أو يبعد قريبًا، أو يسخر من عاصٍ، وغيرها من الأساليب التي لا تخفى عليكم .

وقدوتنا النبي محمد ‏ﷺ كان يمزح ولا يقول إلا حقًا، بل كان يعزز للصحابة رضي الله عنهم الصفات الإيجابية كي تقوى وتمحو السلبية.. (نعم الرجل عبدالله لو كان يقوم الليل). آمل أن يكون تركيزنا على المزح غير ليس جارحًا، وآمل أن يكون لدينا ثقافة التعزيز والدعم والثناء، فنحن محترفون في النقد سواء كان جادًا أو مازحًا. لكن ثقافة المدح والثناء، لا تزال مكسورة في زاوية الاستحياء، إما لعدم اعتيادنا عليها أو لتركها قصدًا لئلا نفسد الممدوح؛ ليستمر على نشاطه، والعقول الناضجة لا يزيدها الثناء إلا قوة وطاقة إيجابية. والممنوع الإطراء وهو مدح الإنسان بما ليس فيه، بمجاوزة حد المدح إلى شئ لم يفعله ذلك الشخص. والحاصل أن وعينا ورقينا، يستوجب علينا أن نتعلم ثقافة الثناء والدعم والتعزيز للآخرين بطرق راقية بريئة من الكلام المكرر، أو الألفاظ السائدة الباردة.

فكما نحن مبدعون نقدًا، وجب علينا أن نكون متألقين مدحًا وثناءً ودعمًا، ولك أن تستذكر كلمات ثناء قيلت لك وعلقت في ذاكرتك لجمال أسلوبها وعذوبة معانيها ووقتها وظروفها؟؟ هل استذكرتم ؟ هل رأيتم كم أعطتنا من جرعة إيجابية؟.. كم غيرت مسارًا؟.. كم رتقت جرحًا؟.. كم مسحت رأسًا؟.. كم آنست بؤسًا؟ كم أوقدت شمعًا؟.. كم أذهبت حزنًا؟.. كم أضحكت سنًّا؟

لا تتهاونوا بكلمات التشجيع والتعزيز والثناء، فهي في نظر قائلها صغيرة وهي عند متلقيها كبيرة وكثيرة.

ربّ اجعلنا مفاتيح خير، مصابيح دجى.. أدام الله عليكم نعمة ظاهرة وباطنة.

عبدالعزيز بن حمد ماجستير إدارة وتخطيط مؤسس جمعية اكتفاء لتمكين الأسر

اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: لباقة الحديث.. أدب وفن وتربية