الفنانة حفصة التميمي: المرأة محور أعمالي.. والحركة التشكيلية العمانية في تطور دائم

فنانة من نوع مختلف، مغاير لما عرفناه وعهدناه من الفنانين، فلم تحترف الفن منذ نعومة أظافرها، بل سارت في طرق مختلفة حتى وصلت إلى طريق الفن، فقد درست "حفصة التميمي" علم الاجتماع، وهو الأمر الذي أكسبها زاوية متميزة في التناول وخاصة عندما تحولت من الواقعية إلى التجريد. درست حفصة العلوم الاجتماعية والإنسانية رغبة منها في توسيع مداركها، والعثور على زوايا نظر جديدة لما حولها وما يحيط بها، ومرة أخرى، نرى أن هذه الخلفية المعرفية كان لها بالغ الأثر في تطورها الفني، فلم تكتف "حفصة" بالتأثر ببيئتها السهلية والصحراوية، ولم تقف عند حدود رسم هذه البيئة وتلك المناظر الطبيعية ونقلها على لوحات فنية مختلفة، بل إنها انتقلت، وبفعل خلفيتها المعرفية والثقافية، إلى تناول هذه المشاهد الطبيعية من زاوية نظر جديدة، مفعمة بالفلسفة والتجريد. يشهد مشوار "حفصة التميمي" على معاناة الفنان وكدحه حتى يعثر في داخله على ماهيته، وماذا يريد أن يكون، فلم تقتصر معاناتها على اكتشاف موهبتها الفنية فحسب، بل على صقل وتطوير هذه الموهبة كذلك. حصلت الفنانة التشكيلية العمانية حفصة عبد الله سالم التميمي، على ليسانس علم الاجتماع من كلية الآداب جامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية، سنة 1999م، وهي عضو الجمعية العمانية للفنون التشكيلية. حصدت "التميمي" العديد من الجوائز الفنية، من بينها: المركز الأول في مسابقة الإبداع الحديث بدبي، والجائزة التقديرية في معرض الفن التشكيلي للشباب، والمركز الأول في معرض الفن التشكيلي السادس للشباب. وبُغية الاقتراب من عوالم "التميمي" الفنية والثقافية، كان لنا معها هذا الحوار:

حدثينا عن معرضك الأخير "أهي لون أم نون"؟

معرض "أهي لون أم نون" هو معرضي الشخصي الثالث؛ الذي أقمته، مؤخرًا بالمملكة الأردنية الهاشمية، ويشتمل على عدة أعمال تخص المرأة بشكل عام، لذلك أسميت المعرض "أهي لون أم نون"، أقصد بهذه التسمية هل المرأة مجرد لون أو شيء جمالي أم هي نون النسوة التي تدل على معنى أعمق؟.

المرأة محور أعمالي ما المكانة التي تحتلها المرأة في أعمالك؟

المرأة هي محور الأعمال؛ فأنا أرسم إحساس المرأة، ولا أخص المرأة العمانية بل المرأة في كل الأزمان والعصور، وباختلاف الشعوب، إنني أرسم إحساسها، ومتطلباتها، ومواضيعها المشتركة، وهذا ليس تحيزًا للمرأة؛ فهي أكثر ثراءً وعمقًا وتعقيدًا من أن يتم التحيز السطحي لها أو لقضاياها، وكوني امرأة أشعر بها وبكل ما تعاني وتشعر به.

شاركتِ في معارض دولية عديدة.. كيف كان انعكاس هذا على فنكِ وأعمالك؟

نعم، شاركت في عدة معارض محلية ودولية؛ سوى أن المعارض الدولية تساعد الفنان على الانتشار، وتكسبه خبرات جديدة، من خلال الاحتكاك والتعرف على الفنانين الآخرين، والأعمال والتقنيات المختلفة، فالمعارض الدولية وسيلة مهمة لإثراء الفنان وصقل مواهبه.

حدثينا عن واقع الحركة التشكيلية في السلطنة؟ الحركة التشكيلية في السلطنة في تطور دائم مستمر، فهناك تنوع في الأجيال الفنية، ابتداءً من جيل الرواد، وصولًا إلى جيل الشباب، وتتميز الحركة التشكيلية في سلطنة عمان بتنوع المدارس، وتعدد الأساليب والمجالات الفنية، ناهيك عن أن هناك مشاركات ومعارض كثيرة على الصعيد المحلي والدولي، لذلك تعتبر الحركة الفنية التشكيلية في سلطنة عمان حركة نشطة منذ بداية جيل الرواد.

أركز في رسمي على العين ركزت في بعض معارضك على رسم "الوجه والعين".. ما السر؟

أركز في رسمي على الوجه والعينين، فأنا من عشاق الملامح، وخاصة العين، لأنها مصدر التعبير، فالوجوه لا تتكلم ولكن اللون والملامح والعين، ما هي إلا أدوات تعبر عن الفكرة، أو الموضوع الذي يود الفنان طرحه، وعلى كل حال فإن العين هي بصمة ومفتاح كل شخصية. نعم أهتم بتفاصيل الوجوه؛ لأنها أكثر جزء معبر وظاهر في جسم الإنسان، ومن خلال نظرة عينيه يمكن أن تصل إلى قراءة اللوحة كلها فتشعر بما يقصده الفنان، وما يريد أن يعبر عنه ويظهره بعمله، ومنها يمكن أن توضح عمق اللوحة وأبعادها وشفافيتها.

درستِ علم الاجتماع ثم اتجهتِ إلى الفن.. كيف جاءت هذه النقلة؟

نعم درست علم الاجتماع، ثم اتجهت إلى الفن؛ لأنني كنت أعتبر الفن فقط موهبة، فدرست علم الاجتماع لأكون ملمة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، ثم وسعت دائرة اهتمامي المعرفية، ولكني أدركت أن الفن هو الجزء الأهم عندي فطورته وعملت على صقل وتطوير موهبتي.

المواضيع التجريدية تحتاج إلى فلسفة معينة في الرسم هل ترين أن هناك علاقة بين "علم الاجتماع" والفن التشكيلي؟

أكيد هناك علاقة بين علم الاجتماع والفن، خاصة عندما تكون مواضيع الفن تجريدية تحتاج إلى فلسفة معينة في التناول، وهنا يأتي دور علم الاجتماع والعلوم الانسانية الأخرى.

من الواقعية للتجريد، كيف كان تأثير البيئة العمانية فيكِ وفي فنك؟

أنا كفنانة عمانية كان لزامًا أن تكون بداياتي واقعية؛ وذلك نظرًا لما تتركه بيئتي الصحراوية والسهلية والأودية والافلاج والنخيل من أثر في نفسي، وعلى شخصيتي الفنية، فكل هذه العوامل والمناظر الطبيعية كانت ملهمة بالنسبة لي في رسمها، وبعد ذلك تشبعت بنقل الطبيعة، فانتقلت منها إلى رسم المواضيع التجريدية.

هل شاركتي في معارض جماعية؟

بالطبع شاركت في الكثير من المعارض الجماعية والمحافل الفنية الدولية، ولعل من أهمها: معرض جمعني مع فنانين من السويد، إلى جانب مشاركتي المهمة في المعرض العماني الطائر بمدينة "كاسل" الألمانية، وكانت تجربة رائعة أحببتها كثيرًا، وأيضًا كان لي حضور ومشاركة في معرض دولي أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، ومشاركاتي جميعها، أفتخر بها، وسعيدة بما حققته من خلالها.