" آلاء بحري" أول سعودية متخصصة في تركيب العين الصناعية:

حوار – ليلى باعطية

يُعد تحقيق الهدف عملًا رائعًا؛ لكن الأروع أن تتفرّد وتكون لك الأولوية قبل أيّ شخص في الوصول له، والأروع منه أن تكون بإنجازك هذا أضأت المصباح لمن عاشوا في الظلام كثيرًا، وجعلت الحياة الرمادية التي كانوا في كنفها تصبح زاهيةً ربيعية، والدكتورة آلاء بحري، تعد نموذجًا لكونها أول سعودية متخصصة ومرخصة في مجال تصنيع وتركيب العيون الصناعية المصنعة يدويًا، وأول عربية عضوة في الجمعية الأمريكية للعيون الصناعية (A.S.O).

وفي حوارها مع "الجوهرة" تحكي الدكتورة آلاء حسين بحري عن أبرز المحطات التي مرّت بها، إلى أن افتتحت عيادتها الخاصة التي تعد أول عيادة مرخصة ومتخصصة في تصنيع وتركيب العيون الصناعية بجدة.

شخصٌ قريب كان دافعي للتخصص

* ما أسبابكِ ودوافعكِ للتخصص في هذا المجال؟

شدني هذا التخصص لأنه نادر ولا يوجد إخصائيون فيه بالمملكة العربية السعودية، بالإضافة الى ما يميزه من الجانب الإنساني الذي يكمن في مساعدة هذه الفئة التي فقدت واحدة من أهم الحواس، وقد درسته متأثرةً بتجربة شخصٍ قريب؛ حيث عشت معه معاناته في البحث عن إخصائي عيون صناعية، واضطراره إلى السفر للخارج لتلقي العلاج اللازم.

* أين كانت رحلاتك في مجال التدريب لتصلي لمرحلة افتتاح عيادتك التي تعد أول عيادة مرخصة ومتخصصة في تصنيع وتركيب العيون الصناعية؟

تدربت على أيدي أحد أفضل إخصائي العيون الصناعية في العالم "خافيير ليسيكا" والمعتمد من مستشفى باركير في إسبانيا، وسعيت للحصول على المزيد من الخبرة في هذا المجال فانضممت إلى عيادة الإخصائي "سوبر" في هيوستن بأمريكا، وأيضًا التحقت بعيادة "دينكوت" في فرنسا.

بعد ذلك، تلقّيت تدريبي في المملكة العربية السعودية بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون في الرياض، وعملت فترة في مستشفى مغربي للعيون بجدة، حتى فتحت أول عيادة لي، وحاليًا أسعى للحصول على البورد الأمريكي.

* كيف يتم تصنيع العين يدويًا؟

تمر العين الصناعية بعدة مراحل من التصنيع المتقن، حيث يتم أخذ مقاس تجويف العين المصابة بعمل قالب، ونأخذ مقاسات حدقة وقزحية المريض، ثم نأخذ لون القزحية ولون الصلبة، ونبدأ المرحلة الأولى من التلوين ليتم تلوينها ودمج الألوان بدقة متناهية حتى نصل إلى تطابق كامل.

وبعد ذلك، نرسم الأوعية الدموية لإعطاء البعد الثالث للعين الصناعية لتبدو العين طبيعية جدًا، وفي عيادتنا نستخدم أفضل التقنيات ليحصل المريض على أفضل النتائج ويكون لديه عين صناعية أقرب ما تكون للعين الطبيعية.

* ما الصعوبات التي تواجهينها خلال صناعتك للعين.. خصوصًا أنها يدوية؟

الصعوبة في مجال تصنيع العيون الصناعية، هو التحدي في عمل عين صناعية أقرب ما تكون للعين الطبيعية، وهذا يتطلب مجهودًا من الإخصائي، وأيضًا يتطلب صبرًا ومتابعة من المريض ورغبة منه في العلاج.

*هل يوجد أنواع للعيون الصناعية؟

هناك ما يسمى بالعيون الصناعية مسبقة الصنع "الجاهزة"، والنوع الآخر وهي العيون الصناعية المصنعة يدويًا وهي المعتمدة لدينا. وأود هنا بصفتي إخصائية عيون صناعية أن أوضح الفرق الكبير بين الأولى والثانية من حيث الشكل والجودة والنتيجة النهائية، حيث إن المسبقة الصنع تُصنع بكميات كبيرة ومواد رديئة وغير مريحة بالتأكيد لأنها غير مخصصة للمرضى ولا تبدو طبيعية، وعادةً ما يقوم شخص غير مختص بتركيبها فينتج عن ذلك كثرة الالتهابات وضمور العين، أما اليدوية فهي تُصنع بأجود المواد لكل مريض على حدة على حسب مقاس عينه ولونها فيحصل على نتيجة طبيعية قدر الإمكان، وبالتالي فهي مريحة في الاستخدام

*كيف وجدتي تقبل المجتمع السعودي لهذه الصناعة؟

الحمد لله ثقة المرضى جدًا كبيرة بي، وبالتأكيد بعد أن جرب المريض العين الصناعية التي أقوم بصناعتها وجد كثيرًا من الراحة والدقة في العمل ساعدته في حل الكثير من المشاكل التي كانت تواجهه من قبل، ككثرة الافرازات والالتهابات، فجودة العدسة ومطابقة اللون والحركة جميعها نوفرها للمريض دون مشقة واضطراره للسفر إلى الخارج مدة طويلة لعمل عين صناعية.

عين جديدة.. حياةٌ جديدة

*هل يستطيع جميع فاقدي أعينهم استخدام هذه الصناعة أم فقط حالات معينة؟

في العادة المريض يكون محولًا من قبل طبيب عيون بعد أن قام بعمل العملية اللازمة، وفي بعض الحالات إخصائي العيون الصناعية يُقيّم حالة المريض ويحوله لطبيب تجميل العيون لتحديد نوع العملية اللازمة قبل تركيب العين الصناعية.

*إلى أي مدى تتغير حياة الشخص بعد تركيب العين الصناعية؟

العين الصناعية لها أهميتها في إعادة الثقة للمريض ومساعدته على الاختلاط بالآخرين وممارسة حياته بشكل طبيعي، فيخرج المريض إلى حياة جديدة بعد إعاقة الشكل والمظهر، ولمست ذلك في كثير من الحالات معبرين عن مدى رضاهم وسعادتهم بالتغير الحاصل وكيف بعثت لهم الأمل في حياتهم من جديد، وهذا ولله الحمد أكبر محفز لي للاستمرار والنجاح.

فتاةٌ جميلة ولا أنسى كلماتها

*من هو أصعب عميل تعاملتِ معه؟

بالتأكيد تمر علينا حالات كثيرة صعبة، سواء في صعوبة لون العين أو صعوبة حالة التجويف بسبب الإصابة، ولا بد على المريض أن يكون متعاونًا ومتفهمًا لوضعه وأنه قد يحتاج مدة أطول لعمل العين الصناعية أو نحتاج منه عدة زيارات حتى نستطيع أن نجري الرتوش اللازمة لتعديل لون العين لكي يحصل في النهاية على أفضل نتيجة

*حالة جاءتكِ لا تنسيها؟

زارت عيادتي فتاة جميلة جدًا، وللأسف كانت فقدت بصرها من تشوه خلقي في العين، وكانت حالتها النفسية سيئة جدًا عند قدومها إلى العيادة لأخذ استشارتي وتطلب تدخلاً جراحيًا، ولكن والدها ومعظم أهلها كانوا ضد فكرة استئصال العين، بينما كان هو حلها الوحيد.

ولن أنسى بعد مرور ثلاث سنوات تكررت زيارة المريضة للعيادة، وكانت تسأل نفس الأسئلة ولكن جوابي لها كان أنه لابد من التدخل الجراحي أولًا، وبعد السنة الثالثة اقتنع الأهل بأهمية وضرورة العين الصناعية لها، وتم بحمد الله تركيب العين الصناعية للمريضة والنتائج كانت أكثر من رائعة.

وقد تزوجت الفتاة بفضل الله وأنجبت، وفي آخر زيارة قالت لي: "أنت بعثتِ لي الحياة من جديد، وأعطيتني الأمل، ومنحتني سعادة من الصعب وصفها".