كثيرًا ما نسمع عبارة «أحب ذاتك» ونعتقد أننا فعلًا نحبُّ ذواتنا ولكن هل تعلمين «كيف تُحبين ذاتك»، فعندما نذهب إلى صالون تجميل لعمل مساج، أو نخرج إلى مطعم أو مع الأصدقاء.. هذه الأشياء جميلة وليست خطأً ولكنَّها لا تعني المعنى العميق لمحبتكِ لذاتك؛ فحبُّ الذات من الأمور العظيمة التي يجب أن يتعلَّمها الإنسان؛ ليعيش حياة طيبة.
كل شخص مسؤول عن اختيار أفكاره ومعتقداته التي يريد أن يعيش بها، وهذه الأفكار تنعكس على واقعه إمَّا خيرًا أو شرًّا، فالإنسان عندما يحب ذاته بالشكل الصحيح، يصبح مُدركًا لمسؤوليته عن أفكاره ومشاعره وسلوكياته وأحداث حياته، ولا يعيش دور الضحيَّة، ويلقي باللوم على الآخرين.
وفي هذا الإطار، توضح ريم بافقيه؛ الإخصائية النفسية والمعلمة في إدارة الذات ولايف كوتش؛ في تصريحات خاصة لـ«الجوهرة»، كيف نحب ذاتنا وما أهمية محبة الذات للنفس والفرق بينها وبين الأنانية.
وقالت «ريم»: «محبتكِ لذاتك تصنع منكِ إنسانة حرة وقويّة تتحمَّل مسؤوليَّات حياتها، ولا علاقة بين محبة الذات والأنانية؛ فالشخص الأناني هو -في الأصل- لا يحب ذاته، ولكن ساد اعتقاد لدى كثير من الناس بأنَّ الشخص الذي يحب ذاته أنانيٌّ.
وعلى العكس تمامًا، فالأنانيُّ دائمًا ما تنبع مشاعره من خوف ونقص، يريد الحصول على كل شيء، ويتمنى لغيره الفشل؛ لأنَّه لا يؤمن بالوفرة، وأنَّ القمة تتَّسع للجميع، ويرى أنَّ نجاح غيره يأخذ من نجاحه، ومساحة الحب في قلبه صغيرة جدًّا، وأفكاره في علاقاته مع الآخرين أفكار تسلُّط وتعلُّق.
كما أنه لا يعطي إلاَّ بمقابل، والأنا تتحكَّم في مشاعره وقراراته، فدائمًا مشاعره المنخفضة تجعله غير سعيد، غير مرتاح، ومن الصعب أن يفرح؛ لأنَّه يحب السيطرة؛ فيبني سعادته على تعاسة الآخرين!.
فكلَّما أحببتي ذاتكِ أعطيتي الآخرين بمشاعر حب، وليس بمشاعر خوف وحاجة، كلَّما أحببتِ ذاتكِ، امتدَّ حبك للآخرين، فالشخص الذي يحب ذاته مؤمن بأنَّ نجاح الآخرين يساهم في نجاحه، وأنَّ خير الله يكفي للجميع.
وينعكس هذا الحب على أسرته ومحيطه وبلده، والأرض جميعًا، فهو يساعد الآخرين ويلهمهم؛ لاكتشاف ذواتهم وإمكانياتهم، ويستمتعوا برسالتهم في الحياة، فينفعون أنفسهم وينفعون غيرهم. ويعمرون الأرض.
محبتكِ لذاتكِ تجعل علاقتكِ بالآخرين علاقة حب وسلام، فـأنتِ عندما تكتفين بنفسك يصبح عطاؤكِ للآخرين بإحسان وحب، فلا تشعرين بأنك مجبورة، أو مُستنزفة أو ضحية.
وأكدت أن محبة الذات هي العصا السحرية لكل مشكلاتنا في الحياة؛ فمحبتك لذاتكِ تبدأ بتقبُّلها، بإيجابياتها وسلبيّاتها، عندما تتقبَّلين مشاعرك وأخطاءكِ، هنا تبدأين بالتصالح مع ذاتكِ والوعي بها.
وأضافت أن هذا يرجع في كثير من الأحيان إلى مرحلة الطفولة، عندما كنتِ طفلة واستمعتي لكثير من النقد فأصبح تعاملكِ مع ذاتك بهذا النمط، فالانتقاد يمنعكِ من التطوُّر والمضي قُدمًا في حياتك. انتقدتي نفسك كثيرًا، جرِّبي أَلاَّ تنتقدي، واقبلي ما تقومين به وشاهدي النتيجة!.
وتابعت أنه من الأمور المهمَّة -أيضًا- في محبة الذات أن تسامحيها، «تحرَّري من الماضي» فقد فعلتي أفضل ما يمكن حسب وعيك وفهمك وعلمك في ذلك الوقت، الآن أنتِ شخصٌ مختلفٌ.
وكلَّما صعُب على الشخص أنْ يتسامح مع ذاته سيكون صعبًا عليه أنْ يتسامح مع الآخرين! التسامح حرية وانطلاق لذاتكِ قبل الآخرين، قدِّري كل ما تفعلينه، قسوتكِ مع ذاتك -أبدًا- لن تؤدِّي إلى نموِّك وتطوّرك.
احترمي بشريَّتك، اغلطي وتعلَّمي من تجاربك وتجاوزيها، كُوني لطيفة مع ذاتك، وممتنة لماضيكِ وحاضرك.
وقدمت «ريم» مزيدًا من النصائح للوصول إلى حب الذات، قائلة: لا ترعبي ذاتك، لا ترعبي نفسك بالأفكار السلبيَّة، فالشيطان يحبُّ أنْ يوسوس لبني آدم، ويسعد عندما تخاف، لأنه يريد أن يسحب همتك وعزيمتك.
فجميعنا يعرف كيف تؤثر الأفكار السلبية في طاقة الإنسان ونشاطه وصحته، وهو يخوِّفُ أولياءَهُ كي يجعل الإنسان كسولاً خمولاً ضعيفًا، والشخص الإيجابي هو المؤمن الذي يعلم أن أمره كله خير، وأن الله تعالى قال: (أنَا عندَ ظنِّ عبدِي بِي)، فالإيجابيُّ سيعبد الله أكثر، ويُفعِّل رسالته في الحياة، ويكون نشيطًا، ويساعد ذاته والآخرين؛ لذلك يجب على الإنسان ألاَّ يسترسل للفكرة السلبيَّة، وأنْ يستبدلها -مباشرةً- بأفكار إيجابيَّة.
أنْ يُعوِّد الإنسان ذاته على قراءة ورؤية ومتابعة الكلام الإيجابي الواعي، الذي يعود عليه بالنفع والبهجة والخير، فهذه مسؤوليَّة كل شخص يختار ماذا يريد أن يتبنَّى من أفكار.
من الأشياء المهمة الذي يجب أن يعي لها كل فرد أنه إذا أراد أفكار خير، فعليه أن يرسل لغيره خيرًا، وأنْ يبدأ هو أولاً بعدم الإيحاء للآخرين برسائل وأخبار وكلمات ترعبهم، وتجلب الضيق والقلق لهم؛ لأنَّ ما ترسلينه يعود إليكِ، فكوني واعية لما تُرسلين.
محبة الإنسان لذاته أيضًا؛ بأن يكون لطيفًا معها، صبورًا عليها في مراحل تغييرها، وكأنَّه يتعامل مع طفله الداخلي، يتقبَّل كل ما ينفعه بلطف وحنان، وأنْ يشجِّع ذاته، ولا ينتظر تشجيع الآخرين له، فليكن أوَّل من يقوم بدعم وتشجيع ذاته، والثناء عليها، ولا يعتمد في تقييم ذاته على تقييم الآخرين له، ويأخذ قيمته من الناس.
قدِّري إنجازاتكِ اليومية البسيطة قبل الكبيرة، فهذا السلوك سيعود عليكِ بالخيرات والإنجازات، وتحقيق أهدافك في الحياة. كوني لنفسك أفضل صديق.
كافئي ذاتكِ عندما تنجزين وتحققين شيئًا ممَّا تريدين، فمحبتك لذاتكِ تجعلكِ مكتفية بها.
كان يُشكّل لها الوطن الذي تنتمي إليه: كيف تتخطين الحب الأول؟