متلازمة داون.. الطموح والشغف يحققان المعجزات

يُولد كل منا وله ميزة أو مهارة معينة خلقها الله له؛ حتى يكون مختلفًا عن الجميع، وهناك مجموعة من البشر ميزهم الله عن غيرهم ليست فقط بمهارة، بل قبول في قلوب الجميع.

يولد الكثير من الأطفال في العالم مصابين بما يطلق عليه «متلازمة داون»، وهي اضطراب جيني، بسبب زيادة في عدد الكروموسومات، ولها تأثيرات متباينة في أساليب التعلم أو فيما يتعلق بالسمات البدنية أو الصحة.

وتصيب متلازمة داون الفرد في حالة لو كانت لديه نسخة إضافية سواء «كاملة أو جزئية» من الكروموسوم 21، وتؤثر تلك النسخة الإضافية من الكروموسوم في تطور الجسم وكذلك الدماغ، وهذا الذي يؤدي لتحديات عقلية وجسدية تلاحظها الأم على ابنها حين يولد.

هل تُعد متلازمة داون مرضًا نادرًا أم وراثيًا؟

متلازمة داون ليست من الأمراض النادرة أو التي من الممكن أن تنتقل بالوراثة فهي من الأمراض الشائعة؛ حيث اكتشف العلماء أنه يتم ولادة حوالي واحد من كل 700 طفل في أمريكا مصابًا بمتلازمة داون، وذلك يعني أن حوالي 6 آلاف طفل يكون مصابًا بها كل عام، كما أنها وراثية في 1% فقط من الحالات، بينما ستجد أن 99% من الحالات المصابة الأخرى عشوائية.

صفات مرضى متلازمة داون

من صفات أطفال متلازمة داون: التأخر الإدراكي ولكنه يكون أفضل مما تعتقد، وبالنسبة لمعدل الذكاء لدى أطفال متلازمة داون فيكون من البسيط إلى المعتدل، بالإضافة إلى أنهم أبطأ في التحدث من الأطفال الآخرين.

وتكون لديهم أيضًا قوة في الذاكرة البصرية أكثر من غيرهم؛ لذلك فهم متميزون، سواء بأفكارهم أو بالتحديات التي يواجهونها في المجتمع بسبب اختلافهم.

متلازمة داون

ومن الأمور التي لا يعلمها الكثيرون، أن مصابي متلازمة داون يكونون أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض، والتي منها على سبيل المثال:

- أمراض مرتبطة بمشاكل في الجهاز التنفسي. - مشاكل في السمع. - عيوب القلب الخلقية. - مرض الزهايمر. - أمراض الغدة الدرقية. - أمراض سرطان الدم في مرحلة الطفولة.

ونتيجة للتقدم العلمي في عصرنا الحالي وزيادة الوعي، ارتفع متوسط عمر الأطفال المصابين بمتلازمة داون، ففي عام 1910 كان الطفل الذي يولد مصابًا بمتلازمة داون لا يعيش حتى عمر العاشرة من عمره، لكن حاليًا وصل متوسط العمر المتوقع لهم إلى 60 سنة أو أكثر.

اليوم العالمي لمتلازمة داون

انطلاقًا من أهمية التوعية بمتلازمة داون، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا في ديسمبر 2011 (رقم 149/66) ينص على أن يكون يوم 21 مارس هو اليوم العالمي لمتلازمة داون من كل عام.

ودعت الجمعية العامة كل الدول الأعضاء ومؤسسات منظمة الأمم المتحدة المعنية، وكذلك المنظمات الدولية الأخرى بالإضافة إلى المجتمع المدني، وحتى المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، إلى الاحتفال والتوعية بهذا اليوم.

بطولات مرضى متلازمة داون

لم يكن يومًا المرض يومًا عائقًا أمام الأحلام والطموح، فعندما يولد الإنسان بحلم يحاول دائمًا الوصول له رغم التحديات التي تواجهه ومهما كان مختلفًا عن غيره؛ حيث حقق الكثير من مرضى متلازمة داون نجاحات وبطولات في العديد من المجالات.

وتؤكد لنا النماذج المشرقة والمشرفة للمصابين بمتلازمة داون الحرص الكبير والدعم الذي أصبح يتوفر في مجتمعنا الآن فيما يخص تعزيز مكانة هذه الفئة، وأصحاب الهمم بشكل عام، بالإضافة إلى تسليط الضوء على حكاياتهم والنجاحات التي حققوها في ظل التحديات.

ويعتبر الشاب "محمد أحمد عبد الرحمن" واحد من أبطال تلك الحكايات؛ إذ لم تمنعه إصابته بمتلازمة داون من السير وراء شغفه، فهو يعمل مضيفًا للاستقبال بأحد فنادق دبي، ويشتهر بابتسامته الجميلة بالإضافة إلى قدرته على التحدث باللغتين الإنجليزية والفلبينية، بجانب لغته الأم العربية.

وتعلم "محمد أحمد" كلًا من اللغتين الإنجليزية والفلبينية بجهود ذاتية من قِبل أسرته وزملائه، وعززهما عن طريق المراكز والأندية؛ بسبب شغفه الدائم للتعلم وكذلك رغبته في أن يضيف إنجازات لسيرته الذاتية وتنمية كفاءاته المهنية.

ولم يتوقف محمد عن تحقيق أحلامه وطموحه، فكانت هوايته هي ممارسة رياضة التايكوندو؛ لذلك استطاع الحصول على الحزام الأسود، وأصبح عضوًا فاعلًا في مركز دبي لأصحاب الهمم، وكذلك نموذجًا يُحتذى بين أقرانه.

بينما استطاع "أحمد مقدم" أيضًا تحدي إصابته بمتلازمة داون، وواجه المجتمع من خلال انخراطه في دورات تدريبية بمساعدة جمعية «متلازمة النجاح»؛ ما جعله مؤهلًا للالتحاق بسوق العمل، وأصبح موظفًا بإحدى الشركات الخاصة؛ ليثبت أن الطموح والصبر والاجتهاد هي مفاتيح النجاح.

ولا تقتصر تلك القصص على الرجال فقط ففي مدينة نابلس، انطلقت مسيرة البطلة الأولمبية "دنيا زياد حسيبا" المصابة بمتلازمة داون، التي قامت بتمثيل فلسطين في دورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص، وسافرت لتشارك في برنامجها إلى إسبانيا واليونان وسوريا ثم مصر والإمارات.

اقرا أيضًا: نصائح لمرضى الكوليسترول في رمضان.. تجنب النوبة القلبية