قالت رانيا حلمي؛ مدير الأكاديمية المصرية للفنون بروما، إن المرأة السعودية أثبتت حضورها القوي في جميع المجالات، بما في ذلك الفنون.
وأضافت “رانيا” في حوارها مع “الجوهرة”، أن هذا جرى من خلال توليها مناصب قيادية، أصبحت قادرة على اتخاذ قرارات تدعم المشهد الثقافي والفني.
وإلى نص الحوار:
تهانينا على المنصب الجديد كمدير للأكاديمية المصرية للفنون بروما.
شكرًا لكم على التهنئة.
ما أهمية هذه المؤسسة ودورها؟
الأكاديمية المصرية للفنون بروما، أحد قطاعات وزارة الثقافة المصرية، وتمثل صوت مصر الثقافي والفني في الخارج، وخصوصًا في أوروبا.
نحن نتحدث عن مؤسسة عريقة تأسست منذ 55 عامًا، وهي واحدة من أوائل الأكاديميات الوطنية التي أنشأتها الدول خارج حدودها. بل الوحيدة من نوعها في العالم العربي. هذا يُظهر التزام مصر بمكانتها الحضارية والثقافية.
دور الأكاديمية يتمحور حول تقديم مصر للعالم من خلال الفنون. حيث تنظم العديد من الفعاليات الثقافية، والفنية، والأدبية والموسيقية.
كما تسعى لتعزيز التبادل الثقافي مع الأكاديميات والمؤسسات الدولية الأخرى. علاوة على ذلك، الأكاديمية مسؤولة عن تنظيم الجناح المصري في “بينالي فينيسيا”. وتقديم الرعاية والدعم للفنانين المصريين الحاصلين على جوائز الدولة للإبداع.
ما آلية تعزيز صورة مصر الثقافية عالميًا؟
الأكاديمية تمثل نافذة مشرقة لمصر؛ حيث تسلط الضوء على الهوية المصرية بجوانبها المختلفة.
نُقدم البرامج والأنشطة المتنوعة، التي تشمل معارض الفن التشكيلي، والموسيقى، والنحت، والغناء، والحفلات، والمؤتمرات، والندوات.
إلى جانب ذلك، الأكاديمية تضم متحفًا يبرز مستنسخات أثرية لتوت عنخ آمون، وهو ما يجذب العديد من الزوار يوميًا.
هذا المتحف له أهمية خاصة، لأن علم المصريات يُدرس في المراحل الدراسية الأولى بإيطاليا، والمعلمون والأطفال مهتمون بزيارة المتحف للتعرف على الحضارة المصرية عن قرب.
الأكاديمية لا تقتصر على كونها مكانًا للأنشطة الثقافية فقط، بل مساحة تتيح للحضارة المصرية أن تكون جزءًا من الحوار الثقافي العالمي.
هل يؤثر الفن كحلقة وصل بين الشعوب؟
الفن لغة عالمية، وهو أداة قادرة على جمع الناس وتوحيدهم رغم اختلافاتهم. في كل مجتمع هناك ثقافات وعادات مختلفة، لكن الجميع يستطيع أن ينجذب للجمال الذي يقدمه الفن.
إنه وسيلة لترسيخ قيم السلام والتفاهم، لأنه يعبّر عن الجمال بشكل يسمو فوق الخلافات السياسية والدينية والاجتماعية.
عندما يتفاعل الناس مع عمل فني، سواء كان لوحة، أو قطعة موسيقية، أو عرضًا مسرحيًا، يشعرون بأنهم جزء من رسالة مشتركة. هذا ما يجعل الفن أداة قوية لإقامة حوار بين الثقافات المختلفة، فهو يحمل في طياته قيمًا إنسانية مشتركة.
كيف ترين تأثير رؤية السعودية 2030 في المشهد الفني والثقافي؟
رؤية السعودية 2030، أحدثت نقلة نوعية في المجال الفني والثقافي، وأصبحت المملكة نموذجًا يحتذى به في تطوير المشهد الثقافي.
الفعاليات الكبرى مثل “موسم الرياض” والمهرجانات الثقافية والجوائز الدولية أظهرت التزامًا كبيرًا بدعم الفن والإبداع.
كما أن هيئة الترفيه في السعودية لعبت دورًا كبيرًا في إثراء المشهد الفني؛ حيث دعمت الإنتاج السينمائي، والتلفزيوني، والمسرحي.
اليوم نرى أسماء سعودية تظهر عالميًا، ونشهد تزايدًا في الأنشطة الثقافية التي تُبرز الهوية السعودية وتؤكد انفتاحها على العالم.
ماذا عن دور المرأة السعودية في تطور الحركة الفنية بالمملكة؟
المرأة السعودية أثبتت حضورها القوي في جميع المجالات، بما في ذلك الفنون. ومن خلال توليها مناصب قيادية، أصبحت قادرة على اتخاذ قرارات تدعم المشهد الثقافي والفني.
كما أن إبداع المرأة السعودية يظهر بوضوح في الأعمال الفنية التي تُقدم، سواء في الأدب، الشعر، الرسم، التمثيل أو الموسيقى. المرأة تعبر دائمًا عن قضايا مجتمعها وتوثق أوجاعه وآماله. هذا الوعي يجعلها شريكًا حقيقيًا في تطوير الحركة الفنية وتعزيز مكانة الفن السعودي عالميًا.
ما أهمية التراث المحلي في تقديم أعمال فنية مبتكرة؟
التراث هو مصدر لا ينضب للإلهام والإبداع. الدول العربية عامة، والسعودية خصوصًا، تمتلك إرثًا ثقافيًا غنيًا ومتنوعًا.
الوصول إلى العالمية يبدأ من المحلية؛ عندما نُبرز هويتنا الثقافية ونعتز بها، نصبح قادرين على تقديم أعمال فنية تميزنا عن غيرنا. التراث يمثل أساسًا صلبًا لإبداع فني مبتكر، ويمكن أن يكون جسرًا للانتقال من المحلية إلى العالمية.
كيف ترين مستقبل الفن السعودي خلال العقد المقبل؟
مع الانفتاح الثقافي الكبير الذي تشهده المملكة، أعتقد أننا سنرى ظهور مواهب سعودية جديدة على مستوى عالمي. الشباب السعودي يتفاعل الآن مع الفنون بشكل أوسع، سواء من خلال المهرجانات، أو ورش العمل، أو التعليم.
الفن ينتشر كعدوى إيجابية، كلما زاد انكشاف الناس عليه، زاد حبهم له ورغبتهم في ممارسته. خلال السنوات القادمة، سنشهد المزيد من الإبداعات التي تعكس تطور الحركة الفنية في المملكة وتضعها في مكانة بارزة على الساحة العالمية.
ماذ دور الفن كأداة للتغيير الاجتماعي؟
الفن هو القوة الناعمة التي تعلم، وتغير، وتقرب بين الناس. من خلاله، يمكننا معالجة قضايا اجتماعية، وتعليم قيم جديدة، وتحفيز الحوار حول مواضيع حساسة.
إذا أُحسن استخدام الفن، فإنه يصبح أداة فعالة للتأثير في المجتمع ودفعه نحو التغيير الإيجابي. علينا أن نستخدم هذه الأداة بحكمة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
كلمة أخيرة.. إلى من توجهينها؟
أوجه دعوة للجميع، وخاصة الشباب، لاحتضان الفنون بكل أشكالها. الفن ليس له قيود أو شروط؛ هو مساحة تعبير وإبداع يستطيع كل فرد أن يجد فيها نفسه. أتمنى أن نرى مزيدًا من الإبداعات في العالم العربي؛ لأننا نمتلك ثراءً ثقافيًا يميزنا عن بقية العالم. الفن هو طريقنا لإبراز هذا التميز.