في عالم يعج بالتنوع النفسي، تبرز شخصية الحساسة للفرد بخصائصها المميزة التي تجعله يتفاعل مع العالم بطريقة فريدة. ولكن ما الذي يجعل شخصًا ما أكثر حساسية من الآخر؟ هل هي الجينات أم التربية أم مزيج من الاثنين؟ في هذا المقال، نغوص مع الدكتور جمال فرويز أستاذ وخبير الطب النفسي، في أعماق الدراسات النفسية، لنكشف عن العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية الحساسة، وكيفية التعامل مع هذه الحساسية.
الجينات والتربية
قال د. جمال فرويز استشاري الطب النفس في حديثة مع الجوهرة إن الدراسات الطبية تشير إلى أن الحساسية المفرطة قد تكون نتيجة لتفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية. فالجينات تلعب دورًا في تحديد درجة استجابة الفرد للمؤثرات الخارجية، بينما تلعب التربية دورًا حاسمًا في تشكيل شخصية الفرد وتأثيرها على كيفية تعامله مع هذه الحساسية. مشيرًا إلى أن بعض الدراسات ترجع الحساسية النفسية إلى وجود مكون وراثي؛ حيث قد يرث الأفراد بعض الصفات التي تجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالعوامل البيئية.
وأضاف تلعب التربية دورًا حاسمًا أيضًا في تشكيل الشخصية الحساسة. فالأطفال الذين ينشؤون في بيئة مليئة بالتوتر والقلق، أو الذين يعانون من نقص الدعم العاطفي، يكونون أكثر عرضة لتطوير حساسية مفرطة.

أعراض الحساسية المفرطة وتأثيرها على الحياة
وأوضح د. فرويز بعض السمات التي يتميز بها الأشخاص الحساسون، وهي:
- الحساسية العاطفية: يتأثرون بسهولة بالمشاعر والأحداث المحيطة بهم.
- الانتباه إلى التفاصيل: يميلون إلى ملاحظة التفاصيل الدقيقة في محيطهم.
- التعاطف العميق: يشعرون بعمق بمشاعر الآخرين.
- الحاجة إلى الهدوء والخصوصية: يفضلون الأجواء الهادئة والبعيدة عن الضوضاء والزحام.
مضيفًا هذه السمات، وإن كانت إيجابية في بعض الأحيان، إلا أنها قد تؤثر سلبًا على حياة الشخص الحساس؛ حيث قد يعاني من صعوبة في بناء العلاقات والثقة بالآخرين وتكوين علاقات عميقة. وكذلك قد يكون أكثر عرضة للقلق والتوتر بسبب حساسيته العالية. بالإضافة إلى ذلك قد يشعر بالإرهاق العاطفي بسهولة بسبب التعرض المستمر للمؤثرات الخارجية.

العلاج والتكيف
وأكد د. جمال أن الحساسية المفرطة لا تعد مرضًا، بل هي سمة شخصية يمكن التعامل معها وتطويرها. يمكن للأشخاص الحساسين اتباع بعض الاستراتيجيات للتكيف مع هذه السمة، مثل:
- ممارسة اليوجا والتأمل: تساعد هذه الممارسات على تهدئة العقل وتقليل التوتر.
- تطوير مهارات التواصل: يمكن تعلم مهارات التواصل الفعال للتعبير عن المشاعر واحتياجات بشكل صحي.
- البحث عن الدعم: الانضمام إلى مجموعات دعم أو التحدث مع معالج نفسي يمكن أن يكون مفيدًا.

واختتم أستاذ الطب النفسي حديثة بأن الحساسية المفرطة هي جزء من التنوع البشري، وهي لا تجعل الشخص أقل قيمة. فمن خلال فهم أسباب هذه الحساسية وتطوير استراتيجيات للتعامل معها، يمكن للأشخاص الحساسون عيش حياة سعيدة وهادئة.