صبحة بغورة تكتب: العقد النفسية في شخصية المرأة

تتعدد أسباب العقد النفسية لدى المرأة، وكثير منها تتعرض له في صغرها، وتترك في أعماقها أسوأ الأثر لتبقى في ذكرياتها الأليمة التي تعاودها كلما تشابهت عليها نفس الظروف.

وتنشأ عنها ردود فعل مضطربة وتصرفات غير إرادية، تضع هذه المرأة في حالة مرضية أو معاناة نفسية، وفي الحالتين، يعتبرها الأخصائيون عقدة نفسية.

ويشير علماء النفس إلى أن النساء يعانين من العقد النفسيّة أكثر من الرجال بسبب ميلهن الدائم لضرورة أن يظهرن بصورة جميلة وكاملة في المجتمع؛ فيتعرّضن لضغط كبير جراء ذلك التفكير.

ولأنهنّ يعتنين بمظهرهنّ الخارجي كثيرًا، فقد تصل الأمور لدى بعضهنّ إلى درجة الهوس مثل التركيز الدائم على الوزن وشكل الجسم، وإجراء بعض العمليات الجراحية التجميلية كشد بشرة الوجه لإزالة الترهل وعلامات الشيخوخة، وشفط الدهون.

أشهر العقد النفسية عند النساء

 

ـ عقدة ميديا

تعتبر واحدة من أهم وأشهر العقد النفسية المعروفة في العالم، ولكنها من أندر أنواع العقد النفسية. يعرفها بعض علماء النفس "بعقدة التمسك"، وتظهر هذه الأنثى المصابة بعقدة ميديا بالعديد من الأفعال المؤذية لأطفالها طوال الوقت، سواء كان ذلك على الصعيد النفسي أو الجسدي. وربما يصل الأمر إلى حد قتل الأولاد، رغبة منها للثأر من الزوج وعقابه على إهماله لها وحقوقها الشخصية.

أما عن السر في التسمية، فيرجع إلى أسطورة ميديا الإغريقية الشهيرة.

ـ عقدة كليوباترا

تعرف بـ"عقدة الطبقة العليا" وتتمثل في حالة من العظمة والغرور الشديد، بسبب امتلاكها لجمال لافت أو لجاه كبير أو مال وفير، فتشعر المرأة بأنها ملكة ليس لأحد الحق في الاقتراب منها و أن كل الأشخاص ليسوا إلا عبيد بالنسبة لها.

فتختلف تصرفاتها حتى مع نفسها، فقد تحرم نفسها من بعض متاع الحياة بحجة أنها أصبحت شائعة وبيد عامة البشر، فضلا عن أنها تسعى دائما لتكون أجمل امرأة على الأرض.

ـ عقدة لوليتا

تعرف بـ"عقدة الحرمان الكبير"، وتظهر كثيرًا بين المراهقات؛ حيث تقع فتاة صغيرة في غرام رجل مسن وتبدأ في جذب أنظاره، وغالبا يكون السبب في ذلك هو حرمانها في مرحلة الطفولة من حنان والدها ولمسات عطفه عليها أو فقدانها لاهتمامه.

ـ عقدة كاساندرا

تعرف بـ"عقدة الوصي"؛ حيث تشعر المرأة بأنها وصية على الآخرين وأنها المسؤولة عن حمايتهم والدفاع عنهم، فتعاني من مشاعر بالغة القسوة عندما يرفض الآخرين تصديقها والانسياق ورائها.

ـ عقدة ديانا

تعرف باسم "حب الأنثى للذكور"، وهي من أخطر العقد النفسية التي تصيب البعض من النساء.

تنتج هذه العقدة للضغوط التي تقع على عاتق الأنثى من قبل الرجال، وتأثرها بالسلوك الرجولي، فتبدأ تتصرف مثلهم وتفضل ارتداء ملابسهم، وقد يصل بها الأمر إلى محاولات التحول الجنسي.

ـ عقدة ديانا

تعرف باسم "محبة الأب"، وتنشأ في الغالب نتيجة إهمال الأم للطفلة؛ حيث تبدأ الطفلة في التقرب من والدها والمبالغة في الغيرة عليه من الأم بشكل مرضي.

وقد يصل بها الحال إلى التقرب من الأب جنسيا وإزاحة الأم من طريقها، ويرجع سر التسمية إلى المسرحية الإغريقية المعروفة باسم الكترا.

ـ عقدة جوكاستا

تعرف باسم "عقدة التمسك"، وتظهر على الأمهات؛ حيث تكون الأم متعلقة بطفلها إلى حد المرض، وترفض الابتعاد عنه تحت أي ظرف، فضلًا عن أنها تثار جدًا عند محاولته أخذ قرار دون الرجوع إليها.

ويحدد علم النفس أنواع العقد النفسية في "عقدة الظهور"، وهى حب الظهور والميل إلى إظهار السلوكيات الاستعراضية في القول والموقف والتصرف.

أيضًا، "عقدة الإيذاء"، وهي الإمعان في إيذاء الغير، وعدم التردد في إلحاق الضرر بهم، واستفزاز الناس عمدًا.

والعقد النفسية التي تعاني منها المرأة، أنواع كثيرة وأهمها "عقدة النقص"، عندما تستشعر وجود نقص في شكلها الخارجي، أو بحرج في طبيعة علاقاتها الاجتماعية أو اعتلال حالتها الصحية وتراجع وضعها المادي وغير ذلك.

وتنشأ نتيجة تعرض المرأة لمواقف مختلفة تجعلها تشعر بالحرج والعجز والفشل، وعندما يتكرر تعرضها لمثل هذه المواقف تميل إلى كبت مشاعرها وإنكار وجودها وعدم الاعتزاز بما لديها من قدرات، أو تثمين إمكانياتها.

والمعاناة من عقدة النقص تبدأ عند الفتيات في عمر المراهقة؛ حيث تشعر الفتاة بأنها قبيحة الشكل بعد انتشار حب الشباب على بشرة وجهها، أو بسبب زيادة في وزنها أو انتفاخ منطقة البطن والأرداف التي تعود إلى اضطراب في الهرمونات في تلك الفترة من العمر، فتقدم على عزل نفسها حياء وخجلا، أو التصرّف بطريقة غريبة مثل الصراخ الدائم والتحدّث بأسلوب استفزازي مع الأهل، وتناول الطعام بشراهة غير عادية.

وقد تسبّب تلك العقدة، الإصابة بمرض فقدان الشهيّة العصبي وتمتنع عن تناول الطعام نهائيا، وتحاول بشتى الطرق إنقاص وزنها وتشعر بتأنيب الضمير إذا تناولت أي أطعمة زائدة، وهي تخضع نفسها لنظام غذائي قاسي، الأمر الذي يمكن أن يعرّضها لخطر الإصابة بالأنيميا الحادة، وقد تصل إلى الموت في حال لم تتلقّ المساعدة من المحيطين بها.

يصاب الفرد رجل أو امرأة بالعقد النفسية نتيجة تعرضه لظرف معين يختلف تأثيره باختلاف طبيعة شخصية الفرد، وبشدة تأثره المعنوي والنفسي والعصبي به.

إذًا، فهي مجموعة مشاعر مركبة ومترابطة تسري فيها شحنة عاطفية هي التي تشكل العقدة المتلازمة مع الشخص منذ صغره وتكبر معه لتصيبه بجروح نفسية ينتج عنها الاحساس الدائم بالنقص وبعدم إمكانية الشعور بالسعادة حتى في أبهج المناسبات وأكبر النجاحات أو تحقيق التقدم في الحياة بأوسع الخطوات.

والمرأة في هذه الحالة هي أقرب إلى التوحد والانسحاب من محيطها لخلق عالم الوحدة الخاص بها يبقيها أسيرة التشاؤم؛ حيث لا يكون لديها استعداد لفتح مجالات الحديث مع الغير أو عقد صداقة جديدة بسبب سيطرة تفكيرها السلبي للأمور بما في ذلك إلى أنوثتها وإلى اهتمامها بجمالها، ورفضها فكرة الزواج.

تأتى العقدة من فكرة الزواج من النظر دائما إلى السلبيات فقط ومن خلال الاستماع كثيرًا لشكوى المتزوجين والتفاعل مع أحاديثهم الغاضبة والتأثر بها، مع أن شكاوي الناس هي نتيجة تجاربهم وهي ملك أصحابها ولا دخل لأي أحد آخر فيها.

وعندما يتم طرد الأفكار السلبية والخاطئة الموروثة عن آخرين سيمكن حينئذ التركيز على تحويل ما هو سلبي في الزواج إلى إيجابي من أجل حياة سعيدة.

أما تعلق الفتاة بسلبيات الناس الماضية وبقائها أسيرة تجارب الآخرين السابقة وبخبرات الغرباء القديمة؛ سيجعلها ثابتة في مكانها ولن يمكنها التقدم في حياتها، وسيكون العلاج السلوكي المعرفي أفضل الحلول لمن تعاني من مشاكل وعقد حادة تجاه الزواج.

ولا يعني ذلك الإفراط في التخيلات العالية عن الزواج والحب والحياة الوردية، التي يمكن أن تكون السبب في حدوث الإحباط والخيبة والفشل أيضًا.

والأجدر توخي الواقعية، وربط الزواج بفكرة جميلة أساسها الحب والاستمتاع بالشريك والمشاركة في تحقيق هدف راقٍ مشترك يفرحهما كإنجاب الأطفال، وتوفير ما أمكنها من سبل بناء منزل السعادة الزوجية بعيدًا عن تأثير الآخرين في الشخصية، ويجب اجتناب المرأة النظر إلى نفسها من خلال عيون الآخرين.

ومن الضروري وضع حد للمقارنة بالآخرين ومحاولة إرضائهم، والعمل على استعادة حب النفس والثقة بالذات، والانفتاح على العالم ومحاولة الاحتكاك بالناس في مختلف المجالات بما يؤثر على الشخصية بشكل إيجابي.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

 

اقرا أيضًا: صبحة بغورة تكتب: المُعلَّقات.. والخلافات الزوجية