هل تبحثين عن طريقة طبيعية وفعالة لتحسين صحتك؟ قد يكون الصيام الحل الذي تبحثين عنه. على الرغم من أنه مرتبط بالكثير من الديانات والثقافات، فإن الأبحاث العلمية الحديثة كشفت عن فوائد صحية مذهلة لهذا التقليد القديم. من فقدان الوزن وتحسين حساسية الأنسولين إلى مكافحة الالتهابات وحماية الدماغ، فإن الصيام يمكن أن يكون أداة قوية لتحقيق أهدافك الصحية.
في هذا المقال، سنستكشف بالتفصيل كيف يمكن للصيام أن يحول حياتك إلى الأفضل.
فوائد الصيام
1. ينقص الوزن
لقد أجريت دراسات تدعم الصيام كأداة ممتازة لفقدان الوزن. وجدت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2015، أن الصيام المتقطع يقلل من وزن الجسم بنسبة تصل إلى 7%، في حين أن الصيام طوال اليوم يقلل من وزن الجسم بنسبة تصل إلى 9%.
بينما اكتشفت دراسة أخرى أجريت في جامعة جنوب كاليفورنيا، أن 71 شخصًا بالغًا عندما وضعوهم في صيام لمدة خمسة أيام (تناول ما بين 750 و1100 سعر حراري يوميًا) مرة كل ثلاثة أشهر، فقدوا في المتوسط ستة أرطال، وانخفضت مستويات الالتهاب ومحيط الخصر لديهم، وفقدوا إجمالي الدهون في الجسم دون التضحية بالكتلة العضلية.
لذا إذا كنت تريدين إنقاص الوزن وفقدان دهون البطن، فقد يكون الصيام حتى غير المنتظم هو المفتاح.
2. يعزز إفراز هرمون النمو البشري
ينتج هرمون النمو البشري (HGH) طبيعيًا بواسطة الجسم، ولكنه يظل نشطًا في مجرى الدم لبضع دقائق فقط. وقد استخدم بفاعلية للمساعدة في علاج السمنة وبناء كتلة العضلات، وهو أمر مهم لحرق الدهون، كما يساعد الصيام في تعزيز إفراز هرمون النمو البشري.
يساعد هرمون النمو البشري أيضًا على زيادة قوة العضلات؛ ما قد يحسن التدريبات الخاصة بك. اجمعي بين هذه العناصر، وستحصلين على آلة فعالة لحرق الدهون بين يديك.
3. يحسن الأداء الرياضي
لقد ثبت أن الصيام له تأثيرات إيجابية على كتلة الجسم، وكذلك على مؤشرات صحية أخرى لدى الرياضيين المحترفين. وذلك لأنه -كما ذكرنا سابقًا- يمكن أن يساعد الصيام بفاعلية في التخلص من الدهون الزائدة مع تحسين نمو العضلات بسبب إنتاج هرمون النمو البشري.
تقليديًا، يُنصح الرياضيون بتناول بروتين عالي الجودة بعد نصف ساعة من الانتهاء من التدريبات (التغذية بعد التمرين) لبناء العضلات وتقليل الدهون في الوقت نفسه. يُنصح بالصيام في أيام التدريب، في حين يُشجع على تناول الطعام في أيام المباريات.
4. يساعد في تطبيع حساسية الأنسولين
عندما يتناول جسمك كميات كبيرة من الكربوهيدرات والسكريات، فقد يصبح مقاومًا للأنسولين. وهذا غالبًا ما يمهد الطريق لمجموعة من الأمراض المزمنة، بما في ذلك مرض السكري من النوع الثاني.
إذا كنت لا ترغبين في اتباع هذا المسار، فمن الضروري أن تحافظي على حساسية جسمك للأنسولين. ومن فوائد الصيام أيضًا أنه طريقة فعالة لفعل ذلك.
وجدت دراسة نشرت في المجلة العالمية لمرض السكري أن الصيام المتقطع لدى البالغين المصابين بمرض السكري من النوع 2 أدى إلى تحسين المؤشرات الرئيسة لهؤلاء الأفراد، بما في ذلك وزن الجسم ومستويات الجلوكوز.
بينما وجدت دراسة أخرى أن الصيام المتقطع كان بالفاعلية نفسها للقيود الحرارية في تقليل كتلة الدهون الحشوية والأنسولين الصائم ومقاومة الأنسولين.
5. يوازن مستويات هرمون الجريلين
يُعرف هرمون الجريلين أيضًا باسم هرمون الجوع؛ لأنه مسؤول عن إخبار جسمك بأنه جائع.
إن اتباع نظام غذائي وتناول كميات محدودة للغاية من الطعام قد يؤدي في الواقع إلى زيادة إنتاج هرمون الجريلين؛ ما يجعلك تشعرين بالجوع أكثر. وعندما تصومين، على الرغم من أنك قد تواجهين صعوبة في الأيام القليلة الأولى، فإنك تساعدين في الواقع على تطبيع مستويات هرمون الجريلين.
في النهاية، لن تشعرين بالجوع لمجرد أن هذا هو موعد وجبتك المعتادة. بل سيصبح جسمك أكثر قدرةً على تمييز الوقت الذي يحتاج فيه بالفعل إلى الطعام.
6. يحمي صحة القلب
عندما تستهلكين الكثير من الكوليسترول السيئ، قد ترتفع مستويات الدهون الثلاثية لديك؛ ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. يساعد الصيام المتقطع في خفض مستويات الكوليسترول السيئ؛ ما يقلل من الدهون الثلاثية في هذه العملية.
وقد وجدت الكثير من الدراسات أيضًا أن خفض ضغط الدم يعد أحد الفوائد الكثيرة للصيام.
وتؤدي كل هذه العناصر دورًا كبيرًا في صحة القلب؛ ما يثبت أن حماية القلب إحدى أهم فوائد الصيام.
7. يبطء علامات الشيخوخة
بينما توجد حاجة إلى مزيد من البحوث البشرية، يبدو أن الدراسات التي أجريت على الفئران تربط بين الصيام المتقطع وزيادة طول العمر. حيث وجدت إحدى الدراسات أن الصيام المتقطع أدى إلى انخفاض وزن الجسم وزيادة متوسط العمر لدى الفئران.
كما وجدت دراسة أخرى أن مجموعة من الفئران التي صامَت صيامًا متقطعًا عاشت في الواقع وقت أطول من المجموعة الضابطة، على الرغم من أن وزنها كان أثقل من وزن الفئران غير الصائمة. وبطبيعة الحال، ليس من الواضح ما إذا كانت النتائج نفسها ستحدث لدى البشر، ولكن العلامات مشجعة.
في الواقع، توجد وفرة من الأدلة التي تثبت أن الصيام في الواقع قادر على إبطاء علامات الشيخوخة وتعزيز طول العمر.
8. مكافحة الالتهابات
ومن فوائد الصيام أيضًا أنه ثبت مساعدته في تقليل مستويات الالتهاب غير الصحية؛ ما يساعد بدوره في درء الأمراض المزمنة وتحسين الصحة العامة. ووجد تحليل تلوي للتجارب العشوائية الخاضعة للرقابة المنشورة في عام 2020، أن الصيام قد يساعد في تقليل مستويات البروتين التفاعلي سي، وهو مؤشر على الالتهاب.
وفي الوقت نفسه، أفاد مريض مصاب بالتهاب القولون التقرحي بشعوره بتحسن بعد ثمانية أسابيع من الصيام المتقطع، وفي الوقت نفسه، انخفضت علامات الالتهاب، مثل: البروتين التفاعلي سي، ومستويات الكالبروتكتين على نحو كبير لدى المريض أيضًا. هذا التأثير المضاد للالتهابات يجعله طريقة فعالة لتناول الطعام للتغلب على المرض.
9. يحمي صحة الدماغ
وقد فحص بحث نُشر في مجلة Nutrition Reviews في عام 2023، البيانات المتاحة حول الفوائد المحتملة للصيام والحد من السعرات الحرارية على الإدراك وتأثيراتها في مرض الزهايمر. وخلص الباحثون إلى أن “هذه الملاحظات تؤدي إلى فرضية مفادها أن الصيام المتقطع على مر السنين من المحتمل أن يعكس أو يؤخر العملية المرضية في مرض الزهايمر”.
10. يقي من السرطان وعلاجه
توجد أدلة تشير إلى أن فوائد الصيام تمتد لعلاج السرطان والوقاية منه. كما ذكرت إحدى الدراسات: “الصيام أو الأنظمة الغذائية التي تحاكي الصيام تؤدي إلى تغييرات واسعة النطاق في عوامل النمو ومستويات الأيض؛ ما يؤدي إلى توليد بيئات يمكن أن تقلل من قدرة الخلايا السرطانية على التكيف والبقا،ء وبالتالي تحسين تأثيرات علاجات السرطان”.
وفي الوقت نفسه، وجدت الأبحاث التفصيلية حول فوائد الصيام للوقاية من السرطان منذ عام 2020، أن الصيام الدوري والأنظمة الغذائية التي تحاكي الصيام “لها القدرة على أداء دور تكميلي مهم في الطب من خلال تعزيز الوقاية من الأمراض، وتحسين علاج الأمراض، وتأخير عملية الشيخوخة، وتحفيز التجديد القائم على الخلايا الجذعية”.
كيفية الصيام
هل أنتِ مستعدة لهذه التجربة؟ إليك كيفية جعل الأمر أسهل.
1. قرري نوع الصيام الذي تنوين فعله
تتمثل إحدى الطرق الجيدة لبدء الصيام في تناول الطعام بأوقات محددة، بدءًا من 12 ساعة. إذا شعرت بتحسن بعد بضعة أيام، يمكنك زيادة الوقت إلى 14 ساعة حتى 18 ساعة. لا يُنصح بالصيام لمدة أطول من ذلك.
2. حددي بعض الأهداف
ما الذي تريدين تحقيقه من الصيام، إنقاص الوزن، التمتع بصحة أفضل، الشعور بتحسن، الحصول على المزيد من الطاقة؟ دوِّني هذه الأهداف وضعيها في مكان تريه باستمرار في أثناء الصيام.
3. أعدي قائمة وجهزي الثلاجة
قبل أن تبدأي صيامك، حددي موعد تناولك للطعام وما ستأكليه في ذلك الوقت. إن معرفة ذلك مسبقًا يخفف الضغط، خاصة إذا شعرت أنك قد تأكلين كل ما تريه “لأنك قادرة على ذلك”.
مع اعتيادك على الصيام، قد تجدين أنه من غير الضروري ترتيب الوجبات مسبقًا، ولكن وجود مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية في انتظارك في الثلاجة يجعل الصيام أسهل كثيرًا.
4. استمعي إلى جسدك
قد يستغرق الصيام بعض الوقت حتى تعتادين عليه؛ حيث يتخلص جسمك من العادات القديمة، ويتعلم عادات جديدة، ولكن من المهم الاستماع إلى جسدك.
إذا كنت في الساعة العاشرة من أصل 16 ساعة صيام، وتشعرين أنك بحاجة ماسة إلى تناول وجبة خفيفة، فتناولها. وإذا انتهى وقت صيامك، ولكنك لم تشعري بالجوع بعد، فانتظر حتى تشعرين بالجوع.
قد تجدين أنه من المفيد تدوين جملة أو جملتين كل يوم حول ما تشعرين به. وخلال أوقات معينة من الشهر أو العام، تكون أنواع مختلفة من الصيام أكثر فعالية بالنسبة لك.
كم من الوقت يجب أن أصوم؟
لا توجد مدة محددة للصيام، ولكن كما ذكرنا سابقًا، يتراوح الصيام المتقطع النموذجي بين 14 و18 ساعة. بدلًا من التركيز على المدة التي يجب أن تصوميها، من الأفضل أن تضعي في اعتبارك بعض الأمور المتعلقة بالصيام:
- إذا كنت جائعة حقًا، فتناولي شيئًا ما. وإذا لم تفعلي، فسوف تقضيين وقتك جائعة، ومتوترة بسبب الجوع.
- إذا كنت لا تزالين في المراحل الأولى من تناول الطعام على نحو أفضل واختيار الأطعمة الكاملة، فربما عليك الانتظار بعض الوقت قبل البدء في روتين الصيام حتى لا يصبح الأمر مجرد أمر آخر يدعو للقلق. ركزي على تناول الأطعمة الكاملة المفيدة لك أولًا.
- هل تتدرب لحدث كبير، مثل الماراثون؟ ربما لا يكون هذا الوقت المناسب لتجربة الصيام. تحدث مع مدربك وطبيبك أولًا.
ما السوائل المسموح بتناولها؟
يعتمد هذا على الوقت الذي تصومين فيه، فإذا كنت في مدة زمنية محددة ولا تتناولين الطعام، فمن الأفضل أن تلتزمي بالمشروبات قليلة السعرات الحرارية أو الخالية منها، مثل: الماء والقهوة (دون حليب) والشاي .
إذا كنت تتبعين نظامًا غذائيًا يعتمد على تناول الطعام في يوم متناوب أو ما شابه ذلك، حتى خلال ساعات انخفاض السعرات الحرارية، فيمكنك من الناحية الفنية أن تشربين أي شيء تريديه، ولكن تذكري أن هذا سيُحتسب ضمن السعرات الحرارية التي تتناولها. هل تفضلين أن تنفقي 100 سعر حراري على تفاحة أم كوب من الحليب؟ الأمر متروك لك.
إن الامتناع عن تناول الكحول في أثناء الصيام يعد فكرة جيدة.
هل يمكنني ممارسة الرياضة في أثناء الصيام؟
يمكنك ممارسة الرياضة في أثناء الصيام عامة. وقد تجدين أنه عند تناول الطعام في أوقات محددة، ستشعرين بمزيد من النشاط في الصباح لممارسة التمارين الرياضية.
ومع ذلك، في أيام الصيام الأكثر تقييدًا، قد تجعلك أيامك التي تتناول فيها سعرات حرارية منخفضة تشعرين بالخمول الشديد. إذا كان الأمر كذلك، فقد تفكرين في ممارسة جلسة يوغا خفيفة أو الخروج للمشي.
كما هو الحال دائمًا، تحققي من نفسك. يمكنك دائمًا تقليل أو زيادة الجرعة حسب شعورك.
المخاطر والآثار الجانبية
برغم فوائده، فإن الصيام ليس مناسبًا دائمًا للجميع. فمرضى السكري ربما ينبغي لهم تجنبه، حتى تعود مستويات الجلوكوز والأنسولين في الدم إلى طبيعتها.
لا ينبغي للمرأة الحامل والمرضعة الصيام على الإطلاق، لأنه قد يكون له آثار سلبية على الطفل.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كنت تتناولين أدوية معينة أو تعاني من مشكلات صحية أخرى، فمن الأفضل استشارة طبيبك حول إدخال الصيام في نمط حياتك. ومع ذلك، بالنسبة لمعظم الناس، يمكن أن يكون الصيام أداة مفيدة حقًا في إدارة وزنك وصحتك.