لا يعد نوم الطفل، بعدد ساعات كاف في الليل، فقط لمجرد الراحة الجسدية، بل لأنه من أهم عوامل نمو مخه وجسده، خاصة في مرحلتي الطفولة والمراهقة.
كتبت- صبحة بغورة:
يؤدي هرمون “الميلاتونين” في جسم الإنسان وظيفة تنظيم معدل النوم والموازنة بين الراحة والنشاط ثم تهيئة الجسم لدخول مرحلة غلبة النعاس وصولًا إلى الاستغراق في النوم.
وقد ظهر حديثًا الاهتمام المتزايد بـ”طب النوم” من خلال الدراسات العديدة التي تناولت العلاقة بين معدلات النوم الجيدة ونمو المخ لدى الأطفال.
وأشارت بقلق إلى التأثير السلبي لتعرض الطفل لأي إضاءة قوية وقت النوم؛ حيث تزيد احتمالات صعوبات النوم. ومن ثم تغير المعدل الطبيعي للنوم، بسبب الانخفاض الحاد في مستويات هرمون “الميلاتونين” نتيجة للتعرض للضوء، مهما كانت مدته.
والمفارقة أنه يمكن أن يؤدي التعرض لشاشات التلفزيون. ذات الضوء الشديد، قبل النوم ولو لساعة كاملة إلى نفس النتيجة. ويمكن أن تبلغ نسبة الانخفاض لدى الصغار 90%.
ولاحظ الباحثون أن التثبيط الكبير لمستوى “الميلاتونين”. يكون نتيجة التأثر بأي شدة إضاءة مهما كانت خافتة مع اختلاف نسبة التأثر.
وكشفت الدراسات التي جرت على 36 طفلًا، تأثرهم خلال النوم بشدة إضاءة تبلغ 5 لوكسات. ويعرف اللوكس “Lux”، الواحد بأنه الضوء المنبعث من شمعة تبعد نحو 3 أقدام.
وقد لوحظ انخفاض هرمون “الميلاتونين” بنسبة تتراوح بين 70 و99 بالمائة، وأن مستويات “الميلاتونين” لم تعد لمعدلاتها لطبيعية. إلا بعد 50 دقيقة من إطفاء الضوء.
وهذا يعني ضرورة أن تكون الإضاءة في غرفة الطفل خافتة قبل موعد نومه بساعة على الأقل. وعدم مشاهدته لشاشات التلفزيون.
ويحبذ أن يكون التلفزيون بعيدًا عن غرفة نوم الطفل؛ لأن عيون الأطفال أكثر حساسية للضوء. بسبب التكوين التشريحي للعين في الطفولة. حيث تكون حدقة العين أكثر اتساعًا والعدسات أكثر شفافية من البالغين.
وبالتالي يكون نفاذ الضوء إلى العين بشكل أكبر حجمًا وأكثر تأثيرًا. وهذه الحساسية للضوء في هذا لوقت المبكر من العمر تجعل الطفل معرضًا. أكثر من غيره للإصابة بخلل في معدلات النوم والاستيقاظ الطبيعية.
وعادة يعمل الجسم على تنظيم النشاط اليومي للإنسان من خلال الارتباط بمعدل معين للهرمونات يناسب النوم واليقظة، بحيث يجري إفراز الهرمونات التي تساعد على التركيز، مثل: الأدرينالين والكورتيزون في فترة الصباح، وإفراز الهرمونات التي تساعد على الاسترخاء مثل “الميلاتونين” ليلًا.
وفي حال حدوث تغيير في مواعيد النوم، يحدث تغير وانعكاس لموعد إفراز هذه الهرمونات. ليناسب الوضع الجديد، مثل الذين يعملون دائمًا ليلًا ويستريحون نهارًا.
الضرورة الصحية تقتضي اهتمام كل أبوين، بنوم أطفالهم وعدم ارتباط موعده بنوم آبائهم. فهناك ساعات يجب أن يحصل عليها كل طفل بما فيها ساعات القيلولة. وهي من 10 إلى 13 ساعة في مرحلة ما قبل الدراسة.
ويجب أن يعتبر الآباء أن النوم جزء من النمو الطبيعي للطفل، لذلك؛ لا يجب أن يلقي الآباء بالًا لما قد يدعيه الطفل من وجود مشكلة لديه في النوم. بسبب خوفه من الظلام. وهو ما يؤدي به إلى ترك النور مضاء في غرفته. والواجب أن لا تترك الأم النور ليلًا في غرفة طفلها، لكي ينعم بنوم هادئ ومريح؛ إذ إن تركه مضاء سيؤذي الطفل كثيرًا.
ويبدو أن التحذير من خطورة تأثير الضوء في جودة النوم يشمل أيضًا البالغين والكبار. حيث أثبتت دراسات طبية حديثة أن هناك علاقة أكيدة بين البيئة المظلمة في أثناء النوم وبين تراجع الإصابة بأمراض القلب والسكري.
ونصحت دراسة أعدتها جامعة “نورث ويسترن” الأمريكية من يفضلون النوم. وسط الأضواء أنه يتعين عليهم تغيير هذه الأدة سريعًا. مؤكدة أن إطفاء جميع الأنوار وإسدال الستائر قبل النوم. يمكن أن يقلل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري. إذ لا يستطيع الجسم أن ينعم بالراحة بشكل صحيح عندما يكون الضوء قويًا. مما يتسبب في ارتفاع معدل ضربات القلب.
وهناك من يشير إلى أنه حتى الإضاءة الخافتة من مصادر طبيعية أو اصطناعية في أثناء النوم. يمكن أن تضر بوظيفة القلب والأوعية الدموية، وتزيد من مقاومة الأنسولين.