لمكافحة اكتئاب الشيخوخة.. احتياجات المسنين النفسية والاجتماعية

جدة - هند حجازي

إنَّ الوصول لمرحلة الشيخوخة هو أمرٌ طبيعيٌّ، فهي سُنَّة الحياة، ويجب ألاَّ تتمحور هذه المرحلة حول الهوس بالاعتناء بالبشرة، وإجراء عمليَّات الشدِّ، والشفط؛ للحفاظ على المظهر الشبابي، بل ينطوي جمال هذه المرحلة العمريَّة على تقبُّلها بكلِّ حبٍّ، والاهتمام بما ينفعها، وإدخال بعض التعديلات على روتين النظام الغذائي، والتمارين الرياضيَّة، التي من شأنها أنْ تجعل هذه المرحلة جميلةً، وتجربة جديدة.

وتوضِّح لنا سعديَّة القعيطي؛ الإخصائيَّة النفسيَّة، أنَّ هذا لا يعني أنْ نغفلَ عن احتياجات مهمَّة بهذه المرحلة؛ حيث يجب أنْ تتم رعايتهم العاطفيَّة على خطوات؛ للتعامل جيدًا مع شعورهم بالضعف، والوحدة، والملل، والعزلة. فهذه أكثر المشكلات التي يعانون منها، وتلك الخطوات كالتالي: • لا تنحصر شكوى المسنين من تدهور صحتهم فقط، إنَّما قد يُصابون بالاكتئاب، الذي من شأنه أنْ يُؤخِّر عمليَّة شفائهم من أمراضهم العضويَّة. • أشركوهم في مناسباتكم الاجتماعيَّة، وبأهميَّتهم وقيمتهم. • هم يحتاجون لمَن يُنصت إليهم، ويشعرهم بالأهميَّة. • يحتاجون لأضعاف ما قد يحتاجه الشخص البالغ من الدعم العاطفي. • إنَّ تلبية احتياجاتهم العاطفيَّة بإمكانها أن تساعدهم في تجنُّب الاكتئاب، كما أنَّ افتقارهم للدعم العاطفي، قد يُسبِّب لهم الأرق والصعوبة في النوم، أو ضعف الشهيَّة، أو عدم القدرة على التركيز. • تشجيعهم للحفاظ على علاقاتهم الاجتماعيَّة، سواء مع الأهل، أو الأصدقاء؛ لأنَّ الشعور بالوحدة يزداد مع التقدُّم في السن. • الحاجة للشعور بالأمان؛ وذلك لتزايد خوفهم من أن يحتاجوا لأمر ما، ويعجزوا عن فعله، أو لن يجدوا مَن يساعدهم فيه، لا بُدَّ من التأكيد لهم أنكم معهم، ولستم بعيدين عنهم. • بإمكانكم تعليمهم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، من باب تخفيف شعورهم بالوحدة. • اصطحابهم للأماكن التي يحبون زيارتها، أو قضاء الوقت بها، كمثال: إذا كانوا من سكَّان جدَّة فقد ينعشهم ويسعدهم زيارة جدَّة التاريخيَّة. • المزيد من الاهتمام، فهم في مرحلتهم هذه يشبهون الأطفال في ازدياد حاجتهم للاهتمام، الذي يشعرهم بقيمتهم الذاتيَّة؛ لأنَّ قلة الاهتمام والتواصل من أفراد العائلة، من شأنه أن يزيد من إحباطهم، وشعورهم بقلَّة الأهميَّة. • حاجتهم للشعور بالانتماء، فانخراطهم في أعمال وأنشطة تتناسب مع ميولهم ورغباتهم، تجعلهم أكثر رضى وسعادة عن حياتهم، وتشغل عقولهم وأجسادهم. • إشراكهم في أندية رياضيَّة، تحافظ على صحتهم، وتُقلِّل الكثير من مشكلاتهم في هذه المرحلة. • الإنسان كائن اجتماعي، ففي كل مراحل حياته يحتاج للأصدقاء، لمَن يقضي معهم وقته، ويستمتع بصحبتهم. • الشعور بالاستقلال، قد يحتاج بعضهم للقيام بأعمالهم بمفردهم، فيما قد يودُّ البعض الآخر أنْ يجدَ مَن يدلِّله، ويقوم بها عنه، فأرخوا أسماعكم لتعلموا من أيِّ نمطٍ هم. • قد يعاني البعض من الشعور بالذنب، خاصة في حال إقامتهم مع أحد أفراد العائلة، وقد يكون ذلك بسبب الأمور الماديَّة، فعلى أبنائهم التحدث معهم بهذا الشأن، وأن يؤكدوا لهم أنَّ هذا حقُّهم وليس فضلاً ولا مِنَّةً. • احترام خصوصيَّتهم، واستقلاليَّتهم، وقراراتهم دون انتقادات أو أحكام. • قد يفقدون مع التقدُّم بالعمر، الشعورَ بالكفاءةِ والقدرة التي كانوا يتمتَّعون بها في شبابهم، فلا بأس من الفخر، والتحدُّث بإنجازاتهم؛ حتَّى لو كانت بسيطة، أو قديمة أمام العائلة والأصدقاء. • الاحتياج للشعور بأنَّ الحياة لها معنى وهدف؛ لأنَّهم في هذه المرحلة يفتقدون المعنى من الحياة، فلا بُدَّ من تحفيزهم وتذكيرهم أنَّ لكلِّ مرحلةٍ ما يناسبُها من أهداف واهتمامات، وأنَّهم ما زالوا يستطيعون تقديم الكثير. • مراعاة حالتهم الصحيَّة حين تسجيلهم في نادٍ رياضيٍّ أو ثقافيٍّ، فإذا كانوا يعانون من مشكلات في النظر، نوفِّر لهم أجهزة بشاشات كبيرة... وهكذا! • يوجد فرع من فروع علم النفس يُسمَّى علم نفس الشيخوخة (Geropsychology)، يسعى إلى معالجة كل مشكلات المسنين، من اضطرابات الصحة النفسيَّة، الاكتئاب والقلق. وبإمكان المهتمِّين التخصُّص فيه؛ ليتمكَّنوا من تقديم خدمةٍ اجتماعيَّة مميَّزة. وأخيرًا، تُضيف "القعيطي"؛ أنَّ يوم 1 أكتوبر هو اليوم العالمي للمسنين، فعلينا المبادرة بنشر الوعي بكيفيَّة رعايتهم والعناية بهم، فهم قدموا لنا أجمل سنوات عمرهم، وآن الأوان لأن نعتني بهم ونُكرمهم.