يعد “الاضطراب الهستيري الانشقاقي” أحد أشكال الاضطرابات النفسية التي تصنف ضمن مجموعة الاضطرابات التحولية أو الانشقاقية.
في نفس السياق، يتحدث لـ”الجوهرة” الدكتور جمال فرويز؛ استشاري الطب النفسي، قائلًا: “هذا النوع من الاضطراب يظهر غالبًا عند أشخاص يتمتعون بشخصية هستيرية – وهي الشخصية التي تبحث دومًا عن جذب الانتباه. وتميل إلى المبالغة في التعبير عن المشاعر، رغم أنها في الأصل تفتقر إلى العمق العاطفي الحقيقي. هذه الشخصيات تعد من الأنماط العصابية، وتظهر هشاشة واضحة في التعامل مع الضغوط المختلفة.

التعرض للضغوط النفسية
وأضاف استشاري الطب النفسي “عند التعرض لضغوط نفسية -سواء كانت عاطفية، مادية. اجتماعية، تعليمية أو غيرها- قد يظهر ما يعرف بـ”التحول الهستيري”، وهو تحول نفسي يترجم إلى أعراض جسدية دون وجود مسبب عضوي حقيقي. مشيرًا إلى أن هذه الأعراض تتمثل في فقدان القدرة على الكلام، اضطرابات في الرؤية (“أنا مش شايفة”)، أو فقدان القدرة على تحريك أحد الأطراف، وهي أعراض قد تحاكي نوبات الصرع أو الشلل، لكنها ليست كذلك من الناحية الطبية.
وأكد أنه في بعض الحالات، قد تقلد هذه الأعراض نوبات صرعية حقيقية، خاصة إذا كان المريض على تماس سابق مع من يعاني من الصرع. ومن المظاهر الأخرى الشائعة: صداع شديد. آلام في المفاصل أو في فقرات الظهر، وأعراض هضمية كالقولون العصبي، وجميعها تصنّف ضمن الأعراض الجسدية الناتجة عن التوتر النفسي.
الحالات الأكثر حدة
أما في الحالات الأكثر حدة، فقد يظهر ما نطلق عليه “الاضطراب الهستيري الانشقاقي”. والذي يتجلى في فقدان الذاكرة بصورة مؤقتة وكاملة. يحكي لنا د. جمال عن إحدى الحالات التي كان يقوم بعلاجها فقال: “ومثال على ذلك، أحد المرضى- وهو رجل صاحب مصنع معروف- تعرض لضغط نفسي شديد بسبب مشكلات تتعلق بطلاق أبنائه. فخرج من منزله في ساعات الصباح الباكر مرتديًا ملابس غير مناسبة (شورت وتي شيرت) وحافي القدمين، وبدأ يسير في الشارع دون وعي بمكانه أو هويته. وعندما قابله أحد الجيران وسأله عن اسمه أو مكانه، أجاب بأنه لا يعرف من هو ولا أين هو.

وأردف: نقل المريض في نفس اليوم إلى العيادة النفسية. وبعد إجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من عدم وجود سبب عضوي، تبيّن أن حالته نفسية بحتة ناتجة عن الضغط العصبي. عولج المريض ببعض المهدئات البسيطة. كما جرى دعمه نفسيًا من قِبل العائلة، ومع مرور يومين إلى ثلاثة، بدأ يتذكر بعض الأحداث تدريجيًا. وبعد أسبوعين. عادت له ذاكرته بشكل كامل.
وأوضح استشاري الطب النفسي أن هذا النوع من الاضطرابات يؤكد لنا أهمية إدراك الأثر العميق للضغوط النفسية على الصحة العقلية والجسدية، ويبرز ضرورة التعامل معها مبكرًا، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي اللازم للمصابين بها.